جنوب السودان يفاجئ الجميع: مصادقة على اتفاقية عنتيبي تُشعل الخلافات المائية في حوض النيل
في خطوة مفاجئة، صادقت دولة جنوب السودان على اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل، المعروفة إعلاميًا باسم اتفاقية عنتيبي، مما أعاد الاتفاقية المثيرة للجدل إلى الواجهة من جديد.
يُذكر أن اتفاقية عنتيبي وُقعت لأول مرة في 14 مايو 2010 من قبل دول إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا، وانضمت لاحقًا كينيا وبوروندي.
وصُدِّقَت الاتفاقية رسميًا بعد نحو ثلاث سنوات من التوقيع، حيث صادقت عليها إثيوبيا في يونيو 2013، ثم رواندا في أغسطس من العام نفسه.
تلتها تنزانيا في 2015، أوغندا في 2019، وأخيرًا بوروندي في 2023، في حين لم تُصادق كينيا بعد على الاتفاقية.
تعترض مصر والسودان على اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل، متمسكتين باتفاقيات 1902 و1929 و1959 التي تمنع الإضرار بدول المصب، وتضمن حصصًا مائية ثابتة لهما. حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة المصرية أو السودانية على قرار جنوب السودان بالمصادقة على اتفاقية عنتيبي في 8 يوليو الجاري.
ووصف أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، خطوة جنوب السودان بأنها مفاجئة وصادمة لمصر والسودان، مشيرًا إلى أن موقف جنوب السودان الجديد قد يسبب شرخًا في علاقتها مع القاهرة.
وأوضح شراقي أن مصر لديها اعتراضات على الاتفاقية لأنها تمنح دول المنبع حق إقامة المشروعات دون الرجوع إلى دول المصب أو حتى دون الإخطار المسبق، مما يتعارض مع القوانين الدولية التي تنظم حق الانتفاع بالأنهار المشتركة.
من جانبه، يرى الخبير السوداني في مياه النيل، عبد العظيم عبد القادر، أن موقف جنوب السودان سيعيد الخلافات حول مبادرة دول حوض النيل.
مشيرًا إلى أن مصادقتها على اتفاقية عنتيبي ستعطي مشروعية لتأسيس مفوضية حوض النيل، كأداة جديدة للإشراف على قضايا مياه النيل.
توقع المستشار السابق لقوانين المياه بالبنك الدولي، سلمان محمد أحمد سلمان، أن تنال مفوضية حوض النيل القبول والدعم من الدول والمنظمات التي تعمل في مجال المياه والتنمية، معتبرًا أن الاتفاقية أصبحت واقعًا عمليًا بعد مصادقة جنوب السودان عليها.
ولكنه أكد أن تنفيذ الاتفاقية دون توافق سيزيد من التفرقة بين دول المنبع والمصب.
وأشار وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر علام، إلى أن بعض دول الحوض تحاول خلق حالة دائمة من القلق لمصر، التي تعتمد على نهر النيل، مؤكدًا أن مصادقة جنوب السودان لن تغير من موقف اتفاقية عنتيبي التي وصفها بأنها وُلدت ميتة وما زالت كذلك بعد مرور 14 عامًا.
ترتبط مصر وجنوب السودان بعلاقات دبلوماسية رسمية، حيث اعترفت القاهرة مبكرًا بالدولة الوليدة في 2011.
وفي يونيو الماضي، افتتح وزير الري المصري، هاني سويلم، عددًا من المشاريع في جنوب السودان، أبرزها مشروع تطهير بحر الغزال من الحشائش المائية، ومركز التنبؤ بالأمطار والتغيرات المناخية.