حوارات وتحقيقات

أنور الغربي لـ”أخبار الغد”: المشهد التونسي مرتبك والوضع الاقتصادي في غاية الصعوبة

تعيش تونس فترة مضطربة ومعقدة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، حيث تواجه تحديات كبيرة تهدد استقرارها ومؤسساتها الديمقراطية.

منذ استيلاء الرئيس قيس سعيد على السلطة عبر سلسلة من الإجراءات الاستثنائية، عمقت الأزمة السياسية في البلاد، مما أدى إلى تراجع الثقة في العملية الديمقراطية.

الوضع الاقتصادي زاد من تعقيد المشهد، حيث يعاني التونسيون من تداعيات تضخم الديون وتراجع الخدمات الأساسية مثل النقل والصحة والكهرباء.

بالإضافة إلى ذلك، تشهد البلاد ارتفاعًا في معدلات الجريمة وتدهورًا في الأوضاع الأمنية، مما يزيد من شعور المواطنين بعدم الأمان.

في هذا السياق، يتزايد القلق بشأن الانتخابات المقبلة، حيث يشكك الكثيرون في إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة في ظل الظروف الحالية.

الفاعلون السياسيون والمجتمع المدني يطالبون بضرورة إصلاحات جذرية وإجراءات تضمن الشفافية والمشاركة الشعبية، لضمان مستقبل ديمقراطي لتونس.

من خلال حوارنا مع السياسي التونسي، المستشار السابق لرئيس الجمهورية للشؤون الدولية، دكتور أنور الغربي، نستعرض رؤيته حول الوضع الحالي وآفاق المستقبل، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات المقبلة.

سيد أنور، كيف تقيم الوضع الحالي في تونس فيما يتعلق بالاستعدادات للانتخابات المقبلة؟

للأسف، الوضع الحالي في تونس لا يساعد على إجراء انتخابات رئاسية أو غيرها.

نحن رأينا أن كل الانتخابات التي أُجريت في فترة قيس سعيد لم تحظَ بمشاركة شعبية تذكر، إذ شارك فيها بمعدل 10% فقط من الشعب التونسي، وهذه نسبة ضعيفة جدًا حسب كل المقاييس.

الوضع الاقتصادي في البلاد في غاية الصعوبة والمعقدة، وتونس تعاني من قروض غير مسبوقة بدون أي شفافية في كيفية إنفاقها، والبرلمان الحالي، الذي جاء بنسبة 8% فقط من الأصوات، ليس له رقابة على أي شيء.

هل تعتقد أن الأوضاع الاقتصادية لها تأثير كبير على العملية الانتخابية؟

بالطبع، الوضع الاقتصادي شبه منهار وتشهد على ذلك كل التقارير الدولية. تأسيس الشركات الأهلية التي يدفع بها السيد قيس سعيد تمثل مشكلة كبيرة، فهي عبارة عن ميليشيات اقتصادية تستولي على المال العام والأراضي الوطنية، وتأخذ قروضًا بدون ضمانات من البنوك، مما يؤدي إلى انهيار الثروة في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد استثمار خارجي ولا خلق للثروة، مما يجعل الوضع الاقتصادي أكثر سوءًا.

وماذا عن الوضع الأمني والقضائي في البلاد؟

الوضع الأمني والقضائي مرتبك وخائف في نفس الوقت، ونسب الجريمة زادت بشكل كبير، وهناك أنواع جديدة من الجرائم غير معروفة من قبل في تونس.

القضاء أيضًا لا يقوم بدوره بشكل كامل وينفذ فقط التعليمات.

نرى العديد من الأحكام الصادرة ضد السياسيين والمسؤولين السابقين، مثل رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي، مما يؤكد استخدام القضاء لأغراض سياسية.

كيف يمكن تحسين الوضع وتوفير مناخ ملائم لإجراء الانتخابات؟

لابد من العمل الجماعي الآن والضغط بكل السبل الممكنة والمتاحة لتوفير المناخ الضروري والأساسي لإجراء الانتخابات.

يجب إطلاق سراح المساجين السياسيين وإيقاف الإجراءات الظالمة ضد القضاة المعفيين والإعلاميين.

كذلك، يجب التوقف عن استخدام القضاء للتخويف وترهيب الإعلاميين.

يجب أن يكون هناك قضاء مستقل قادر على القيام بدوره.

وما هو دور الطبقة السياسية في هذا السياق؟

يجب على الطبقة السياسية، من أحزاب ومجتمع مدني ونقابات، أن تفرض الخيار الحالي على قيس سعيد ومن حوله.

هذا مهم جدًا لأنه المناخ السياسي السليم هو الذي سيوفر الأجواء لإجراء الانتخابات.

يجب أن تكون هناك هيئة انتخابات مستقلة، وليست الهيئة الحالية التي عينها قيس سعيد بنفسه، لأنها لا تتمتع بأي مصداقية.

ما هي الخطوات اللازمة لضمان نزاهة الانتخابات؟

يجب توفير ضمانات للانتخابات عبر هيئة انتخابات مستقلة تمامًا. في ظل غياب المحكمة الدستورية، يجب الاتفاق على هيكل يتم الرجوع إليه للفصل في النزاعات.

إذا لم تكن النتيجة لصالح قيس سعيد، يجب أن يكون هناك إطار قانوني ودستوري يحترم الجميع قراراته.

هل تعتقد أن هذه الحلول كافية لإنقاذ تونس من الوضع الحالي؟

إنقاذ تونس من الوضع الحالي يتطلب جهدًا جماعيًا وعملًا مكثفًا. لا يمكن أن تستمر الأوضاع الحالية، ولابد من فرض قواعد لعبة سياسية نزيهة وشفافة، حيث يكون الشعب هو الحكم من خلال مؤسساته الديمقراطية.

فقط بهذا الشكل يمكن تحقيق مستقبل أفضل لتونس.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى