مقالات ورأى

الدكتور أيمن نور يكتب : بعد وفاة تامر ضيائي.. الثمرة المسمومة لإهانة المشاهير وتجاوزاتهم

في الساعات الأخيرة، توفي الممثل المصري تامر ضيائي بعد مشاجرة بينه وبين موظف أمن بأحدالمستشفيات، ومشاجرة صورتها كاميرات معهد السرطان بالتجمع و كشفت عن ان الممثل كان يدفع بكرسي متحرك تجلس عليه زوجته وحاول موظف الامن منعه من الدخول

فحدثت مشادة انتهت بصفعه وجهها ضياء للموظف، ورد الموظف الصفعة، وبعد دقائق سقط تامر ضيائي وفارق الحياة.

واحسب ان الفترة الأخيرة، بدأت تنتشر ظاهرة غريبة على مجتمعنا، وهي إهانة الشخصيات العامة والفنانين من جمهورهم، و ايضا تجاوزات بعض الفنانين
خاصة المفترض انهم كبار
في حق هذا الجمهور
هذه السلوكيات ليست طبيعية وتحمل دلالات عديدة عن المجتمع والتغيرات التي طرأت عليه.

ففي الماضي، كان الناس يذهبون إلى حفلات أم كلثوم بملابس السموكين ويقولون حفلة “الست” أم كلثوم، ولا يذكرون اسمها مجردًا. كما كان الناس يذهبون لمسرحيات يوسف وهبي ويقولون إنهم ذاهبون لمسرح “يوسف بك” وهبي، ولم يكونوا يذكرون اسمه دون لقب “بك” .

ماذا حدث لنا؟

ما الذي جرى في سلوكنا -تحديدًا -في السنوات الماضية والشهور الأخيرة؟
وما الذي أوصلنا إلى هذا المستوى من الصفعات وخناقات الشوارع؟


لو رجعنا بالذاكرة قليلاً، سنجد أن الموضوع ليس جديدًا تمامًا. بل له جذور في النصف قرن الأخير، وغالبًا هو ثمرة مسمومة لحكم القوة وسيادة الدولة العسكرية،


حيث أصبحت النخب ذات السطوة والاحترام والحظوه ليست هي”البيه” و”الباشا” ليس يوسف وهبي ولا أم كلثوم، بل كل من يحمل نجمة أو شريطًا على كتفه.هو الباشا الوحيد المهاب والوحيد القادر ان يفعل كل ما يقبله او يرفضه


العقل والخلق والمنطق


هو الاقوي او الأشهر فهو يملك ان يصفع ولا يصفعه من قام هو بصفعه
واصبح بعض المشاهير متأثرا بشخصية امين الشرطة (حاتم) في رائعة خالد يوسف
(هي فوضى) يرتكبون مثل هذه الأفعال والخطايا دون تفكير في عواقبها وفقاً لقانون حاتم!!


وربما من كل الواقعات السابقة لا استثني الا واقعه الامس التي اتفهم -بقدر ما – حجم الضغط النفسي لرجل يدفع بزوجته المريضة بالسرطان علي كرسي متحرك والموظف يمنعه بسبب مرور الأطباء فتبقي المريضه في الشارع وفي هذا الحر الشديد بانتظار نهاية المرور !!


فربما رده فعل الفنان الراحل كانت خطأ منه لا يمكن تبريره لكنّه خطأ كان يمكن أن يقع فيه اي شخص من آحاد الناس فنان او انسان عادي في مثل حالته وظروفه


الصدام بين المشاهير والجمهور ليس جديدا وربما تكون حادثة عبد الحليم حافظ


أشهر واقعة -قديمة – يمكن اعتبارها بداية لهذه الظاهرة في حفلة “قارئة الفنجان” في ربيع 1976. عندما صعد عبد الحليم للغناء، و استقبله الجمهور بطريقة غير ودية مما جعله يخرج عن أعصابه. تعرض عبد الحليم لحملة إعلامية قاسية واتهمه بعض الصحفيين بالتكبر على جمهوره.واهانه هذا الجمهور


وكانت بداية المشكلة عندما قال أحد الجمهور لعبد الحليم: “ابنك بيعيط يا عبده”،


وحاول عبد الحليم أن يتمالك نفسه وطلب من الجمهور التزام الهدوء، لكن ذلك لم يجدِ نفعًا. في ظل إصدار صفارات للشوشره عليه
في النهاية،


اضطر عبد الحليم للرد بنفس الطريقة وقال لهم: “أنا كمان بعرف أزعق وأصفر زيكم كده”.
ورغم ان حليم لم يصفع احدا إلا ان الواقعه اضرت به وكانت شهاده وفاته قبل حدوث الوفاة الفعلية بعام ونيف

في الوقت الحالي، ظهرت هذه الظاهرة بوضوح في أكثر من موقف. مثلًا، في إحدى حفلات عمرو دياب، قام أحد الحضور بحركة مهينة فرد عليه عمرو دياب بصفعة.


أيضًا، محمد رمضان دخل في مشاجرة شوارع مع أحد معجبيه،


وكذلك ما حدث مؤخراً في جنازه الفنان صلاح السعدني بين اسرته والمصورين والصحفيين وهي الواقعة التي أحدثت جدلاً كبيرًا.
وأخيرًا، المشاجرة بين الممثل عبد الخالق ضيائي وموظف الأمن و انتهت الواقعة المؤسفه بوفاة الممثل وحبس الموظف.
والأسباب الكامنة وراء تكرار هذه الظاهرة؟!


فهذه المواقف تدفعنا للتساؤل عن الأسباب التي جعلت علاقة المشاهير بالجمهور تصل لهذه المرحلة. هناك عوامل كثيرة تلعب دورًا في هذا الموضوع،

منها التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي أثرت على نفسية الناس وجعلتهم يعبرون عن غضبهم وإحباطهم بطرق غير لائقة. بالإضافة إلى الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي التي جعلت كل شخص لديه منبر يعبر فيه عن رأيه -أحيانًا -بطرق غير محترمة. دون رادع طالما ظلت تجاوزاته بعيدة عن السلطة


دور الإعلام….


كذلك، يلعب الإعلام دوراً سلبياً بتسليط الضوء على هذه المواقف وتضخيمها بما يشجع الناس على تقليد هذه التصرفات لتحقيق الشهرة والاهتمام.

في النهاية، تدل هذه الظاهرة على وجود مشكلة أكبر في المجتمع وتستدعي أن نقف ونتأمل الأسباب والحلول الممكنة. فالشخصيات العامة والفنانين هم بشر أيضًا، ولهم حقوق مثل أي شخص آخر.

والاحترام المتبادل هو الأساس، وفقدانه يعني فقدان قيمنا ومبادئنا.
وعلى الفنانين والشخصيات العامة أن يدركوا أنهم ملتزمون أخلاقيًا تجاه جمهورهم، ويجب عليهم ضبط تصرفاتهم وردود أفعالهم حتى في وجه الاستفزازات.


والخلاصة….


علينا أن نعيد التفكير في كيفية التعامل مع هذه الظاهرة بطرق عقلانية وحكيمة، لضمان عودة الاحترام والتقدير المتبادل بين الشخصيات العامة وجمهورهم.حفاظاً على صورة مصر وقواها الناعمه.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى