تقارير

أسوان تغرق: من المسؤول عن معاناة المواطنين؟

أسوان، تلك المحافظة الجميلة التي تقع في أقصى جنوب مصر، شهيرة بمناخها الجاف وتراثها الغني.

ولكن في الآونة الأخيرة، أصبحت هذه المدينة تواجه أزمة كبيرة تتمثل في غرق منازل المواطنين بمياه الصرف والمياه الجوفية الملوثة.

وهذه القضية أثارت تساؤلات عدة حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة، بالإضافة إلى من المسؤول عن تعريض حياة المواطنين للخطر.

مشهد الكارثة

عند التجول في بعض المناطق مثل حي “السيل”، يمكن رؤية منازل غارقة في المياه، والأهالي يواجهون معاناة يومية في محاولة لإنقاذ ممتلكاتهم.

وقد تجمع السكان في الشوارع، يشتكون من غمر المياه لمنازلهم، وتزايد الحشرات والجرذان مع تدهور الأوضاع الصحية.

والعديد من السكان يخشون من عدم قدرتهم على العودة إلى منازلهم بسبب خطر تلف الممكنات المعيشية.

الأسباب الجذرية

للوقوف على أسباب هذه الكارثة، بدأ فريق العمل الاستقصائي بزيارة المنازل المتضررة، والتحدث مع السكان المحليين.

وقد طُرحت مجموعة من الأسباب التي يعتقد المواطنون أنها المسؤولة عن مشكلة غرق المنازل. وعرفت هذه الأسباب بشكل أساسي

ارتفاع منسوب المياه الجوفية: أحد الأسباب الرئيسية التي تم ذكرها هو ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وهو ما يؤدي إلى تسرب المياه إلى المنازل. يقول المواطنون إن هذا الأمر بدأ يزداد سوءًا في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى تدهور ظروفهم المعيشية.

نقص البنية التحتية: تحدث المواطنون عن عدم كفاءة نظام الصرف الصحي. حيث أشاروا إلى أن الشبكة الموجودة لم تعد قادرة على استيعاب كميات المياه المتزايدة، مما يتسبب في تسرّب المياه إلى الشوارع والمنازل.

التغيرات المناخية: يؤكد البعض أن التغيرات المناخية، بما في ذلك ارتفاع معدلات الأمطار في بعض الفترات، أسهمت في تفاقم مشكلة المياه. بينما يعتبر آخرون أن المسؤولية تقع على عاتق السلطات المحلية التي لم تتخذ احتياطات كافية لمواجهة هذه التحديات.

تسرب مياه الصرف الصحي: أفاد سكان محليون بأن تسرب مياه الصرف الصحي إلى المنازل قد أصبح ظاهرة شائعة. الأمر الذي زاد من سوء الحالة الصحية وظهور رائحة كريهة في الأرجاء، مما أثار قلق المواطنين في المنطقة.

    هل من إجراءات؟

    توجه موقع “أخبار الغد” بفريقها الاستقصائي إلى الجهات الحكومية المعنية، بما في ذلك محافظة أسوان وشركات المرافق.

    والمفاجأة كانت في الروتين الإداري البطيء، حيث اعتذر المسؤولون عن عدم توفّر معلومات دقيقة، لكنهم وعدوا بفتح تحقيقات.

    من جانبه، أكد أحد المسؤولين في الحي أن هناك مشاريع قيد التنفيذ لتحسين النفاذ إلى الصرف الصحي في المنطقة، ولكن التقدم كان بطيئًا وغير كافٍ لمواجهة الأزمة العاجلة التي يعاني منها السكان.

    وجوه مألوفة

    لقاءات مع السكان كانت مثيرة. انتقلنا للحديث مع “أم محمد”، سيدة مسنَّة تعيش في حي السيل، والتي عبرت عن إحباطها، قائلة: “نحن هنا منذ سنوات، ونعلم أن الأمور كانت أفضل. لا أحد يسمعنا، وماء الصرف يملأ منازلنا ولا نعرف كيف نهرب.”

    ثم انتقلنا لرؤية الشاب “محمود”، الذي يعمل في إحدى ورش البناء، والذي قام بجهود كبيرة للحفاظ على منزله. عبّر عن مخاوفه قائلًا: “إذا استمر الوضع على هذا المنوال، فسأفقد كل شيء. نحن نحتاج إلى استجابة فورية من الحكومة.”

    التحديات الصحية

    تعتبر التحديات الصحية جانبًا آخر من جوانب هذه الأزمة، حيث أوضح الأطباء في أسوان أن المياه الراجعة تحمل مسببات الأمراض وتعزز انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه. ونتيجة لهذا الوضع، ازدادت حالات التهاب المعدة والأمعاء بين السكان، وهو ما يستدعي تدخلاً عاجلاً.

    نحو الحلول

    وقد أصبح جليًا أن الحلول تتطلب إشراك المواطن في الجهود المبذولة. التحسينات في نظام الصرف الصحي لا تعني فقط التحديثات التكنولوجية، بل تتطلب أيضًا توعية المجتمع حول كيفية الحفاظ على نظافة المحيط والعمل بالتعاون مع الإدارات المحلية.

    كما يتطلب الأمر أيضًا ضمان وجود ميزانيات كافية من الحكومة المحلية لمواجهة التحديات المتزايدة. إن دعم الاستثمار في هذا القطاع لن يساهم فقط في تحسين جودة الحياة، بل يمكن أن يقي المدينة من أخطار مشابهة في المستقبل.

    أزمة غرق منازل مواطنين في أسوان ليست مشكلة مجردة

    ويمكن القول إن أزمة غرق منازل مواطنين في أسوان ليست مشكلة مجردة، بل هي نتيجة مركبة للتحديات، سواء كانت من العوامل البيئية أو الإدارية.

    ومن المهم أن نحافظ على صوت المواطن ونشر الوعي حول قضايا كهذه، لضمان عدم دفع الأبرياء ثمن إهمال أو فشل النظام.

    وحان الوقت للتعامل مع هذه الأزمة بشكل فعّال وبتحرك جماعي، من أجل طيّ صفحة المعاناة وفتح آفاق جديدة من الأمل والمستقبل الأفضل لأهالي أسوان.

    المزيد

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    زر الذهاب إلى الأعلى