مصر

450 ألف طالب في الأزهر: اختيار الآباء بين التعليم الأزهري والمدارس العادية

في تطور غير مسبوق، شهد الأزهر الشريف إقبالًا متزايدًا على مدارسه، حيث ارتفع عدد الملتحقين بالمدارس الأزهرية في العام الدراسي الحالي إلى أكثر من 450 ألف طالب.

وهذا الإقبال التاريخي يثير تساؤلات عديدة بين أولياء الأمور حول: هل ينبغي عليهم تسجيل أبنائهم في المدارس الأزهر الشريف، أم اختيار المدارس العادية

الإقبال على الأزهر: الأسباب والدوافع

تُعتبر مدارس الأزهر من أقدم وأعرق المؤسسات التعليمية في مصر والعالم الإسلامي. ورغم شكاوى بعض الأهالي من المناهج الدراسية، إلا أن الزيادة في عدد الملتحقين تعكس جانبًا آخر.

ويقول الدكتور حسن عبد الله، أستاذ التربية في جامعة الأزهر: “هذا الإقبال يعكس رغبة الأسر في تعزيز القيم الدينية لدى أبنائهم، واعتقادهم بأن التعليم الأزهري يوفر لهم أساسًا قويًا في العلوم الدينية والعربية”.

أضاف عبدالله: “التعليم الأزهري يتناول الجوانب الدينية واللغوية، مما يُزيد من حماس الآباء لتسجيل أبنائهم في تلك المدارس”.

المدارس العادية: تحديات ومزايا

بينما يُقبل العديد من الأهالي على التعليم الأزهري، يفضل آخرون المدارس العادية.

تقول أمينة يوسف، ربة منزل: “أريد أن أُعلم أبنائي المناهج الحديثة، العلوم والرياضيات، وطبيعة الحياة المعاصرة. أعتقد أن التعليم العادي يوفر لهم فرصًا أفضل في المستقبل”.

لكنها تُضيف: “في الوقت نفسه، لا أريد أن يفقد أبنائي هويتهم الدينية، ولهذا أُفكر في إدخالهم في برنامج تعليم ديني بعد المدرسة”.

تسجل المدارس العادية أيضًا إقبالًا ملحوظًا، رغم ذلك، فإن نوعية التعليم والبيئة يُعتبران من العوامل المؤثرة في اختيار الآباء.

تجارب المواطنين: قصص ملهمة

يتباين تقييم أولياء الأمور بشأن مدارس الأزهر. يقول أحمد سلام، موظف حكومي: “أدخلت أبناءي الأزهر الشريف على أمل أن يتعلموا القيم الدينية بشكل صحيح. أؤمن بأن العلم والدين يسيران جنبًا إلى جنب”.

تستمر مشاعر الفخر مع عائلة سلام، حيث يعتبر والد الأطفال أن الأزهر هو الحصن الذي يحمي أبنائه من الانحراف.

بينما تشير أم عبدالله، ربة منزل: “عندما أمضى ابني في الأزهر، أدركت أنه قد تعلم الكثير عن دينه، وأظهر انضباطًا وشغفًا للعلم”.

آراء المختصين: التعليم في عيون الخبراء

يتحدث الدكتور سامي عبدالمنعم، خبير التعليم: “هناك تباين في المناهج، فكل نظام له ميزاته. المدارس العادية تتيح للطلاب التعرف على العالم الحديث، بينما الأزهر يُقدم لهم رؤية معمقة للدين وحياتهم الاجتماعية”.

بينما يُبرز أن “اختيار بين النظامين يتطلب فهمًا عميقًا لاحتياجات الأطفال”. بعض الدراسات تُظهر أن التعليم الأزهري يمكن أن يُسهم في تعزيز الانتماء وتعليم القيم الإنسانية، وهو أمر يُعتبر في غاية الأهمية في ظل تزايد التحديات.

التحديات التي تواجه التعليم الأزهري

لكن رغم الإقبال، هناك تحديات تُعاني منها المدارس الأزهرية. يقول محمد زكريا، معلم بالأزهر: “هناك حاجة لتطوير المناهج لتواكب العصر الحالي. نحتاج إلى التعليم التفاعلي والتطوير المهني للمعلمين”.

تُعتبر الأساليب التعليمية القديمة والتي لازالت تُعتمد في العديد من المدارس الأزهرية مانعًا أمام جذب طلبة جدد.

المدارس العادية: مناهج حديثة ولكن …

من جهة أخرى، لا تُخفي المدارس العادية أيضًا عيوبها. تقول هالة حمد، معلمة في مدرسة حكومية: “أحيانًا تعاني المدارس من نقص في الموارد، والمناهج لا تحتوي على الجانب العملي الكافي”.

لكن هالة تؤكد أن “التعليم العادي يُعد خيارًا جيدًا لطموحات أبنائنا، فالمنافسة في عالم اليوم تحتاج إلى معرفة شاملة وعالمية”.

خيارات متعددة في زمن يتغير بسرعة

بينما يتزايد عدد الملتحقين بمدارس الأزهر الشريف، يظهر صراع حقيقي بين التعليم الأزهري والمدارس العادية لدى العديد من أولياء الأمور. حيث يسعى الآباء لتحقيق توازن بين القيم الدينية والمناهج التربوية الحديثة.

يبدو أن الخيار النهائي يُعتمد بشكل أساسي على احتياجات الطلاب وأفكار الأهل. إذ تعتبر كل من المدارس الأزهرية والعادية موهبة للأذهان، ولكن الموازنة بين القيم والمعرفة تظل القضية الكبرى التي على الأهالي أن يواجهوا القرار بشأنها.

في الأخير، يبقى الخيار بين التعليم الأزهري والتعليم العادي مسألة تخص كل أسرة على حدة. وهذا التمسك بالقيم والحضارة الإسلامية في مؤسسات الأزهر بينما يظل التوجه نحو التعليم العصري في المدارس العادية خيارًا يُفكر به الكثيرون.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى