تعيش مصر منذ منتصف يوليو 2023 أيام عصيبة، شهدت انقطاعات متوالية لانقطاع التيار الكهربى عن المنازل ومؤسسات العمل الانتاجية والإدارية.
واحد من أهم الأسباب التى قيلت فى تبرير هذا الإجراء، هو انخفاض انتاج حقل ظهر من 3 مليون قدم مكعب إلى 1,9 مليون قدم مكعب فى اليوم.
بالطبع أضيف لهذا السبب سبب آخر، وهو حرب غزة، فبعد عدة أشهر من يوليو 2023، وبسبب عدوان إسرائيل على غزة يوم 8 أكتوبر2023.
توقفت إسرائيل مؤقتا عن توريد الغاز لمصر، رغم وجود اتفاق متذرعة بما أسمته الظروف القاهرة، هذا الغاز تستورده مصر بغرض إسالته فى إدكو ودمياط ثم تصديره إلى البلدان الأوروبية.
الغاز المستورد كان من حقل تمار الواقع فى مياه المتوسط قبالة أشدود. الحقل يصدر 15% من إنتاجه إلى الخارج، ومن ذلك مليار قدم مكعب لمصر يوميا، زادت فى الفترة الأخيرة مع وفرة إنتاج الحقل، وزيادة الطلب على الغاز من قبل دول أوروبا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية..
المهم فى كل ما سبق أن إنتاج مصر من الغاز قل كثيرا، وأدى الى عدم القدرة على توليد الكهرباء. هنا من المهم التذكير بأن بمصر 80 محطة لتوليد الكهرباء، يعمل 25 منها بنسبة 31% بالغاز والسولار معا، و19 بنسبة 25% بالغاز والمازوت معا، و11 محطة بالغاز فقط، و12 بنسبة 15% بالسولار، كما توجد 6 محطات تعمل بطاقة المياه، وواحدة شمسية وتعمل بالغاز، و2 بالطاقة الشمسية و3 بالرياح، وواحدة بالمازوت ومقرها الوليدية بأسيوط.
وتضيف الخريطة أن 55% من محطات التوليد تخص الدورة المركبة (أى تعمل بالغاز مع المازوت أو الغاز مع السولار)، وأن 29% من المحطات محطات بخارية، و7% محطات غاز صرفة، و5% محطات تعمل بالطاقة المتجددة من خلال الشمس والرياح، و5% أخرى بالشمس فقط.
هذه الخريطة تشير إلى أن الغاز حيوى لإنتاج الكهرباء فى مصر، سواء منفردا أو بالمشاركة مع مصدر طاقة آخر.
لذلك وفى إطار العمل على تحديد المشروعات القومية ذات الأولوية القصوى للبلاد، يقترح وضع إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة على خريطة المشروعات القومية للبلاد فى الأشهر القليلة القادمة.
فمصر بها شمس دائمة، وبالجنوب على الأخص تتركز تلك الطاقة طوال العام. هذه الطاقة ليست بغريبة عن مصر، فمصر تعرف توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية كما هو وارد من الإحصاء السابق، غاية ما هنالك هو إننا نريد تكثيف العمل فى إنتاج الكهرباء من هذا المصدر الذى لا ينضب.
بل إن أحدا لن يجادل كثيرا فى اعتبار تلك الخطوة المهمة لا تقل أهمية عن تأسيس شبكة الطرق والمواصلات التى أصبحت مكتملة اليوم تقريبا، وهى أيضا لا تقل أهمية عن عمليات التعمير فى العاصمة الجديدة والساحل الشمالى بل إنها لا تقل أهمية عن تدوير وتنقية مياة الصرفين الزراعى والصحى ومعالجة مياة البحر.
الاستثمار فى إنتاج الكهرباء من الشمس أمر بات حيويا فى ظل شح الغاز الذى يبدو أنه سيستمر لفترة، وهو ما أثر بشدة ليس فقط على انقطاع الكهرباء فى المنازل، بل وأيضا انقطاع الكهرباء عن المصانع، ما أدى لتوقف العمل فى الكثير منها، وأثر ذلك بشدة على جلب الاستثمارات المحلية والأجنبية بشكل بالغ، إضافة لتأثيره المباشر على قطاع السياحة ـ وكذلك قطاع الزراعة بسبب توقف شركات إنتاج الأسمدة عن إنتاج السماد؟
مشروع إنتاج الكهرباء من الشمس يحتاج بالفعل للتفكير الجدى والعاجل، عساه يكون مخرجا ملائما لإنتاج الكهرباء، ورغم أنه أمر غير رخيص التكلفة، إلا أنه يجب النظر لتكلفته، وهى تكلفة مرة واحدة فقط، مقارنة بشراء الغاز والمازوت دوما من الخارج.