محمد عماد صابر يكتب : اغتيال هنية في سياق كسر قواعد الاشتباك.
اغتيال القائد الفلسطيني العربي الإسلامي إسماعيل هنية، ليس مجرد اغتيال لقائد وفقط، فهو رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وركن أساسي بارز ومن مؤسسي المقاومة،
ورمز المقاومة الفلسطينية وعنوانها، وأبو الشهداء؛ أولاده الثلاثة، أحفاده صهره، عائلته، كلهم جميعًا استشهدوا، فهو القائد الذي تحمل الكثير الكثير والذي قدم الكثير الكثير،
والذي صحح الكثير الكثير، ورد لحماس موقعها الطبيعي المشرف في قلب القضية الفلسطينية.. لقد خسرنا أخًا وصديقًا، كما خسرنا قائدًا من قادة المقاومة العربيه والإسلامية.
“تطورات المشهد السياسي وكسر قواعد الاشتباك”
لدينا مجموعة من المشاهد
والأحداث السياسية يمكن من خلالها فهم عملية اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، وقبلها بيوم اغتيال قائد بارز في صفوف حزب الله اللبناني والعمليتان نفذتهما إسرائيل بغطاء وتنسيق أمريكي؛
الحدث الأول زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتياهو إلى أمريكا.
والحدث الثاني تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة استثنائية جمعته بالرئيس السوري بشار الأسد ليقول بوتين أمام الإعلام أن المنطقة ذاهبة إلى تصعيد كبير، وأن سوريا في قلب هذا التصعيد وأنه لهذا السبب تمت هذه القمة.
مما لا شك فيه أن زيارة نتنياهو إلى واشنطن جرى خلالها اتفاقات وقرارات وتدابیر سریة، ترتب عليها تقارير استخبارية روسیة تقول: إن قرارًا بالتصعيد اتّخِذ في واشنطن، وأن هذا التصعيد آتٍ، وأن جزءًا منه سوف يطال سوريا.
بعد الزيارة مباشرة وجدنا تصنيع عملية مدبّرة على أطفال مجدل شمس واتهام المقاومة بها، لتبرير هذا العدوان وكسب قدر من التغطية الدولية له، وتوفير الغطاء والذريعة للحماية الأميركية اللازمة لشن هذا العدوان،
بحيث يحقق العدوان، التخلص من شخصية قيادية بارزة في محور المقاومة مثل المقاوم القيادي في حزب الله فؤاد شكر وإسماعيل هنية إذ نجح الاستهداف بالتخلص منهما، وكسر قواعد الاشتباك التي تقوم على اعتبار استهداف الضاحية الجنوبية اقترابًا من حافة إشعال حرب كبرى،
وقد قال الأمريكان سابقًا: إن بيروت خط أحمر كى لا تدحرج الأمور إلى حرب كبرى.
كل ماسبق يشير إلى أن زياره نتنياهو
إلى واشنطن وما تم في الكواليس هو صفقه بین إدارة بایدن وإدارة نتنیاهو عاد فيها نتنياهو إلى بيت الطاعة الأمريكي، وبما أن هزيمة إسرائيل تعني هزيمة أمريكا، فإن الاتفاق في غزة يجب ألّا يكون هزيمة،
الأمر الأخر أن أمريكا لديها قضية أخرى وهي قضية احتلالها لسوريا والعراق، وبالتالي انسحاب أمريكا من سوريا والعراق مع اتفاق في غزةَ، في ظل مصالحة تركية سورية يعني هزيمه كاملة لأمریکا وإسرائيل، وأن مشروع الشرق الأوسط انتهى وأن إسرائيل حكم عليها بالإعدام.
فكان المطلوب تنسيق أمريكي وإسرائيلي على مستوى الاستخبارات وامکاناتها تعيد تنشيط مقدراتها ووضعها بالتنسيق مع المخابرات الإسرائيلية لتنفيذ عمليات استهداف لقادة تحت شعار:( نحن لا نريد الحرب الكبرى)،
لكن عليكم التأقلم مع أعمال بهذا الحجم واستهداف بهذا الحجم، وتغيير قواعد اشتباك بهذا الحجم، لا يجب أن لا يؤدي إلى حرب كبرى، يعني وضع المقاومة في غزة والمحور الداعم لها بين خيارين إما القبول بمثل هذه العمليات وكسر قواعد الاشتباك،
أو الذهاب إلى الحرب الكبرى. اللافت كان تزامن استهداف بيروت وضاحيتها الجنوبية، مع تزامن جنوب بغداد، حيث قواعد الحشد الشعبي والمقاومة العراقيّة، ثم اغتيال اسماعيل هنية.
وهذا في تقديري تحول كبير في مجرى الصراع فأمريكا لا تريد أن تنهي الحرب بغزه بصيغة لا غالب ولا مغلوب، كما تريد امريكا أن تنهي النقاش حول الانسحاب من سوريا والعراق،
مقابل التوقف عن الاغتيالات.. إذن أمريكا تقف وراء عملية الاغتيال في الضاحية وعملية اليوم في طهران، أمريكا تريد أن تبعث برسالة تقول لمحور المقاومة: لن نسمح بهزيمة إسرائيل، ولن نسمح بإجبارنا على سحب قواتنا من العراق وسوريا.
إذن نحن الآن دخلنا في مرحلة كسر الإرادة، (حجج) وإذا كان محور المقاومة متماسك فلن يقبل إلا باتفاق تخرج فيه المقاومة منتصرة، وفي المقابل عليه أن يواجه الوضع الجديد وقواعد الاشتباك الجديدة وهي التصعيد الكبير وكسر قواعد الاشتباك، لكن دون الوصول إلى الحرب الكبرى.
وأعتقد أن محور المقاومة سيجيد اللعب على قواعد الاشتباك الجديدة، وستكون هجماته على العمق الإسرائيلي والأهداف الاستراتيجية والحيوية، وسيقول لأمريكا وإسرائيل نفس الكلام:
عليكم أن تعتادوا على مثل هذه الضربات، أو الذهاب إلى الحرب الكبرى.. فإذا كان اغتيال قادة كبار في الضاحية الجنوبية ببيروت وفي طهران لا تعني حرب كبرى فإن قصف تل أبيب لا تعني أيضًا حرب كبرى، وعليكم أن تعتادوا على قصف تل أبيب والعمق الإسرائيلي.
هكذا أري كيف تتجه الأمور لخلق نوع من التوازن في حرب باتت مفتوحة وصولًا بعد التصعيد المتدرج إلى الحرب الكبرى التى لا مفر منها.. والآن لا توجد مائدة مفاوضات، بل مائدة حرب.. إنها حرب نُقتَل فيها ويُقتَلُون وهذه هى الحرب ليست نزهة، بل شرفٌ لنا جميعًا أن نقدم قادتنا شهداء في هذه الحرب،
ومن يعتقد أن الحرب غير ذلك فعلية أن يعيش مع (كتالوج) الحرب الخاصة به، هكذا الحرب ولا وقت لدينا للتفلسف، كما لا يفتي قاعد لمجاهد، الحرب تريد شيئًا واحدًا الترحم على الشهداء، والاستعداد لما هو آتٍ، واحذروا الذباب الإلكتروني واللجان الإلكترونية فكلها جيوش تشتغل مباشرة بواسطة أمريكا وإسرائيل وعملائهما من العرب،
هدفها خلق حالة من النزاع والجدل والذي من شأنه تفكيك الساحة وإضعاف المقاومة، وبث الفرقة، العدو الصهيوني من زمن وهو يقتل قادة، وقاتدتنا مهيؤون للشهادة،
فهل استشهاد الشيخ أحمد ياسين أنهى حماس؟ وهل استشهاد عبد العزيز الرنتيسي أنهى حماس؟.. والميدان هو من يقول: لمن كلمة الفصل في نهاية المطاف،
وعندما يكون القادة مستعدين للشهادة فإن الشعوب تنظر لهم نظرة مختلفة، وعندما تغيب حرب فلسطين تأتي الحروب البديلة حروب الفتن بين مكونات هذه الأمة، والحرب التي تكون عنوانها فلسطين مفتوحة للجميع لا يحتكرها أحد.
وإن الذين يبيعون ويشترون على الطاولة الأمريكية الإسرائيلية يحاولون الدخول للعبث وبث الفتن ونشر الأكاذيب، فلا تصغوا لهم ولا تردوا عليهم، فإنهم لا يستحقون حذاء مقاوم،
فعشاق السهر والفجور لا يدركون معني المقاومة والعزة والكرامة ومقام الشهادة، هؤلاء اعمل لهم (بلوك) فورًا وأدر لهم ظهرك فلا وقت للسجالات، فواجب اللحظة هو تنظيم الصفوف وتوحيد الهدف،
ونبذ الفرقة وشحذ الهمم والمعنويات والاصطفاف خلف المقاومة، فنحن أصحاب حق وقضيتنا عادلة.
د.