المرأة المصرية: قوة لا يُستهان بها في السياسة والاقتصاد لكن هل تواجه تحديات تهدد انتصاراتها
لطالما كانت المرأة في المجتمع المصري رمزًا للقوة والعطاء، حيث تلعب دورًا حيويًا في الحياة السياسية والاقتصادية.
ويتناول هذا التحقيق دور النساء وأهمية وجودهن في مختلف المجالات، فضلاً عن التحديات التي يواجهنها في رحلة السعي لتحقيق المساواة والتمكين.
النساء في الحياة السياسية: أصوات قوية ولكن قيد
وتشكل النساء جزءًا مهمًا من المشهد السياسي المصري. حيث تسجل الأرقام أن النساء يشغلن نحو 27% من مقاعد البرلمان، وهو ما يُعتبر إنجازًا يعكس جهود الدولة والمجتمع المدني لتحقيق المشاركة السياسية.
وتقول الدكتورة منى عبد الرحمن، ناشطة سياسية: “الوجود النسائي في البرلمان يُعتبر أداة لتغيير السياسات. ونحن نسعى لبناء مجتمع أفضل من خلال قوانين تدعم حقوق النساء والأطفال”.
وفي المقابل، تشير تقييمات كثيرة إلى أن هناك حاجة لتوسيع مشاركة النساء في صنع القرار.
وتقول فاطمة زكريا، ناشطة سياسية: “نحتاج إلى جعل القرار السياسي أكثر شمولية. وجود النساء فقط في المناصب لا يعني فعالية أصواتهن”.
التمكين الاقتصادي: من التحديات إلى الفرص
تعتبر النساء قوة دافعة في الاقتصاد المصري، حيث تشارك في العديد من القطاعات الحيوية مثل الزراعة والتجارة والخدمات.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات عدة تواجههن. يقول أحمد السعيد، خبير اقتصادي: “المرأة تمثل نصف القوة العاملة، لكنهن يواجهن عقبات كبيرة مثل الفجوة في الأجور والتوزيع غير العادل للموارد”.
وتظهر الدراسات أن النساء يمثلن نسبة مرتفعة من الموظفين في القطاع غير الرسمي، حيث يعاني الكثير منهن من عدم الأمان الوظيفي.
وتشارك سلوى، ربة منزل، تجربتها في العمل: “اضطررت للعمل في عدة وظائف صغيرة لتأمين احتياجات عائلتي، لكن الأجر كان ضعيفًا ولم يكن هناك أمان”.
التحديات الثقافية والاجتماعية: قيد على الفرص
تواجه النساء مجموعة من التحديات الثقافية التي تحد من مشاركتهن. حيث يُمارس ضغط اجتماعي قوي على النساء لتحقيق التوازن بين العمل ورعاية الأسرة.
وتقول الدكتورة يسرا الطنطاوي، أستاذة علم الاجتماع: “يُعتبر هذا هو أحد أكبر العقبات. والنساء يتحملن أعباء مزدوجة مما يجعل من الصعب تحقيق طموحاتهم المهنية”.
وتؤكد الدراسات النفسية أن إيمان الأسر بمسؤوليات الرجال والنساء التقليدية يظل قويًا، مما يعوق تطور النساء في المجتمع.
الجهود الحكومية: خطوات نحو التغيير
وتسعى الحكومة المصريّة إلى دعم دور النساء وتحقيق المساواة من خلال عدة مبادرات. تم إطلاق العديد من البرامج التي تهدف إلى تمويل المشروعات الصغيرة التي تديرها النساء،
ويؤكد الدكتور عادل مختار، خبير التنمية: “يجب أن تستمر الجهود الحكومية في تعزيز الوعي بأهمية تمكين النساء اقتصاديًا”.
ولكن الكثيرات من النساء لا يعرفن عن هذه البرامج أو لا يتلقين الدعم الكافي للمشاركة فيها.
وتشير ابتسام، رائدة أعمال صغيرة، إلى أنها واجهت صعوبات في التقدم للحصول على القروض بسبب نقص المعلومات.
أصوات نسائية ملهمة: قصص نجاح
على الرغم من التحديات، لا تزال هناك نساء قادرات على تحقيق النجاح. قصة نجلاء، وهي سيدة أعمال ناجحة، تجسد الإرادة والتحدي.
وتقول نجلاء: “بدأت مشروعي من الصفر، وقد واجهت العديد من العقبات. اليوم، أشغل حوالي 50 موظفًا وأحاول تمكين نساء أخريات لدخول سوق العمل”.
تُعكس قصص النجاح هذه الإصرار والقوة التي تميز النساء في المجتمع المصري، وتُعتبر مصدر إلهام للعديد من الشابات.
التعليم كحق: سبل التقدم
يعتبر التعليم أحد القضايا الأساسية لتحسين وضع النساء في المجتمع. ويشير الدكتور حسام مصطفى، خبير تربوي، إلى أن “تحسين جودة التعليم لدى الفتيات سيساهم بشكل كبير في إبعادهن عن قيود الفقر والتمييز”.
وتُظهر الأبحاث أن ما يقرب من 25% من الفتيات في المناطق النائية لا يتلقين التعليم، مما يعيق فرصهن في تطوير مهاراتهن والمشاركة في الاقتصاد.
وتعبر سارة، طالبة ثانوية، عن تطلعها: “أريد أن أكمل تعليمي لأحصل على وظيفة جيدة وأحقق طموحاتي”.
الجمعيات النسائية: دعم وتمكين
تسهم الجمعيات النسائية بشكل كبير في دعم حقوق المرأة وتعزيز وضعها الاجتماعي والاقتصادي.
وتُجري الكثير من هذه المؤسسات برامج تدريبية وورش عمل لتمكين النساء. تقول مروة، ناشطة في منظمة غير حكومية: “نعمل على تقديم الدعم والتوجيه للنساء حول كيفية تطوير مهاراتهن والبحث عن عمل”.
غالبًا ما تُعتبر هذه الجمعيات ظرفية مهمة لتعزيز حقوق المرأة ومحاربة التمييز.
نحو مستقبل أفضل: الدعوة للمشاركة
من الواضح أن لتحقيق مستقبل أفضل للمرأة في مصر، يجب أن تتضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
ويشير الدكتور سعيد عالي، خبير تنمية، إلى أنه “يجب أن تكون هناك خطط شاملة تعطي الأولوية لتمكين النساء في المجالات الاقتصادية والسياسية”.
ودعم روح الابتكار ومشاركة النساء في مجال الأعمال ستسهم في معالجة القضايا الملحة في المجتمع.
خطوات نحو التغيير
إن دور النساء في الحياة السياسية والاقتصادية في مصر يمثل جزءًا حيويًا من التحولات الاجتماعية.
بينما تواجه النساء تحديات متعددة، فإن الإرادة واستمرار الجهود من مختلف الأطراف ستمكنهن في النهاية من الحصول على حقوقهن وتحقيق طموحاتهن.
وتظهر الأبحاث أن تمكين المرأة ليس مجرد مطلب اجتماعي، بل ضرورة اقتصادية تنعكس إيجابيًا على المجتمع ككل.
بالنظر إلى الأفق، يتحتم على المجتمع أن يعترف بقيمة النساء وأدوارهن وكيفية دعمهن في مسيرتهن نحو تحقيق النجاح والمساهمة في بناء مجتمع نابض بالحياة.