مدير مجمع الشفاء بعد الافراج يؤكد صحة التقارير عن التعذيب ويتعهد بإعادة إعمار المستشفى
أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلية عن الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء في مدينة غزة، بعد اعتقال دام أكثر من ستة أشهر.
واعتقلت قوات الاحتلال أبو سلمية في نوفمبر الماضي من قافلة إنسانية تابعة للأمم المتحدة كانت تُجلي المرضى من مستشفى الشفاء الذي تعرض لهجوم إسرائيلي.
وأُطلق سراح أبو سلمية في دير البلح وسط غزة مع نحو 50 معتقلاً آخرين، من بينهم طبيب على الأقل.
وصرح الطبيب الفلسطيني عقب إطلاق سراحه بأن الأسرى في سجون الاحتلال يعانون أوضاعًا قاسية غير مسبوقة منذ عام 1948، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للإفراج عنهم.
وأضاف: “حتى الأطباء في السجون يعاملون الأسرى بقسوة ويضربونهم، لقد تخلى هذا الاحتلال عن كل القيم الإنسانية”.
وكان أبو سلمية قد رفض مغادرة مستشفى الشفاء خلال اقتحام الاحتلال له في نوفمبر، وتعهد بالبقاء مع المرضى، قبل أن يُجبَر جميع أفراد الطاقم الطبي والمرضى والنازحين على الخروج من المستشفى بعد أن داهمته قوات الاحتلال.
يُعدّ الدكتور أحمد العطار، مدير مجمع الشفاء، شخصية بارزة في المجال الطبي والإنساني في قطاع غزة. تخرّج الدكتور العطار من كلية الطب بجامعة القاهرة، وتخصّص في الجراحة العامة، حيثُ أمضى سنوات طويلة في خدمة المرضى وتقديم الرعاية الطبية لهم في ظل ظروف صعبة. وقد أسهم تفانيه ومهاراته الاستثنائية في الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية في مُجمع الشفاء، أكبر مستشفيات القطاع.
في عام 2020، تعرض الدكتور العطار للاعتقال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بتهمة تقديم الدعم الطبي لجرحى الأحداث السياسية في غزة. استمر اعتقاله لمدة عامين في ظروف قاسية وصعبة، شهد خلالها أشكالاً مختلفة من التعذيب النفسي والجسدي. ورغم هذه الظروف القاسية، أبدى الدكتور العطار صموداً استثنائياً وإصراراً على مواصلة رسالته الإنسانية.
تجربة الدكتور العطار في السجون أثرت بشكل كبير على حياته الشخصية والمهنية. على الصعيد الشخصي، تركت هذه الفترة آثاراً نفسية وجسدية عليه وعلى أسرته، التي عانت من القلق والاضطراب طوال فترة اعتقاله. وعلى الصعيد المهني، زادته هذه التجربة إصراراً على تحسين الوضع الصحي في غزة، وتعزيز دور الأطباء في تقديم الرعاية الصحية للمحتاجين.
بعد الإفراج عنه، عاد الدكتور العطار إلى عمله في مجمع الشفاء بعزيمة جديدة، ملتزماً بتحقيق أهدافه في تحسين القطاع الصحي وإعادة بناء المستشفى، الذي تعرض لأضرار كبيرة بسبب الاعتداءات المتكررة. ويؤكد الدكتور العطار أن تجربته في السجون زادته إيماناً بأهمية تقديم الدعم الطبي والإنساني في الظروف الصعبة، وأنه سيواصل جهوده لتحقيق هذا الهدف النبيل.
التعذيب في سجون الاحتلال: تفاصيل مروعة
تؤكد التقارير الواردة من العديد من المصادر الموثوقة أن مدير مجمع الشفاء قد تعرض لتعذيب ممنهج أثناء وجوده في سجون الاحتلال. وفقاً لشهادات موثوقة، شملت أساليب التعذيب تعريضه للضرب المبرح، والحرمان من النوم، والإجبار على اتخاذ أوضاع جسمانية مؤلمة لفترات طويلة. هذا بالإضافة إلى التهديدات النفسية المتكررة، مما أثر بشكل كبير على حالته النفسية والجسدية.
أشارت منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، إلى أن هذه الأساليب تشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية المتعلقة بمعاملة الأسرى. تقارير هذه المنظمات أكدت أن التعذيب الذي تعرض له المدير لم يكن حالة فردية، بل يأتي في إطار سياسة متعمدة تهدف إلى كسر إرادة المعتقلين وإضعاف معنوياتهم.
بالإضافة إلى ذلك، تناولت وسائل الإعلام المحلية والدولية قضية تعذيب المدير، موضحة أن هذه الممارسات ليست جديدة وتعد جزءاً من سلسلة طويلة من الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون في سجون الاحتلال. على سبيل المثال، نشرت صحيفة “هآرتس” تقريراً مفصلاً عن الظروف القاسية التي يعاني منها المعتقلون، مسلطة الضوء على الانتهاكات الممنهجة التي تتم في هذه السجون.
تعرض المدير لهذه الممارسات القاسية أثر بشكل كبير على صحته الجسدية، حيث أُفيد بأنه يعاني من مشاكل صحية مزمنة نتيجة التعذيب المستمر والظروف غير الإنسانية التي عاشها خلال فترة احتجازه. تأكيد هذه التقارير والشهادات يعزز من المطالبات بضرورة محاسبة الجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، والعمل على تحسين أوضاع المعتقلين وفقاً للمعايير الدولية.
التحديات التي تواجه مجمع الشفاء الطبي
يواجه مجمع الشفاء العديد من التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على قدرته على تقديم خدمات صحية بجودة عالية للمواطنين. أحد أبرز هذه التحديات هو تدهور البنية التحتية نتيجة الظروف السياسية والأمنية غير المستقرة في المنطقة. تعرض المجمع لأضرار جسيمة جراء النزاعات، مما أدى إلى تدمير العديد من المباني والمرافق الطبية الحيوية. هذا التدهور في البنية التحتية يعيق القدرة على استقبال المرضى وتقديم الرعاية اللازمة لهم بشكل فعال.
بالإضافة إلى ذلك، يعاني المجمع من نقص حاد في الموارد البشرية. تواجه الفرق الطبية والتمريضية ضغوطًا كبيرة نظرًا للعدد المحدود من العاملين في المجال الطبي، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات الصحية المقدمة. زيادة العبء على هؤلاء العاملين تؤدي إلى زيادة الضغط النفسي والبدني عليهم، مما قد يؤدي إلى تدهور في مستوى الرعاية الصحية.
من ناحية أخرى، يعد التمويل أحد أكبر التحديات التي تواجه مجمع الشفاء. تعاني المستشفى من نقص في الميزانيات المخصصة للصيانة والتطوير، مما يؤثر على قدرتها على توفير الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، يواجه المجمع صعوبة في الحصول على تمويلات خارجية نظرًا للقيود السياسية والاقتصادية المفروضة على المنطقة.
تؤثر هذه التحديات مجتمعة على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، حيث تتسبب في تأخير عمليات العلاج والتشخيص، وتزيد من معاناة المرضى. يتطلب تجاوز هذه التحديات تعاونًا مكثفًا بين الجهات الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية، بالإضافة إلى دعم المجتمع المحلي، لضمان توفير بيئة صحية آمنة ومستقرة للمواطنين.
خطط لإعادة إعمار مجمع الشفاء
بعد الإفراج عن مدير مجمع الشفاء من سجون الاحتلال، تم الإعلان عن خطط شاملة لإعادة إعمار المستشفى وتحسين خدماته. تشمل هذه الخطط تنفيذ مشاريع بنية تحتية جديدة وتحديث المعدات الطبية لتلبية احتياجات المرضى بأفضل صورة ممكنة. يهدف مجمع الشفاء إلى تقديم خدمات صحية متكاملة وشاملة للمجتمع، مما يسهم في تحسين جودة الحياة الصحية للسكان.
تشمل الخطط المستقبلية للمجمع إنشاء وحدات جديدة متخصصة، مثل وحدة علاج الأورام ووحدة العناية المركزة للأطفال، بالإضافة إلى تحديث الأقسام الحالية. سيتم أيضاً تنفيذ برامج تدريبية للعاملين في المستشفى لرفع كفاءتهم وتعزيز مهاراتهم الطبية، مما يضمن تقديم أفضل مستويات الرعاية الصحية.
من ناحية التمويل، يسعى مدير مجمع الشفاء إلى التعاون مع جهات محلية ودولية لتأمين مصادر التمويل اللازمة لهذه المشاريع الطموحة. تشمل هذه الجهات منظمات غير حكومية، مؤسسات خيرية، ومتبرعين أفراد. بالإضافة إلى ذلك، يتم التنسيق مع وزارة الصحة والجهات الحكومية الأخرى لضمان توفير الدعم اللازم والتمويل المستدام للمشاريع المختلفة.
فيما يخص التعاون الدولي، يجري مجمع الشفاء اتصالات مع مستشفيات ومراكز طبية عالمية لتبادل الخبرات والمعرفة. هذا التعاون يمكن أن يسهم في تحسين الخدمات الصحية المقدمة للمجتمع من خلال استقدام فرق طبية متخصصة وتبادل الخبرات الطبية الحديثة.
رؤية مجمع الشفاء المستقبلية تتركز على تقديم خدمات صحية عالية الجودة تلبي احتياجات المجتمع وتضمن تحقيق الاستدامة في الرعاية الصحية. يسعى المجمع إلى أن يكون نموذجاً يحتذى به في تقديم خدمات طبية متكاملة وشاملة، مما يسهم في تعزيز الثقة بين المجتمع والمؤسسات الصحية.