مقالات ورأى

محمد عماد صابر يكتب : نكبة 30 يونيو وجمهورية الخوف! ( 1- 3 )

في جمهورية الخوف لا صوت يعلو فوق صوت الطاغية ولا تسمع فيها سوى صوت قعقعة السلاح ووقع أقدام البيادات الغليظة وصوت صرير الأبواب الحديدية في المعتقلات المظلمة وأنات وصرخات المعذبين في أقبية تعذيب عصابات العسكر ..


نعم هذا هو الحال في جمهورية السيسى، حيث يقبع أكثر من مائة ألف معتقل يتقدمهم أكثر من مئة عضو من نواب الشعب الذي يمثلون إرادة مصر،

فالطاغية لا حاجة له في جمهورية الخوف لأن يسمع صوت الشعب ولا يهتم بمن يعبر عن إرادته من نواب، فالشعب ونوابه ومصر كلها صارت رهينة في قبضة الطاغية وعصابته العسكرية، وقابعة متشحة بالسواد تحت قوائم عرشه الملوثة بدماء الأبرياء.
الواقع في سجون العسكر تخطى ما يمكن تصوره..

فإن أردت أن تتكلم وتحكي عن الانتهاكات وفظاعتها التي تتم تجاه المعتقلين وأسرهم في ظل حكم العسكر الانقلابي، فتأكد أنك بحاجة إلى أيام أو ربما شهور لتنتهي من سرد معاناتهم.. فالانتهاكات في سجون مصر تخطت كل الفئات العمرية، فتجد الطفل والشباب وكبار السن والنساء.. وتزداد معاناة المعتقلين،

خاصة المرضى منهم، سوءا مع بدء فصل الشتاء، نتيجة الأجواء شديدة البرودة، حيث تنعدم كافة وسائل التدفئة التقليدية، ويرافق ذلك منع إدارة السجون الأهالي من إدخال الأغطية والملابس الشتوية لذويهم.. وكذلك هذه الأيام حيث الحرارة الشديدة والتهوية الرديئة والرطوبة الخانقة.. لا تتوقف المعاناة بحق المعتقلين عند الانتهاكات وصنوف التعذيب التي يتعرضون لها بالداخل،

بل يمتد التعذيب لأسر هؤلاء المعتقلين أثناء الزيارة، لتؤكد أن وحشية الانقلاب وممارساته الانتقامية لا تقتصر فقط على الأبرياء من المعتقلين؛ وإنما تمتد لتشمل الأهل والأقارب، لا يستثنى من ذلك أطفال أو كبار سن، ولا رجال أو نساء، حيث تتعمد إدارة السجون إهانتهم وإذلالهم، والتعسف معهم في كافة الإجراءات.


ومعاناة أهالي المعتقلين عديدة، تبدأ بتدبير المال لشراء مستلزمات زيارة المعتقل من طعام وملابس وأدوية في حال مرضه، ومبلغ مالي يُترك في خزينة الأمانات بالسجن، فضلا عن نفقات الانتقال إلى مكان الاحتجاز الذي غالبا ما يكون بعيدا عن محل السكن.. وقد اضطرت أسر كثيرة لبيع ممتلكات خاصة توفيرا لسبل الإنفاق بعد غياب العائل في السجن،

ولجوء البعض منها إلى الاقتراض، وفضلا عن ذلك يواجه أهالي المعتقلين كل أنواع التعنت خلال الزيارات، بدءا من قصر الزيارة على عدد قليل من الزوار من ضمن طوابير طويلة عادة بالمئات،

ما يضطر الأهالي للمبيت أمام باب السجن لضمان أسبقية الترتيب.
ومنع دخول الطعام والملابس وبعض الأدوية التي تحضرها الأسر، إضافة إلى قِصر مدة الزيارة التي تكون في بعض السجون من خلف حائط زجاجي، ويتم التحدث عبر هواتف مراقبة أمنيا.


إن النظام الانقلابي يحاول عبر الإجراءات القمعية كسر أهالي المعتقلين ماديا ومعنويا ليتخلوا ليس عن ذويهم فقط، بل عن خيار استكمال الثورة.. كل ذلك يحدث في ظل حالة من النفاق الدولي بالسكوت عما يجري في حق المعتقلين وأسرهم من انتهاكات.
بل ثمة نوعٌ من التسويغ والتبرير الحقوقي لهذه الجرائم من قبل جمعيات حقوق الإنسان داخل النظام،

وكذلك المؤسسة الدينية في مصر.. حتى أصبحت السجون تكتب شهادات وفاة المعتقلين فيها يوميا!، ومع هذا الوضع المظلم تلمح ابتسامة مشرقة مرتسمة على وجوه المعتقلين وكأنهم يقولون لنا: “على الرغم مما نحن فيه، إلا أننا ثابتون وصامدون لأننا ندرك أننا على الحق”.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى