رغم غموض نهاية الحرب الإسرائيلية على غزّة، يفتح تلويح إسرائيل بشنّ الحرب على لبنان الجدل بشأن شكل الأمن الإقليمي،
فإنّ اشتعال الحروب الأهلية في نطاق الشام والعراق أكثر من عشر سنوات يسمح بانتشار المعارك في مستوى هذه الرقعة الجغرافية الواسعة نسبياً، وبالتالي، يثير الدخولُ المباشرُ للعامل الإسرائيلي النقاشَ بشأن اتّجاهات الفصائل المحلّية،
وتأثيرها في دول الجوار. يساعد تحليل الخلفيات الاجتماعية والأيديولوجية في استكشاف إمكانية حشد المنظّمات المُسلّحة وراء الدولة. وبشكل عام،
يجري التهديد بنقل الحرب في ظلّ مباراة مفتوحة ما بين رغبة إسرائيل في تقويض ما تعتبره مصادر تهديد وبين انتشارٍ واسعٍ لمنظّمات عسكرية ومسلّحة. كما تجري في تناقض الأيديولوجيا ما بين الصهيونية والإثنية والجهادية، ما يعكس خريطة مُعقّدة للصراعات الدينية والقومية.
وفي ظلّ استمرار الحرب على غزّة، تتراكم مُحفّزات الصراع الإقليمي في جانبي صعود الوعي الإثني وقضايا الهُويّة، وتناثر المنظّمات المسلّحة في مناطق كثيرة. وتُعدّ تجربة حزب الله في لبنان مُلهِمة في التعايش في دولة مُتعدّدة الإثنيات، فيما المُنظّمات الكردية والجهادية تريد تقاسم إقليم الدولة.
ومن منظور القدرات المؤسّسية، يتفاوت الميراث التنظيمي للحركات المسلّحة، فبينما يتمتّع حزب الله وحزب العمّال الكردستاني (الاتحاد الديمقراطي) بأسبقية التكوين،
تَتابَعَ ظهور حركاتٍ عديدة مع الثورة السورية، واتسم كثير منها بالطابع الهيكلي، وبعضها ارتبط بالطابع الشخصي، وأخيراً، أعلنت قوّات الفجر (الجناح المسلّح للجماعة الإسلامية اللبنانية) عن استئناف نشاطها.
تكوين الحركات الإثنية والجهادية
بتراجع الدولة، يتشكّل المناخ المناسب لتشغل الحركات المحلّية الفراغ. كان انتشار الجماعات المُسلّحة في سورية ولبنان على حساب الأمن الاجتماعي، كما تغلغلت في جهاز الدولة العراقية،
وعملت المنظّمات الكردية لبناء شبكة حركات مُسلّحة ومدنية. تُقدّم المنظّمات الشيعية الجهادية وحزب العمال نماذج لتجاوز الدولة التقليدية، فكلّ منها يعمل على توسيع دوائر نفوذه أو حرمان الحكومة من بسط سيطرتها في كامل الإقليم.
شكّلت هذه التطوّرات الأرضية المناسبة لفوضى التنقّل عبر الحدود السياسية ما بين العراق وسورية وتركيا. ومع حرب غزّة، انخرطت حركات في التعبئة الجهادية تحت شعارات مساندة المقاومة الفلسطينية واللبنانية،
وكان ظهور مُؤشّرات تعبئة لفروع جماعة الإخوان المسلمين في لبنان (الجماعة الإسلامية)، ومشاركة كتائب قريبة منها في إدلب، مُؤشّراً على الانسجام بين المنظّمات السنيّة والشيعيّة تجاه الهجمات الأميركية على تجمّعات عسكرية في سورية والعراق واليمن. لا يعتمد هذا التقارب على تجانس المرجعية الفكرية، بقدر ما يرجع إلى ميراث علاقات الإسلاميين والثورة الإيرانية.
في العقود القليلة الماضي، طُوّر مفهوم “الفاعلين من غير الدول”، لتفسير سلوك واتجاهات المنظّمات المُؤثّرة في السياسة الخارجية للدولة
وتساعد الخلفيّات الاجتماعية والدينية في فهم العوامل المُحفّزة وراء تشكيل هذه الحركات. وبينما تتّضح ملامح العضوية المُستقرّة نتيجة ارتباط الحركات الإثنية بالمجتمع،
تقوم سوسيولوجيا الجهاديين على حشد الوافدين وتمكينهم من المجتمع التقليدي. وفي جانب المنظّمات الشيعيّة، كان لتزامن التهجير القسري مع دخول حزب الله الحرب في سورية أثر في الانقسامات المذهبية،
لتتفاقم أعباؤها مع نشر مسلّحين تحت رعاية الحرس الثوري الإيراني، لتتضافر العوامل الدينية والعرقية في تعدّد مصادر الصراع. فقد صاحب الحرب نمطان من إزاحة السكان: تهجير وإزاحة السكان في الشمال السوري وبعض المناطق الداخلية، وجلب أخرين مكانهم تحت حماية المليشيات العراقية.
وبغضّ النظر عن ارتباط المُنظّمات الكردية بالتفاوت السياسي والاقتصادي، لعبت العوامل الخارجية دوراً مباشراً في تكوين قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لتتكامل مع نظيراتها في الدول الثلاث تحت مظلّة المساعدات الأميركية، ووجود روابط مع إسرائيل، والعمل تحت المظلّة الدفاعية الغربية. وتستمدّ الجهادية قوّتها من مصادر مماثلة،
فرغم خلافها ظاهرياً، تعمل شبكات الدعم في ضبط المعارك فيما بينها، وادّخار قواتها ضدّ محاولات إنتاج سلطة مركزية، واستمرارها عامل تهديد في التخوم الحدودية. فمن جهة،
لم تقدّم المجموعات الجهادية رواية متماسكة لاستقلال أهدافها عن السياقات الغربية. تفتح هذه الملامح الطريق أمام توسيع الساحات المُشتركة، والتفاهم على النقاط الحرجة في تدوير الأزمات تحت استدعاء مفاهيم الإيمان والجهاد لإطاحة السيادة الوطنية وتثبيت شرعية الواقع. راكمت هذه الأوضاع مخزوناً من الصراع الثقافي والعنف الاجتماعي، ترتّبت عليهما شبكات متناقضة في التخوم بين سورية والعراق وتركيا.
وفي مدى العقود القليلة الماضي، طُوّر مفهوم “الفاعلين من غير الدول”، لتفسير سلوك واتجاهات المنظّمات المُؤثّرة في السياسة الخارجية للدولة، وبغضّ النظر عن تفاصيل تطبيقاتها،
فقد جرى التوسع في تعريفها لتشمل القوى المحلّية، التي تسعى إلى تقويض نظام الحكم وتجاوزه من دون أن تتمتّع بالشخصية الدولية الاعتبارية، وترويجه في نطاق الشرق الأوسط ليكون الحكومة البديلة أو البقاء حالةَ تقسيم أو تمرّد. وبينما يتمتّع حزب الله بهذه الخاصيّة،
تعمل الولايات المتّحدة لتقديم “قسد” شخصية اعتبارية عبر دعم الانتخابات المحلّية، فيما تُبقى المنظّمات الأخرى، إمّا متداخلة مع الدولة كما في العراق، أو تُصنّف حركاتٍ متمرّدة.
في تداخل الإثنية والجهادية
على أيّ حال، يثير التلويح بفتح جبهة الشمال الاهتمام بكشف الاختلافات فيما بين المسلّحين والجماعات الإثنية، ما يثير النقاش حول اتجاهات المسلّحين بعد دخول العامل الإسرائيلي المباشر في الحرب. فمع شدّة الأزمة والصراع، سعت المنظّمات لطرح تصوّراتها تجاه الدولة المُتخيّلة والمرغوبة. في كلّ الحالات،
كانت الأطروحات على خلاف التكامل الوطني، سواء في حالة السعي لتكوين دولة إثنية أو إسلامية. وقد ارتبطت تلك الثقافة بنزعة انفصالية أو استعلائية، مصحوبة بالحشد الاجتماعي والديني وراء الوعي القومي والجهادي.
من وجهة تقليدية، دائماً ما يُثار الجدل بشأن أولوية الديني والقومي، فالحركات القومية هي في ذاتها أحزاب سياسية تتبنّى حقّ تقرير المصير وفق الأيديولوجية الماركسية.
في كثير من التجارب، تدور الهوية الإثنية حول نموذجَي؛ الانسجام الداخلي للجماعة وتلقين قِيَم الانتماء في المراحل العمرية المختلفة لتقوية الشعور الجمعي، استناداً إلى الاعتبارات السلالية.
تشترك في هذا الجانب الأحزاب الكردية المتمرّدة، فحسب خطابها السياسي ـ الاجتماعي، تعمل لبناء هُويّة ولاء لقادة الحركة لما يُعرف بالعضوية الإثنية التلقائية والمُكرهة. وفي سياق متقارب، تتبنّى المجموعات الجهادية سلوكاً مشابهاً للإثنية القومية، فيتّضح الترابط بين العضوية والأيديولوجيا واتّباع برامج للتنميط الثقافي للمجتمع المحلّي.
يسمح هذا التداخل بتكوين سرديّة توسّعية على حساب المخالفين/ الخصوم، واستيعابهم تحت مظلّة فكرية صارمة.
يوفّر الخلاف الإثني والسياسي في بلاد الشام والعراق البيئة الخصبة لاستمرار الحروب الصغيرة وتسميم المناخ السياسي والاجتماعي
لا يسري هذا التلاقي في حزمة الأهداف، إذ تَظهر سياقات مُتعارضة من جانب الحركات القومية والدينية. وبينما تعمل المنظّمات الفلسطينية وفق أجندة تحرّر وطني من الاستعمار الاستيطاني،
تتطلّع التنظيمات الكردية والجهادية إلى تغيير حدود ما بعد الحرب العالمية الأولى، سواء بالانفصال أو إطاحة الحُكم، لتَظهر نماذج تحرّرية بجانب كيانات مُتمرّدة أو موالية، ما يساهم في تشكيل بيئة غير مؤهّلة للاستقرار الاجتماعي. وبقاء العراق تحت تصنيف الدولة الرخوة لا يُعد مصلحة إقليمية،
كما يفتح الطريق أمام تغير ولاء المنظّمات المسلّحة حسب النفوذ الدولي في المنطقة. بدا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) متّسقاً مع موقفه التقليدي عندما تبنّى حادث كرمان (في إيران)، فهو يقوم لتطبيق الشريعة في بلاد المسلمين ومحاربة الحُكام الموالين للكفّار، ودائماً كانت تحرّكاته قريبة من نطاق السياسة الأميركية.
لا تستند هذه الأهداف إلى محتوى فكري مناسب لمستوى التغيير المرغوب، ما يضع المشروع السياسي أمام تحدٍّ لغموض ومحدودية القوّة، ولذلك، يُفضّل المسلّحون العمل ضمن مليشيا على التحوّل قواتٍ نظاميةً لسهولة الإدارة وغياب المسؤولية. تمثّل حالة حزب الله في لبنان حالة واضحة لإخضاع الجيش والتصرّف بموازاة الدولة،
وهي قريبة من النمط العراقي. ولأجل بقائها، تحافظ المجموعات الجهادية على بقاء التوتّر، والسعي للارتباط بطرف خارجي لإسناد ظهرها وتجديد مواردها، وهي في هذا السياق، تقوم بدور برميل البارود، وبدور مُسهّلِ التدخّل الأجنبي.
بشكل عام، يوفّر الخلاف الإثني والسياسي في بلاد الشام والعراق البيئة الخصبة لاستمرار الحروب الصغيرة، وتسميم المناخ السياسي والاجتماعي، عندما يتشارك الخطاب السياسي لكلّ الأطراف في التطلّع للاستئصال والاستبعاد. فبدايةً من حديث الصهيونية عن التهجير والقضاء على حركة حماس،
وانتهاءً بأهداف مسلّحي الشمال السوري وحزب الله في تقويض الدولة، تتشكّل الوصفات السهلة للفوضى، إذ يتماثل الصراع على الأرض، والرواية التاريخية وأولوية الدين أو المذهب.
إسرائيل وحيرة الحرب
مع استمرار الحرب في غزّة، تعلن إسرائيل تصوّرها لتطوير الصراع العسكري والأمني، فمن جهة، تمكن صياغة أهداف إسرائيل في نقل الحرب من غزّة إلى الضفّة الغربية وإلى لبنان، في سعيها إلى إعادة التشكيل الديمغرافي، لتقويض مكتسبات الفلسطينيين وخفض تهديد حزب الله،
تتكّون هذه الأجندة تحت مراجعة ما حقّقته من يهودية الدولة، والنقاء العرقي على حساب فلسطيني 1948. ومن جهة أخرى، تحرص الدول الغربية على خروج إسرائيل متماسكةً في مقابل تدمير قطاع غزّة وهزّ الاستقرار الإقليمي، والتخطيط لبناء معادلة أمنية تصلح لعقود لاحقة،
تقوم في أساسها على تكوين روابط مع بعض المنظّمات المُسلّحة، ودعمها بأجندة مُعاكسة للأمن الإقليمي.
ورغم الهوس الإسرائيلي بتوسيع الحرب، كما يتباين موقف السياسيين والعسكريين، انشغل جانب من مناقشات مؤتمر هرتسيليا (يونيو/ حزيران 2024) بوضع إسرائيل الحرِج ومدى الحاجة إلى توظيفٍ حكيمٍ للقدرات العسكرية يضمن الانتقال من الأعمال المرحلية للاستراتيجية.
وتكشف التقييمات الراهنة الحيرةَ إزاء التصرّف تجاه الوضع في غزّة أو الشروع في شنّ حرب على لبنان. في هذا السياق، ترتبط إسرائيل أمام عدم نضج تصوّرها مستقبلَ الوضع في غزّة،
والاستجابة لمقترحات أميركية باستئناف مشاريع دمجها في تحالف إقليمي ضدّ إيران، معالجةً لانكشافٍ أمني يتزايد مع اختلاف الموقف الغربي تجاه نشوب حرب إقليمية.
تعارض المُسلّحين والأمن الإقليمي
يعكس الوضع الإقليمي وجود تيّارات متعارضة بين مواقف الحركات المسلّحة والدول، إذ لا يبدو تجميع القدرات الإقليمية في اتجاه واحد، كما هناك اختلاف في أولويات الحركات المسلّحة، ويظلّ مستوى التنسيق بين الدول منخفضاً، وهي الدول التي تواجه تهديداً لمجالها الحيوي. ورغم الخلاف الأيديولوجي بين الجماعات المسلّحة، فإنّها تلتقي في معاندة مركزيّة السلطة، وتُفضّل الارتباط بتحالف خارجي.
في هذا النطاق، يتماثل السعي إلى سلطة الحكم الذاتي وفرض الجهاديين الأمر الواقع، فكلاهما يعملان لتفكيك الدولة وتفضيل المصالح الجزئية، وهنا، تكون منطقة الشام والعراق أمام أزمتَين؛ تكمن الأولى في صعوبة التوافق في التكامل السياسي تحت وطأة التطلّع إلى الحكم الذاتي أو الفيدرالية، وباستنادها إلى الدعم الأميركي، يُمهدّ إعلان “قسد” الانتخابات المحلّية خطوة للاقتراب من وضعية الفاعل في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، أمّا الثانية، فترتبط بصعوبة تصريف فائض العنف. لا يتعلّق التحدّي بنزع السلاح والاندماج في جيش وطني، فتركيبة التنظيمات المُسلّحة أقرب إلى تشكيلات مُتعدّدة الجنسيات، يعمل كلّ منها للاحتفاظ بالمصالح التي تشكّلت في العقود السابقة.
إزاء تشتّت مصالح الأمن الإقليمي وارتهان كثير من المنظّمات المسلّحة لإرادات خارجية متناقضة، يتنامى إدراك بأهمّية استكمال العلاقات السياسية واستعادة سلطة الدولة
وبينما استقرت هيمنتا حزب الله وحركة أمل، كانت التجربة السورية أكثر هشاشة، فشهدت سنوات الثورة ظهور واندماج كثير من المنظّمات، بحيث يصعب رسم اتجاه وملامح خطواتها القادمة. ومع استمرار الحرب، تتسارع عمليات حشد فلسطينيي المخيّمات في سورية ولبنان، لتشكّل بدايات مجموعات جديدة. ويمثّل صعود دور المجموعات المسلّحة تحدّياً للأمن الإقليمي،
وذلك لعاملي تناقض ولاءات الحركات المسلّحة وكثافة التدخّل العسكري لدول عدّة. تُمهّد هذه الانفعالات الطريق أمام خلخلة الأمن الإقليمي لشيوع المعارك متعدّدة الأطراف.
وكما تؤدي سيطرة كوادر الأحزاب الكردية على الإدارة المدنية إلى تمديد الصراع الإثني، تعمل هيئة تحرير الشام والمنظّمات اللبنانية لإدامة الفراغ السياسي.
وإزاء تشتّت مصالح الأمن الإقليمي وارتهان كثير من المنظّمات المسلّحة لإرادات خارجية متناقضة، يتنامى إدراك إقليمي بأهمّية استكمال العلاقات السياسية، واستعادة سلطة الدولة. وباعتبار التهديد الواقع على مصر وتركيا من تداعيات الحرب على غزّة،
يحدث تغيّر في السياسات نحو إظهار الدعم للبناء وتحييد الخلاف مع حزب الله، خطوة لتفاهمات مشتركة تجاه العدوان الإسرائيلي، بدت علاماتها في عدم اعتبار “الجماعة العربية” حزب الله منظّمة إرهابية، كما تعكس جولة السفير المصري في مطار بيروت تضامناً صريحاً مع لبنان ومكوناته السياسية والعسكرية.
وباعتبار الأزمة السورية من الملفّات المُعقّدة، تتلاقى سياسة مصر وتركيا في خفض تهديد الجماعات المسلّحة. فكما سارت عودة سورية إلى الجامعة العربية، تتجّه تركيا لتسريع عودة العلاقات، ورغم التأخّر النسبي لهذه التغيّرات، تزيد فرصة تأهيل الدولة لتخفيف حدّة النفوذ الخارجي،
ولتخفيف أو إزالة النزعات الانفصالية، المذهبية والعشوائية الجهادية. وبغضّ النظر عن اتجاهات التقدّم، فإنّها تُعدُّ استجابة لتحدّي الطموح الإسرائيلي والأميركي لفرض صياغة منفردة للشرق الأوسط. وهنا،
يمثّل الخروج من الخلاف على دمج سورية وضمان وحدتها مُؤشّراً على وجود قدرة في ضبط سلوك الجماعات المُسلّحة، ووقف تمدّد التطلّعات الانفصالية. ويشير التنسيق التركي ـ الإيراني تجاه استفتاء كردستان العراق في 2017 إلى إمكانية الوقاية من حالات تهديد مماثلة.
في ظلّ تداعيات الحرب بشأن أوكرانيا وغزّة، تحتاج المنطقة إلى بناء حيّزها الأمني والدفاعي ضدّ تداعيات الصراع بين الدول الكبرى، تكون مُهمّته تثبيط الحرب الأهلية فيِ سورية ومنع تحوّل المجموعات المسلّحة جماعاتٍ مُرتزقة سهلة الانخراط في أجندة دولية.
يوفّر الخلاف الإقليمي الفرصة لاستيلاء الدول الكبرى على المنظّمات المحلّية وإعادة توجيهها لخدمة حروبها. وبالتالي، يساعد اتساع التفاهمات بين تركيا ومصر والسعودية وإيران في عقد مائدة مستديرة لسدّ فجوات تغلغل الدول خارج الإقليم. تُمهّد تقاربات السنوات الماضية لتغليب مصالح الأمن الجماعي على الأهداف الخاصة.