شهادة لم يطلبها مني أحدا، ولكن رأيت من واجبي الادلاء بها في الوقت الذي يدعي الكل وصلا بفلسطين وبرجالها والحال أنه من أكثر الناس قربا وارتباطا بقضية فلسطين وبالحقوق الفلسطينية الثابتة.
أعرف الرجل منذ سنين طويلة، ولكني عرفت معدنه ورقيه أكثر بعدما عملت معه في الديوان الرئاسي وبخاصة في علاقة بالملف الفلسطيني.
أستطيع التأكيد اليوم بأن الرجل لم يكن يوما حريصا على موعد او لقاء أو نشاط كما كان يفعل عندما يتعلق الامر بنشاط يخص فلسطين: ابتداء من استقبال وفد أطفال فلسطين في قاعة الشرف في مطار قرطاج الى زيارة غزة وهي تحت القصف ضمن وفد حكومي كبير والحضور والمشاركة في مؤتمرات وملتقيات وندوات ولقاءات مع وفود مختلفة من كل الطيف السياسي والمجتمعي الفلسطيني.
ولا أذكر أني دعوته مرة لنشاط أو شيء يخص فلسطين ولم يقم بتلبية الدعوة رغم المشاغل المتعددة وأحيانا يكون الوقت او الظرف غير مناسب، ولكنه كان وفي كل مرة يستجيب وأحيانا يلغي التزامات أخرى ليوفر الوقت لفلسطين وأهلها وممثليها.
وطبعا اعرف الرجل ونشاطه في المجتمع المدني والجمعياتي قبل الثورة في تونس، ولكن للأمانة وعلى خلاف البعض من الأصدقاء بقي وفيا بالكامل للنهج الداعم للقضية والدفاع عنها في كل مناسبة تتاح له.
وأردت في هذه التدوينة التذكير بزيارة غزة اثناء الحرب الإسرائيلية عليها سنة 2012 :
بعد أيام قليلة من الهجوم الإسرائيلي على غزة بدأنا نفكر في إرسال وفد تونسي أو عربي خاصة من مصر وليبيا وتونس واتفقنا مع المسؤولين في غزة على أن تأتي الوفود بشكل منفرد وليس جماعي لان الناس ترتاح قليلا من شدة القصف عند تواجد الوفود الأجنبية في غزة. وقع الاتفاق على أن يدخل الوفد المصري أولا ويليه مباشرة الوفد التونسي. وكان كل ذلك بإشراف مباشر من رئيس الجمهورية د. منصف المرزوقي.
تحدثت مع السيد عماد الدايمي مدير الديوان لتنسيق الزيارة مع الحكومة وكان الوقت ضيقا وأقدمت إسرائيل على قصف المدرسة التونسية في غزة يوم الإعلان عن الزيارة دون ذكر تركيبة الوفد. وجاء الترحيب من الجميع وصرنا في حرج كبير في وقت وجيز لأن حوالي نصف أعضاء الحكومة يرغبون في القيام بالزيارة رغم المخاطر المحيطة والتهديدات الإسرائيلية.
وفي الأخير شارك حوالي 8 أشخاص يرأسهم وزير الخارجية وكان السيد عماد الدايمي الرجل الثاني في البروتوكول الديبلوماسي وممثلا لرئيس الجمهورية وقد ترك وجوده في غزة رغم قصر مدة الزيارة أثرا طيبا لدى المسؤولين السياسيين وممثلي المجتمع المدني والاعلام في غزة الذي يستذكر بعضهم الزيارة الى يومنا هذا.
وأذكر بهذا اليوم لان موقف الرجل يومها لا ينسى فمنذ أن ذكرت له بوجود نية في ترتيب زيارة قال لي بالحرف “أنا أول واحد وسأستشير الرئيس ولكن لا أعتقد أنه يعارض ذلك طبعا الأولوية للحكومة ولوزير الخارجية باعتبار التزامات تونس على المستويين العربي والدولي ومتابعة الملف الفلسطيني عن قرب مهم للغاية …. ولكن حتى لو تعذر ترتيب المسالة مع الحكومة نرتب لوفد يمثل رئاسة الجمهورية وتكون رسالة قوية للعالم من تونس بلد الحرية الى فلسطين المحتلة”
وشعرت ونحن نرتب لبرنامج الزيارة بان الرجل يحمل رسالة مفادها أن التدمير وقصف المدنيين والعربدة لا يمكن أن تخيف الاحرار والواجب يحتم عدم تركهم لوحدهم.
وأنا أدلي بهذه الشهادة لأول مرة والرجل يخوض معركة جمع التزكيات لمحطة مفصلية في تاريخ تونس لفرض ثقافة المواطنة والتصدي لثقافة الاستحمار والتبعية والعبث.
شكرا للمهندس والوزير عماد الدايمي لما يقدمه في التصدي الفعلي للفساد والفاسدين والمفسدين والامل معلق على أمثاله من الاحرار للتغيير والإصلاح الحقيقي الذي يقطع مع الظلم والفساد ويؤسس للعدل وحكم القانون.