مقالات ورأى

الدكتور أيمن نور يكتب : منصور والمصطفيان في حياتي

في الذكرى الـ35 لرحيل أستاذي وحبيبي وأبي الروحي، فارس صحافة المعارضة في مصر مصطفى شردي،

أستذكر بحب وعرفان الأثر العميق الذي تركه هذا الرجل العظيم في حياتي. جنبا الى جنب أستاذي ومعلمي الاول في الإنسانية والصحافة والليبرالية الكاتب الكبير مصطفى أمين الذي دافع عني في مقاله “فكرة” عندما تم اعتقالي في مارس 1982 وأنا طالب جامعي. ورشحني قبلها لجائزة من الدولة في أول عيد للفن والثقافة عام ١٩٧٩وكنت وقتها تلميذا في المرحلة الثانوية!!

بدأت قصتي مع العملاق مصطفى امين ، حين كنت رئيسًا لاتحاد طلاب الجمهورية للمدارس الثانوية والفنية ودور المعلمين والمعلمات.

كان شغفي بالصحافة يتقد، وأحلم بلقاء الكتاب الذين تأثرت بهم، وخاصة (الانسان) مصطفى أمين وتحقق هذا الحلم عدة مرات، مع الاستاذ مصطفى امين دون غيره وكانت تلك اللقاءات من أهم محطات حياتي المهنية.

وفي أول عيد رسمي للفن والثقافة قرر الرئيس الراحل أنور السادات تكريم شخصيات صحفية متميزة ، وكلف الوزير الشاب ‘ الليبرالي منصور حسن بالتشاور مع القيادات الصحفية لاختيار اسماء المكرمين. و رغم غضب السادات على مصطفى أمين، لم يتجاهله منصور حسن ، بل زاره في منزله وطلب مساعدته في الاختيار

والمفاجأة كانت عندما رشح أمين اسمي لتكريمي لدوري في الصحافة الشبابية والطلابية. وانا تلميذا في المرحلة الثانوية!!فكانت تلك اللحظة بمثابة قبلة حياة في مسيرتي المهنية الصحفية.

أما القبلة الثانية فكانت عندما بدأ فؤاد باشا سراج الدين الاستعداد لإصدار صحيفة الوفد. فرشح مصطفى أمين الأستاذ مصطفى شردي لرئاسة تحرير الوفد، بعد اعتذاره هو عن تولي المنصب.

شردي الذي نحتفل بذكرى رحيله الـ35، كان خلال سنوات عملي تحت رئاسته ورعايته أبا حنونًا ومدرسة في الصحافة والحياه ، والوطنية. قاد الصحيفة ، بشجاعة ، وحب للوطن.

ولد مصطفى شردي في بورسعيد عام 1934، وكان من أهم نواب المدينة في البرلمان. •••كان دائمًا يقول لي إنه جمع في يديه كرتي لهب (الصحافة والنيابة). بدأ شردي مسيرته الصحفية في أوائل الستينيات مراسلًا لأخبار اليوم في بورسعيد، حيث أبدع في تغطيته للعدوان الثلاثي. وقام بتصوير مشاهد خطيرة لآثار العدوان ، طار بها عبد الناصر للأمم المتحدة لعرض الصور التي تكشف بشاعة ما تعرضت له بورسعيد.

في السبعينيات أسس شردي جريدة الاتحاد في الإمارات، وكان رائدًا في صناعة الصحافة الجديدة هناك.

شردي ..لم يكن مجرد كاتب موهوب، بل كان له رؤية عميقة في الصحافة والسياسة. برزت في صحيفة الوفد التي أسسها بدمه، وتسلم رئاسة تحريرها بعد تزكية من مصطفى أمين. ونجح في تطوير محتواها وتحويلها لاول صحيفة يومية معارضة،

ورفع مستوى التوزيع و المهنية بها، فترك بصمة كبيرة في تاريخ الصحافة المصرية، وكان ومازال مصدر إلهام لعدد كبير من الصحفيين، وأنا واحد منهم.وبرحيله، فقدت الوفد والصحافة المصرية عملاقًا، ولكن إرثه يظل حيًا في وجدان ممن عمل معه ، وتعلم منه. رحم الله أساتذة الجيل وكل جيل (المصطفيان).

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى