مقالات ورأى

محمد عبدالقدوس يكتب: حكايات إحسان عبدالقدوس … باشوات الإشتراكية .. النساء لهم أسنان بيضاء

والدي “إحسان عبدالقدوس” رحمه الله دوره كبير في التمهيد لثورة يوليو.

كان يرأس مجلة روزاليوسف وهي مطبوعة ثورية من الطراز الأول ، وأبواب الكتابة فيها مفتوحة لكل رافض للنظام القائم ومطالبا بالتغيير بصرف النظر عن اتجاهه.

ويكفي لكي تعلم مدى تقدير الضباط الأحرار الذين قادوا الثورة لوالدي أن أخبرك بمعلومة لا تعرفها تتمثل في أنه المدني الوحيد الذي تم استدعاءه لقيادة الجيش فور الإستيلاء على الحكم, وكان ذلك فجر الأربعاء ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢.

وقابل عدد من الضباط على رأسهم “عبدالناصر” وقدم لهم المشورة في الشخص الذي يتولى الحكومة الجديدة المطلوب تشكيلها في ذات اليوم وأقترح عليهم اسم “علي ماهر باشا”.

وبالفعل أخذوا باقتراحه وطلبوا منه التواصل معه ، وهذا ما حدث بالفعل ، وتشكلت أول حكومة جديدة بعد إنتصار ثورة يوليو.

واستمرت حتى شهر سبتمبر عند صدور قانون الإصلاح الزراعي وتشكلت حكومة جديدة برئاسة اللواء “محمد نجيب” قائد الثورة.

ورغم أن أبي الحبيب كان مقرباً جداً من الثورة في بدايتها إلا أنه سرعان ما حدث التباعد بعد فرض الرقابة على الصحف وبدا واضحاً أن البلاد في طريقها إلى ديكتاتورية عسكرية.

وأحتج والدي على ذلك بمقالات نارية فتم اعتقاله ، ولكن ثقة “عبدالناصر” فيه استمرت قائمة بعد الإفراج عنه نظراً لدوره الوطني الكبير الذي مهد لثورة يوليو ، ولكن ساد الطابع الرسمي في العلاقات بينهما.

ولم يعد والدي ينادي “جمال عبدالناصر” ب”جيمي” كما كان يفعل سابقاً !!

والمعروف عن الكاتب الكبير أن أصدقائه و المقربين منه وأفراد أسرته ينادونه باسم “سانو” ومن يعرفه جيداً يناديه بهذا الاسم وليس يا أستاذ “إحسان”.

ولم يمنع الإستبداد السياسي الذي ساد “سانو” من الإشادة بإنجازات “عبدالناصر” والكتابة عنها وعلى رأسها تأميم قناة السويس ، والسد العالي ، والحياد الإيجابي ، ومحاولة تحقيق العدالة الاجتماعية ، وحياة أفضل لجموع الشعب.

وفي بداية الستينات رأينا فرض الحراسة على العديد من الأثرياء ولم يكن “سانو” سعيداً بهذه الخطوة لأنها شملت العديد من الأغنياء الشرفاء ووقع ظلم صارخ عليهم .

وخطأ فادح إعتبار الثراء في حد ذاته جريمة يستوجب العقوبة وأن يصنف ضمن أعداء الثورة يتم مصادرة أمواله.

والكاتب الوطني الكبير أول من لاحظ أن هناك طبقة جديدة يتم تشكيلها على أنقاض هؤلاء، تضم الضباط السابقين الذين تولوا قيادة العديد من الشركات التي يتم الإستيلاء عليها دون أن يكون لهم ذي خبرة سابقة.

ويكفي أنهم أهل الثقة !!

وحدث زحف من الإتحاد الإشتراكي على كل قطاعات المجتمع ، وبدأ يتردد تعبير القطط السمان على المفسدين من هؤلاء والذين أصبحوا أثرياء “على قفا” الثورة.

ولم يكتفوا بالبزنس بل تواجدوا في مجالات شتى وكونوا ثروات طائلة باسم الإشتراكية.

و”سانو” من أوائل من فضحهم ، وأسماهم باشوات الإشتراكية ، ولجأ إلى أسلوبه المفضل في كتابة القصة في كشف فساد هؤلاء .. وله قصة شهيرة عن شاب ثوري كان يحارب الإقطاع في قريته.

وبعد نجاح الثورة والإطاحة بالباشا القديم ، أصبح هذا الشاب باشا جديد في طريقة تعامله مع الفلاحين من أهل قريته.

ولكنه في هذه المرة باشا باسم الإشتراكية ، فهو من قيادات الإتحاد الإشتراكي في محافظته !!

والكاتب الكبير له أكثر من قصة في هذا الإتجاه مثل “غابت الشمس ولم يظهر القمر” عن الصحفي الذي يبدل ولاءه ويبحث عن مصالحه ، وقصة “نساء لهن أسنان بيضاء”.

وقد وضعتها عنوان لمقالي, وعنوانها كما ترى غريب جداً وجذاب يتحدث عن نساء طبقة الباشوات الإشتراكية وفساد الجمعيات الإجتماعية التي يعملون من خلالها.

والعشيقة التي تهدي للمسئول الإشتراكي “سيجار” كدليل عن تميزه من غيره من باشوات الإشتراكية !!.

والدولة ذاتها اعترفت بعد ذلك وبعد فوات الأوان بالفساد الذي ساد التجربة الإشتراكية والقطط السمان الذين لم يجدوا من يحاسبهم !!

وبعد الفساد الإشتراكي جاء فساد الإنفتاح “سداح مداح” ، وكان “سانو” سباقا في التصدي بقصصه الممتعة وعلى رأسها قصته الشهيرة “يا عزيزي كلنا لصوص” !!

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى