واشنطن بوست : تعيين السنوار يعزز سيطرة حماس على المنطقة ويثير التساؤلات حول مستقبل دبلوماسيتها
اختيار يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحماس خلفًا لإسماعيل هنية يثير تساؤلات حول استراتيجية الحركة في ظل الأوضاع الحالية، خاصة في ظل استمرار الحرب في غزة لليوم الـ 305 ودخول الصراع الإقليمي منعطفًا جديدًا بين إيران وأذرعها من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى.
وأعلنت حماس أن تعيين السنوار تم “بعد مشاورات معمقة في مؤسسات الحركة القيادية”، مشيرةً إلى أنه يتولى منصبه “في مرحلة حساسة وظرف معقد محليًا وإقليميًا ودوليًا”.
وتناول محللون ومراقبون دلالات تعيين السنوار “زعيمًا لحماس”، خاصةً حول المسار الذي سيتبعه سياسيًا وعسكريًا، وما إذا كان سيؤدي إلى “توحيد الجناحين” نظرًا لنفوذه الكبير في غزة، خصوصًا بعد هجوم السابع من أكتوبر الذي اعتبر “مهندسه الرئيسي”.
أفادت صحيفة “واشنطن بوست” أن اختيار يحيى السنوار كزعيم جديد لحركة حماس يعكس التقوية المستمرة للفصيل الذي يتخذ من غزة مقراً له، ويؤكد على سيطرته المتزايدة على الحركة بعد الأحداث الأخيرة في أكتوبر.
تعتبر هذه الخطوة علامة على التحولات الاستراتيجية داخل حماس، حيث أصبح السنوار، المتواجد في أنفاق غزة والمطلوب من قبل إسرائيل، في موقع يؤهله للعب دور رئيسي في رسم ملامح الحركة وتحديد أولوياتها العسكرية والسياسية. ومع ذلك، تبقى العديد من التساؤلات حول كيفية إدارة السنوار للمهام الدبلوماسية التي كان يقوم بها سلفه، إسماعيل هنية، والتي كانت متعلقة بقضايا حيوية مثل التفاوض على وقف إطلاق النار الذي تم تعليقه عقب الاغتيالات الأخيرة.
وعلى الرغم من الشهور الطويلة من المفاوضات التي تجري، برزت أهمية دور السنوار بشكل أكبر، حيث اتضح أن كلمته هي العليا في أي اتفاق مستقبلي. في المقابل، كان هنية يتنقل بين العواصم العربية، خاصة القاهرة والدوحة، في محاولة لتعزيز الموقف الدبلوماسي لحماس في الساحة الإقليمية والدولية.
قالت المصادر المقربة من الحركة إن السنوار يواجه تحديًا كبيرًا في توسيع قاعدة الدعم لحماس في ظل التغيرات السياسية الحالية، وقد يتعين عليه تكوين تحالفات جديدة مع قوى إقليمية لضمان استمرارية الحركة في تحقيق أهدافها.
شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على أن السنوار “كان ولا يزال صاحب القول الفصل في التوصل لوقف إطلاق النار”.
برز السنوار كأحد مؤسسي الجناح العسكري لحماس، وقضى أكثر من 20 عامًا في السجون الإسرائيلية، حيث تعلم اللغة العبرية وصقل سمعته بين أنصار الحركة. في عام 2017، تم اختياره خلفًا لهنية كرئيس لحماس في غزة، مما أدى إلى طمس الفروق بين الجناحين السياسي والعسكري، وفقًا لـ”واشنطن بوست”.
طوال مسيرته مع حماس، تحمل السنوار عدة مسؤوليات أمنية، بما في ذلك مساهمته في تأسيس جهاز “الأمن الحركي”، وتكليفه في عام 1986 بتشكيل جهاز “مجد”، وهو الجهاز الأمني الداخلي لحماس الذي يضطلع بمهمة ملاحقة العملاء المرتبطين بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية، قبل أن يتولى مسؤولية الملف الأمني والعسكري في غزة منذ عام 2013.
أوضح مطاوع أن اختيار السنوار قد لا يفيد حركة حماس على المدى الطويل، لكنه قد يكون مفيدًا على المستوى القصير، حيث سيضع جميع المسؤوليات على عاتقه لإنهاء الحرب، مما قد يُفضي إلى مغادرته قطاع غزة كرئيس للمكتب السياسي في إطار صفقة ما.
من جهة أخرى، يؤكد المحلل الفلسطيني أن المشاركين في هجوم 7 أكتوبر لن يحصلوا على حصانة، ويشير إلى أن حماس رهنت استمرار نهجها مع إيران حتى النهاية.
بالنسبة لتوحيد الجبهتين العسكرية والسياسية لحماس، يرى مطاوع أن القرارين ليسا منفصلين، حيث تُتخذ القرارات بشكل مشترك. ومع ذلك، يتمثل التوحيد الحقيقي، في رأيه، في أن تكون كل الأمور المتعلقة بحرب غزة ومفاوضاتها بيد السنوار، لأنه هو من قرر اندلاعها، رغم قول البعض إن غالبية المكتب السياسي لم يكونوا على علم بقرار 7 أكتوبر.
ونظرًا لموقفه الصارم، يعتبر مسؤولون إسرائيليون السنوار أحد الأعضاء الأكثر تشددًا في حماس، وهو حلقة وصل بين القيادة السياسية والجناح العسكري المتمثل بكتائب عز الدين القسام بقيادة محمد الضيف.
وأضاف الجمل في تصريحات أن “ملفات حماس وخاصة المفاوضات ستنتقل من معسكر الحمائم الذي كان يؤيده هنية بالجنوح لمحادثات بوساطة مصرية قطرية، إلى معسكر الصقور الذي يمثل السنوار ومحمد الضيف”.
واعتبر أن السنوار سيعمل على إظهار شخصية قوية لإدارة الأمور في داخل الأنفاق أولًا، ثم في المواجهة مع إسرائيل، على أن يكون له رسالة مختلفة مع أذرع المقاومة وإيران.
السنوار يعزز استراتيجيته العسكرية ويجهز حماس لمواجهة إسرائيل
يتجه عبد الله السنوار، قائد حركة حماس في غزة، نحو تنفيذ استراتيجية جديدة تتسم بالمزيد من التصعيد العسكري ضد إسرائيل، في خطوة تكشف عن تحولات جذرية في السياق السياسي والأمني للحركة.
تشير التحليلات إلى أن السنوار، الذي يُعتبر من الشخصيات العسكرية البارزة، يراهن على استمرار الحرب للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويتواجد السنوار في مفترق طرق، حيث يسعى لتعزيز موقف حماس داخليًّا، وكذلك تحسين العلاقات مع حركة فتح، مع انتظار الدعم الفعلي من إيران وأذرع المقاومة.
وقد صرح أحد الخبراء بأن هذه الاستراتيجية تعني دمج الجبهتين العسكرية والسياسية، مما سيمكن السنوار من اتخاذ قرارات حاسمة بشأن الحرب والمفاوضات. وهذا تحول جذري من جعل المكتب السياسي لحركة حماس جهة استشارية إلى كيان يتخذ قرارات حربية.
وذكر المحلل أن الأيديولوجية التي يسعى السنوار لتنفيذها تتجلى في “إطلاق الرصاص”، وهو ما يُخالف توجهات سلفه إسماعيل هنية الذي أبدى ميلًا أكبر للحلول السياسية وخفض حدة الأعمال العسكرية.
وفي تصريح للباحثة الأميركية إيرينا تسوكرمان، أكدت أن تعيين السنوار يمثل انتكاسة للدبلوماسية في حماس، حيث تعيد الحركة استراتيجيتها نحو مسار المقاومة الصريح ضد إسرائيل. وأوضحت أن حماس أصبحت الآن تُركز بشكل كامل على استراتيجيتها العسكرية، غير مبالية بشكلها الخارجي، خاصة في وقت تتفاقم فيه عزلة إسرائيل سياسيًا واجتماعيًا.