تكنولوجيا

كيف أثرت السوشيال ميديا على الحياة السياسية والاجتماعية في مصر

في عصر المعلومات، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي قوة لا يستهان بها تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل الواقع المعاصر.

في مصر، تغيَّرت مشاهد الحياة السياسية والاجتماعية من خلال هذه المنصات، مما يثير تساؤلات حول تأثيرها الإيجابي والسلبي على المجتمع. هذا التحقيق يتناول مدى تأثير هذه الشبكات على المواطنين، وكيف ساهمت في تشكيل أراءهم وتوجهاتهم

وسائل التواصل الاجتماعي: منصة جديدة للتعبير

منذ أحداث 25 يناير 2011، أثبتت وسائل التواصل الاجتماعي أنها أدوات قوية للتعبير عن الرأي.

ويقول أسامة، أحد نشطاء السياسة: “تُعتبر الوسائل مثل فيسبوك وتويتر منصات حيوية لنقل الرسائل السياسية وتوجيه النقاشات العامة”.

ويضيف: “استطاعت هذه المنصات جمع المواطنين، وإشراكهم في الحوار الوطني”.

الدور السياسي: من السوشيال ميديا إلى الشارع

تستخدم الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل مع المواطنين وتحفيزهم على المشاركة في الحياة السياسية.

ويقول الدكتور شريف النحاس، أستاذ علم الاجتماع: “كانت هذه المنصات بمثابة محرك للتغيير، وتسهيل الحوار بين المجتمع والمؤسسات”.

ومع ذلك، يأتي تأثير هذه الشبكات مع الكثير من المخاطر. يشير المحللون إلى أن المعلومات المغلوطة تنتشر بسرعة عبر هذه المنصات، مما يؤثر على آراء الناس.

وتقول سعاد، وهي مواطنة مهتمة بالشأن السياسي: “أصبح من الصعب تحديد المعلومات الصحيحة. الكثير من الأخبار التي أراها على الإنترنت تكون مضللة”.

الإعلام البديل: الأمل والتحديات

تعد وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا من الإعلام البديل، التي فتحت آفاقًا جديدة للمحتوى غير التقليدي. ومع انخفاض مصداقية الإذاعة والتلفزيون في نظر الكثيرين،

بدأ الناس في الاعتماد على المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي كمصادر للمعلومات.

ويقول الدكتور حسام علي، خبير في الإعلام: “أصبح الإعلام البديل ينافس الإعلام التقليدي بشكل حقيقي، ولكن مع ذلك نحتاج إلى التأكد من الموضوعية”.

الأثر الاجتماعي: تفاعل واستقطاب

تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على الروابط الاجتماعية، حيث تسهم في تجميع الأصدقاء والعائلات، لكنها في الوقت نفسه تعزز الاستقطاب بين الفئات المختلفة.

ويقول محمد، طالب جامعي: “وسائل التواصل كانت تتيح لنا مناقشة مواضيع جديدة، لكنها أيضًا جعلت النقاشات تجري بين الحماعات فقط دون التفاعل مع الآخرين”.

التكنولوجيا والسلوك المدني: أداء المواطنين

وتُعزز منصات التواصل الاجتماعي الوعي بالمشاركة السياسية، ولكنها قد تعزز أيضًا سلوكيات سلبية.

وتشير دراسة أعدها مركز دراسات سابقة إلى أن بعض المدونين يساهمون في نشر الكراهية والانقسام بدلاً من تعزيز النقاش البناء.

ويقول أحمد، ناشط في حقوق الإنسان: “يجب أن نكون واعين لدورنا في بناء مجتمعنا بدلاً من استخدام هذه المنصات للتجريح والإساءة”.

حالة الأمان: بين الحرية والرقابة

تواجه وسائل التواصل الاجتماعي في مصر تحديات كبيرة في ظل القوانين واللوائح المفروضة عليها. يشعر الكثير من المستخدمين بالقلق حيال الخصوصية والرقابة.

وتقول مريم، مستخدمة نشطة لوسائل التواصل: “أشعر أحيانًا أنني تحت المراقبة. احتمالية التعرض للمسائلة تبقي الكثير من الناس حذرين في التعبير عن آرائهم”.

الجيل الجديد: ذاكرة رقمية

يظهر تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تكوين هوية الجيل الجديد. تخبرنا ليندا، طالبة في المدرسة الثانوية: “نحن نستخدم الوسائل لتبادل الأفكار والتعبير عن أنفسنا.

وهو جزء من حياتنا اليومية، الأمر يتعلق بالمشاركة في مجتمعاتنا بشكل مختلف”. يؤكد هذا الجيل أنه يسعى لتحقيق التغيير عبر هذه المنصات.

التوجيه المستقبلي: نحو نقاشات حقيقية

وتتطلب حالة الاستقطاب والرأي العام في المجتمع في مصر حوارًا جادًا. يجب أن تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى مناقشات عقلانية، بعيدًا عن الانقسامات.

وتوصي الناشطة هالة عبدالله بضرورة التركيز على التعليم والنقاشات الجماعية لتحسين نوع المحتوى المتداول: “علينا أن نشجع الحوار البناء والمثمر”.

التحول الجذري أم الانقسام المستدام؟

وتُظهر دراسة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الحياة السياسية والاجتماعية في مصر مدى تعقيد هذا الأمر.

بينما تُعطي هذه المنصات صوتًا للمواطنين، فإنها أيضًا قادرة على تعزيز الانقسام والفوضى إذا لم تُستخدم بشكل إيجابي.

إن تحسين معايير التعليم وزيادة الوعي الثقافة الإعلامية يعتبر حجر الزاوية لمستقبل أكثر استقرارًا في ظل وسائل التواصل الاجتماعي.

ويجب أن نتكاتف جميعًا كمجتمع لمواجهة التحديات المتعلقة بالهويات والآراء، ولتعزيز الحوار البناء الذي يخدم المجتمع ككل. في نهاية المطاف، يجب أنلتزم بدورها كوسيلة لتحقيق المساواة والعدالة، لا كأداة للاحتكار والإقصاء.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى