مقالات ورأى

محمد عبدالقدوس يكتب : ألو من الديوان الملكي !! عجائب عبدالقدوس

ولأن اسم الملك “سلمان” جاءك في مقالي الأخير عن الفارق بين إعتذار “ناصر” لوالدي وإعتذار الملك “سلمان” وولي عهده لأسرة المرحوم “جمال خاشقجي” .

.فإنني تذكرت على الفور زيارتي إلى السعودية قبل سنوات ..
وكانت بالتأكيد أغرب رحلة في حياتي كلها ..
وملايين الناس ذهبوا إلى هناك في زيارة حج أو عمرة أو للعمل ..لكنني كنت مختلفاً عنهم ، فقد ذهبت إلى هناك دون تأشيرة !

ولم يكن معي حتى جواز سفر وهكذا حال كل أفراد الأسرة الذين كانوا معي ..


وأسألك: هل يعقل أن يسافر إنسان إلى أي مكان في الدنيا شرقاً أو غربا دون أن يكون معه جواز سفر أو ما يثبت شخصيته ..
أنه حدث إستثنائي بالطبع لم يتكرر لا من قبل ولا بعد !!

وقبل أن أشرح لك التفاصيل أقول أنني كنت في الفندق الفخم الذي يطل على الكعبة مباشرة ،

وأستعد لتأدية الطواف بعدما لبست ملابس الإحرام عندها فوجئت بجرس الهاتف يرن في حجرتي ..
وقال المتحدث أنه من الديوان الملكي بالرياض وسمو الأمير يريد التحدث معي .
وأصابتني الدهشة بالطبع وتساءلت عن ماهية سمو الأمير هذا .. وما هي إلا بضع دقائق حتى كان يحدثني .. أنا الأمير “سلمان” .. البقية في حياتك يا أستاذ “محمد” .. أنا كنت بحب والدك قوي وذهبت إلى منزلكم بالقاهرة أكثر من مرة في سهرات لطيفة جمعتني بوالدك رحمه الله.

وتذكرته أنه الأمير “سلمان بن عبدالعزيز” وكان وقتها أمير منطقة الرياض ، وظل سنوات هناك قام بتحويلها من مدينة صغيرة إلى عاصمة حديثة ، قبل أن يصبح ولي للعهد ثم ملكاً على السعودية ..


ووالدي كان يعرفه جيداً ضمن عدد من الأمراء من بينهم الأمير “عبدالله الفيصل” والأمير “طلال بن عبدالعزيز” رغم أن قصصه كانت ممنوعة في السعودية في ذلك الوقت !!
والأمير “سلمان بن عبدالعزيز” الملك بعد ذلك كان معروفاً بعلاقته الوثيقة بالمثقفين وكبار الكتاب في شتى أنحاء الوطن العربي.

وختم الأمير حواره معي .. “لو عايز أي حاجة إحنا تحت أمرك”!

ومن حقك أن تتساءل: إزاي الأمير يكلمك وتنزل في ضيافة السعودية بالفندق الفخم الذي يطل على الكعبة مباشرة وليس معك جواز سفر ؟!


ودخلت السعودية بدون تأشيرة ؟!
وفي البداية أقول لك إن عزاء الأمير لم يكن لوفاة والدي ، فقد توفي قبل سنوات من هذه المكالمة ، وإنما كان عزاءه لوفاة أستاذي الشيخ “محمد الغزالي ” رحمه الله وكان لي شرف الزواج من أبنته .. وقد مات في الرياض أثناء حضوره مؤتمر علمي هناك .. وبعد وفاته بساعات قليلة أتصلت بي السفارة السعودية وطلبت أن تكون أسرة الشيخ الراحل في مطار القاهرة غداً صباحاً للذهاب لحضور جنازته ودفنه !!


وتعجبت جداً من هذا الكلام قائلاً: العديد من أفراد أسرته ليس معهم جواز سفر !!


إزاي يسافروا وليس عندهم ما يثبت شخصيتهم ولا تأشيرة للدخول إلى السعودية .. وكان الرد حاسماً .. مالكش دعوة .. الأسرة بكرة تكون واقفة أمام قاعة كبار الزوار بمطار القاهرة العاشرة صباحا.


وفي التوقيت المحدد كنا هناك .. ووجدنا السفير السعودي وأركان السفارة وبعد تقديم واجب العزاء قال أتفضلوا معايا وكانت هناك طائرة خاصة قادمة من السعودية تتبع ولي العهد _ الملك بعد ذلك _ “عبدالله بن عبدالعزيز” .. وذهبنا إليها مباشرة دون المرور على جوازات السفر المصرية ..

وبعد وصولنا إلى عاصمة السعودية لقينا حفاوة شديدة ، وألقينا نظرة وداع على المرحوم وقدم لنا العزاء ولي العهد السعودي الأمير “عبدالله” ، وبعد ذلك قمنا بدفنه في المدينة المنورة بناء على وصيته ،

ثم ذهبنا إلى مكة لأداء العمرة ، وعدنا إلى القاهرة كما سافرنا من غير جواز سفر ولا تأشيرة ولا مرور على الجوازات !! عجائب !!

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى