لم يكن مستغربًا بالنسبة لي استشهاد القائد أبو العبد، فقد لحق برفقاء الدرب الشيخ أحمد ياسين ود. عبد العزيز الرنتيسي والعروري وغيرهم، والذين استشهدوا بنفس الطريقة وإن اختلف الزمان والمكان.
ولم يكن غريبًا أيضًا بالنسبة لي أن يكرر هذا العدو المجرم عمليات الاغتيال، فهذا نهجه وديدنه مع رموز وقادة المقاومة على مر الزمان. لكن المستغرب بالنسبة لي هو الآلية التي تم بها الاغتيال في بلد تدّعي أنها رأس وقيادة محور المقاومة،
بل وتسعى إلى أن تكون دولة نووية. لذا من حقنا أن نسأل هذه الأسئلة المهمة:
أولًا: هل يُعقل أن تكون إيران بهذه الرخاوة والضعف في تأمين شخصية بحجم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس؟ فقد شاهدنا المكان الذي نزل فيه وهو مكان متواضع ومفتوح جوّيًا وبدا وكأنه سهل اختراقه أمنيًا.
ثانيًا: هل تؤكد هذه العملية الظنون بأن جميع مؤسسات الدولة الإيرانية الهامة مخترقة من قبل الموساد والـCIA؟ فقد اغتيل العالم محسن فخري زاده، وهو أهم شخصية في المشروع النووي الإيراني داخل إيران،
وكذلك اغتيل قاسم سليماني في سوريا، وهو أكبر وأهم شخصية عسكرية في إيران. وكان من المفترض أن تحاط تحركات مثل هذه الشخصيات بسرية تامة. فهل الدائرة المؤثرة في مؤسسات الدولة الإيرانية بهذا الضعف والاختراق؟
ثالثًا: هل سيكون الرد الإيراني على اغتيال هنية ردًا منسقًا مسبقًا مع أمريكا وإسرائيل؟ فعندما ردت إيران على اغتيال قاسم سليماني قال ترامب إن إيران أبلغتنا بموعد ومكان الرد مسبقًا!
وعند الرد على قصف السفارة الإيرانية في سوريا أعلنت إيران للجميع موعد وتحرك المسيرات والصواريخ، مما سهل مهمة الكيان وأعوانه في إفشال هذه الهجمات. فهل سيكون الرد القادم بنفس هذا الشكل المخزي؟
رابعًا: وبالنسبة لاغتيال الرجل الثاني في حزب الله فؤاد شكر، هل هذه هي قدرات حزب الله في تأمين قياداته؟ الرجل هو أعلى رتبة عسكرية في حزب الله،
وإسرائيل أعلنت أنها سترد على عملية مجدل شمس المزعومة. ومع ذلك يذهب الرجل إلى مكان معروف للجميع بأنه أحد مقرات حزب الله.
أم هل تلقى الحزب تطمينات بأن إسرائيل لن تضرب الضاحية الجنوبية مقر الحزب، لأن الحزب يعتبر ذلك خطًا أحمر. فهل صدق الحزب هذه الوعود التي نقلت عن طريق فرنسا إلى نبيه بري رئيس برلمان لبنان كما أعلن؟
إلى هذه الدرجة يقع حزب الله في هذه الأخطاء بعد تجاربه المتعددة في المواجهة مع إسرائيل.
حقيقة، هذه أسئلة تثير الريبة. والسؤال الأخير: إلى أي مدى سيصل رد حزب الله؟ أم سيسير على درب الردود الإيرانية؟ سننتظر، ولكن ستظل الريبة في النفوس حتى نرى إجابات مقنعة.