مصير مخطوطات رفاعة الطهطاوي المفقودة: هل تلاشت أصول التراث المصري
تسود محافظة سوهاج حالة من القلق والحيرة في أوساط المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي، وذلك بسبب عدم عودة 118 مخطوطًا أثريًا من تراث رفاعة الطهطاوي إلى قصر ثقافة طهطها بمحافظة سوهاج التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة
وعلى الرغم من وعود وزارة الثقافة بإعادة المخطوطات منذ عام 2018، إلا أن الموقف لا يزال غامضاً، الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة حول مصير هذه القطع الثقافية الثمينة.
الوعود التي لم تُنفَّذ
وتقول منى الشريف، كاتبة مهتمة بالتراث الثقافي: “لقد انتظرنا سنوات طويلة للعودة الوشيكة للمخطوطات، والآن بعد مرور أكثر من ست سنوات، نشعر بالإحباط الشديد”.
وأكدت منى أن الثقافة المصرية غنية ومتنوعة، ومن الضروري إعادة إستثمار هذه الأصول الثقافية بدلاً من تركها دون استغلال.
آراء مختصين في التراث الثقافي
ويشير الدكتور عماد فوزي، أستاذ التاريخ بإحدي الجامعات المصرية، إلى أن الحفاظ على التراث ليس مجرد واجب ثقافي، بل هو جزء من الهوية الوطنية. “المخطوطات ليست مجرد أوراق، إنها تاريخ وتجارب وذاكرة أمة. إن إهمالها يعني أننا نتجاهل جزءًا من تاريخنا”.
ويتابع الدكتور فوزي: “هناك حاجة لفتح تحقيق رسمي لكشف الغموض المحيط بمصير هذه المخطوطات، إن لم يكن هناك تواصل جاد مع الجهات المعنية”.
المخاوف بشأن اختفاء المخطوطات
تشهد الفترة الحالية تقارير متزايدة حول احتمالية اختفاء بعض المخطوطات. يقول أحمد مختار، ناشط ثقافي: “إذا كانت هناك مخاوف من اختفاء بعض المخطوطات، فهذا أمر يتطلب تحقيقًا شفافًا”.
ويتابع: “نحن أمام فرصة للحفاظ على هويتنا الثقافية، لذلك يجب أن يتم تحريك هذا الملف بجدية”.
الآمال في الإنجازات الثقافية
على الرغم من إنجازات وزارة الثقافة الأخيرة، مثل افتتاح متحف نجيب محفوظ، يظل غياب المخطوطات مشكلة تؤرق المثقفين.
وتقول سعاد هلال، مهندسة معمارية وباحثة في الثقافة المصرية: “لماذا يتم فتح متاحف جديدة في الوقت الذي لا نؤمن فيه ما لدينا من تراث؟”.
وتضيف: “متحف سوهاج هو حلم كثيرين، ولكن هذا الحلم لن يتحقق بدون أن تُعاد المخطوطات. يجب أن تكون الأمور متوازنة”.
نداءات المثقفين للحفاظ على التراث
توجه مجموعة من المثقفين والمثقفات بنداءات للجهات المختصة للعمل على إعادة المخطوطات. يقول حسن علي، كاتب ومؤرخ: “نناشد وزارة الثقافة والجهات المعنية بضرورة إيلاء أهمية قصوى لأولئك المخطوطات حتى تعود إلى سوهاج، فالتطوير والتميز الثقافي يبدأ من صيانة التراث”.
ويتابع: “علينا أن نكون حراسًا للتراث الثقافي، وإذا كانت وزارة الثقافة تسعى لتحقيق النجاح، فلتبدأ بإعادة ما فقدته”.
الإجابة عن تساؤلات المواطنين
يتطلع الجمهور أيضًا إلى الحصول على إجابات واضحة. وتقول ليلى عادل، ربة منزل من سوهاج: “يوجد قلق دائم بين الأسر بشأن ثقافتهم وما يتحتم الحفاظ عليه. يجب أن يعرف الناس تفاصيل دقيقة عن المخطوطات المفقودة”.
وتضيف: “نتمنى أن تبادر وزارة الثقافة بتقديم توضيحات عبر الوسائل المناسبة”.
بينما يسعى المثقفون في مصر إلى استثمار الأصول الثقافية الغنية للبلاد، تظل الأوضاع في محافظة سوهاج محط جدل وقلق بعد فقدان 118 مخطوطًا أثريًا يعود لتراث رفاعة الطهطاوي.
ورغم مرور أكثر من ست سنوات على وعد وزارة الثقافة بعودة هذه المخطوطات بعد الترميم، لا تزال المخاوف تتزايد حول مصيرها، خصوصًا في ظل الشكوك حول عدم أمان قصر ثقافة طهطا لحفظها. فهل تتمثل المشكلة في غياب الشفافية، أم أن هناك مؤامرة خفية لإخفاء جزء مهم من التراث المصري؟
خلفية عن المخطوطات
ترتبط المخطوطات بتراث رفاعة الطهطاوي، عالم ومؤرخ ومفكر بارز في القرن التاسع عشر، الذي ساهم في إدخال الثقافة الحديثة إلى الفكر المصري.
وعندما تم نقل هذه المخطوطات إلى القاهرة في يناير 2018 لغرض الترميم، كان الأمل يحدو المثقفين والإداريين بأن تُعَاد إلى سوهاج أخيرًا، لكن هذا الأمل لم يتحقق بعد.
وتشمل المخطوطات موضوعات متعددة: الأدب، العلوم، والتاريخ، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المصرية.
ويقول الدكتور عادل صبح، مؤرخ ثقافي: “محافظة سوهاج كانت وعاءً غنيًا للثقافة، وفقدان هذه المخطوطات يعد ضربة قوية لتراثنا”.
المخاوف من مصير المخطوطات
وتُشير التقارير إلى أن المخطوطات لم تعد إلى سوهاج بعد، مما أثار قلق المثقفين والناشطين في المجال الثقافي.
وتقول صفاء عبدالرحمن، ناشطة ثقافية: “إن استمرار بقائها في القاهرة دون مصير معروف يزيد من قلقنا. نحن بحاجة إلى شفافية ومعلومات واضحة حول مكان وجودها”.
وتؤكد أيضًا: “هناك شعور بأن هذه المخطوطات قد لا تعود بسبب عدم تقدير السلطات لأهمية التراث الثقافي. ورغم الإنجازات التي تعلن عنها وزارة الثقافة، إلا أن ما يهمنا هو عدم فقدان هويتنا الثقافية”.
الشبهات والاتهامات
تزداد الشكوك حول مصير المخطوطات مع ورود أنباء عن احتمال بيعها. هناك شبهات حول مسئول قيادي سابق في الهيئة العامة لقصور الثقافة شهرته “بكار”، ذُكر أن لديه علاقة ببيع المخطوطات لدول مثل الإمارات والكويت.
ويقول أيمن الزناتي، ناشط ثقافي: “يمثل هذا الأمر فضيحة كبرى! نحن نتحدث عن تراث أمة بأسرها، ولا يمكن لأحد أن يتغاضى عن هذا الأمر”.
ويُضيف: “إذا كان هناك من يبيع تراثنا، يتوجب علينا كأفراد ومثقفين رفع الصوت والمطالبة بالتحقيق وإعادة المخطوطات”.
صوت المثقفين
على الرغم من الحيرة والفوضى، يعمل المثقفون والمحافظون على الثقافة على إبداء رأيهم حول أهمية هذه المخطوطات.
حيث يقول الكاتب والشاعر محمد غنيم: “علينا أن نقاوم محاولات تهميش تراثنا الثقافي. المخطوطات ليست مجرد أوراق، بل هي ذاكرة الأمة”.
ويؤكد: “يجب أن نقوم بجمع الجهات المعنية، بما في ذلك إدارة الثقافة المحلية، لحماية هذا التراث، وذلك من خلال عقد مؤتمرات وندوات تسلط الضوء على أهمية العودة السريعة لهذه المخطوطات”.
دور الحكومة ووزارة الثقافة
وفي إطار هذا الجدل، تقوم وزارة الثقافة بترويج إنجازاتها في مجالات أخرى، مثل تطوير القصور الثقافية والمسرح. ولكن، يبقى الهاجس الرئيسي هو عدم عودة المخطوطات.
الدكتورة هالة المصري، أكاديمية في جامعة القاهرة، تتحدث قائلة: “إن إنجازات الثقافة يجب أن تشمل استرجاع التراث المفقود. من غير المقبول أن نقول إننا نعمل في الثقافة بينما نترك تراثنا ينقلب إلى ظلال”.
كما تشير إلى أن ترك هذا الملف مفتوحًا قد يؤجج من مشاعر الإحباط لدى المواطنين، خاصةً المثقفين الذين يحرصون على رؤية التراث المصري محفوظًا ومروجًا له.
المطالب الشعبية
ومن بين الأصوات التي نادت بضرورة التعجيل بعودة المخطوطات، كانت هناك مطالبات من المواطنين بالتعاون مع الحكومة والجهات الثقافية.
ويقول حسام شديد، أحد أبناء سوهاج: “نحن نحتاج إلى صرخات من النخبة وكافة المواطنين للمطالبة بعودة هذا التراث إلى موطنه. المخطوطات هي جزء من هويتنا الثقافية”.
وتُبرز هذه المطالب أهمية وجود حركة شعبية تدعو للحفاظ على التراث ومواجهات محاولات إخفائها.
التصورات المستقبلية
فيما يظل مصير المخطوطات مجهولاً، تشير العديد من الأصوات إلى أهمية التوعية بأهمية التراث الثقافي.
حيث يبرز الناشط الثقافي طارق عبيد أهمية العمل على التوعية: “يجب تنظيم ورش عمل ودورات تعليمية لتعريف الأجيال الجديدة بأهمية الحفاظ على تراثنا. إذا لم نحتفظ به، لن نتمكن من الاستفادة منه بشكل أو بآخر”.
الجانب القانوني
استنادًا إلى الآراء القانونية، قد يكون اتخاذ إجراءات قانونية لتعقب المخطوطات المسروقة هو الخيار المتاح.
ويقول المحامي سمير العبد: “إذا تم التحقق من شبهات ببيع المخطوطات، يجب اتخاذ إجراءات قانونية عاجلة لاستردادها. ونحن بحاجة إلى حماية حقوقنا الثقافية”.
خاتمة:
كلما طالت فترة عدم عودة 118 مخطوطًا أثريًا تراثيًا من رفاعة الطهطاوي، تظل الهوية الثقافية لمصر مهددة. الوقت يمر، والقلق يتزايد، لكن الوعي المستمر والدعوات الشعبية يمكن أن تساعد في إعادة الأمور إلى نصابها. إنه اختبار للجهات المختصة وللمجتمع ككل للتأكيد على أهمية التراث والحفاظ عليه، لأنه في النهاية يعبر عن هوية وثقافة الأمة. ينبغي علينا جميعًا أن نتعمل كفريق واحد لاستعادة ما هو ملك لنا، وليست مغامرة سرقة تاريخنا أمرًا نوجه له تسامحًا.