مصرمقالات ورأى

الدكتور أيمن نور يكتب : في الذكرى الصاخبة.. نصيحة واجبة.. قل لي من بات معك، أقول لك أين أنت الآن

لا أعرف معنى لاحتفال بانتصار لم تتحقق نتائجه، ولم يدرك المنتصر فيه ، أيًا من أهدافه المعلنة. ..خطأ فادح يقع فيه من يتعامى عن الواقع ويصر على أن التاريخ توقف عند لحظة بعينها، سواء كانوا من المؤيدين -أو المعارضين – لهذه اللحظة.

فلا يمكن لأي رجل عاقل أن يعاند الواقع، ويفترض أن شيئًا لم يحدث، وأنه كان ولا يزال الوحيد الذي يمتلك المعرفة والخبرةوالشعبيه. منخدعًا بأصوات المتملقين وتصفيق المصفقين-المضطرين-فالتصفيق حتى الألم ، لا يعني القبول أو الرضا.

.العلاقة بين الشعب وحاكمه، حديثة العهد أو طويلة الأمد- تمر بمراحل متعددة، تتغير فيها مشاعر الناس ،ومواقفهم، وتتناقض أحيانًا، من النقيض للنقيض!!

بدايات قد تكون واعدة:

عندما يلتقي الشعب بالوجه الجديد لأول مرة، يكون عادة متلهفًا للتعرف على الرجل المنتظر، وتكون معلوماته عنه مصنوعة،و مشوشة في معظم الأحيان. إلا أن الإعجاب بمظهره القوي، أو شخصيته الغامضة ، سرعان ما يتحول إلى أمل في أن يكون هو المخلص الذي يحقق لهم الطموحات المنشودة.

وهم الإعجاب:

سرعان ما تتحول هذه الحالة من الإعجاب المصنوع ،إلى انبهار كاذب بشخصيته ،وقدرته على القيادة وعباراته الحالمة وكلماته الناعمة، وانحيازه للضعفاء وقدرته على الوصول إلى قلوبهم ،ودغدغة مشاعرهم. ويتصاعد هذا الانبهار ليتحول إلى حلم.

الحلم والكابوس:

يبدأ الشعب بحلم كبير عن تغيير الواقع البائس إلى مستقبل مشرق. حلم بالقضاء على الفساد والفقر، وتحقيق تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون، والحرية في التعبير، وتوفير التعليم والأمن والكرامة والكهرباء والماء والخدمات الرئيسية. حلم ببناء دولة قوية تحافظ على مصالحها الوطنية. ولكن للأسف قد يتحول الحلم إلى واقع جديد اكثر تعقيدا ومرارة وأشبه بالكابوس منه الي الحلم!!

سراب الوعود:

في العادة يعد الحاكم شعبه بتحقيق الإصلاحات المطلوبة، رغم معرفته بصعوبة تنفيذ هذه الإصلاحات في المواعيد والتوقيتات التي وعد وتعهد بها. واذا كان لا يعرف فالمصيبه اكبر!! .وفي مشهد متكرر ،تتوالى الوعود ،والعهود، وتتعاقب المواعيد ،تلو الأخرى، وتظهر العقبات التي لم يكن يعرف عنها الكثير،

فالواقع أشد قسوة مما كان يُتصور بحكم خبرته المحدودة. <نعم ..مؤسسات الدولة منهارة، ..مواردها محدودة،

لكن الأسباب الحقيقية واضحة وضوح الشمس

أولها:ان الكفاءات مستبعدة،

ثانيها:الفساد مستشرٍ.

..وفي ظل هذه الظروف، يهرب الناس التي تحترم نفسها وسمعتها من العمل العام ،الي حياتهم الخاصة،فيرفضون العمل الوزاريّ او الرسمي او الحكومي فيبدأ الرجل الواحد بالاعتماد على نفسه ومؤسسته الوحيدة في كل شيء لسد الفجوات، باعتباره هو الدولة والدولة هو،

وهي الوطن والوطن هي. وتتحول الاحزاب السياسية لمكاتب فرعية للأجهزة الأمنية والسيادية شأنها شأن كل المؤسسات الوسيطة والجهات غير الحكومية. فينكشف ويتعري ظهر الوطن الذي اختزل في رجل واحد أو مؤسسة واحدة

قلق وإحباط: مع تصاعد التحديات ،وفشل ، الرجل و المؤسسة الوحيدة المنوط بها كل شيء، تبدأ الأصوات المحترمة في الارتفاع -مجددًا- محذرة من الأخطاء المتكررة،وسوء الأحوال.

..لكن بدلاً من الإصغاء لهم، يتم تهميشهم ،واتهامهم بالخيانة ،أو المعارضة الهدامة. ويتزايد الإحباط بين الشباب وقطاعات واسعة من الشعب، وتنخفض شعبية الرجل، حتي لو ظل الدعم له قائمًا، لدى قطاعات نخبوية صغيرة ، سرعان ما يتآكل، ويتراجع ،دعمها له ،يوماً بعد يوم.

الإصلاح المغشوش:

في مثل هذه الأوقات الحرجة تبقى الحاجة إلى تصحيح المسار ،ومواجهة الأخطاء بشجاعة، فهذا الخيار ،ليس خيارًا ترفيًا، والغش في مثل هذه الأمور ،لا يغني، ولا يثمن ،من جوع. <..فلا بديل عن خطوات جريئة وصادقة وتغيير حقيقي،لتصحيح المسار، فالاعتراف بالأخطاء ليس ضعفًا،

بل هو قوة ،تدفع دون غيرها إلى الأمام. <..بينما تبقى الإصلاحات المغشوشة ،خطوة واسعة نحو الخلف، والتغيير الحقيقي الذي يصدقه الناس هو الرقم الصعب في معادلة الإصلاح. -فلا تغيير بذات الوجوه التي مازال فأسها في رؤس الناس-

التاريخ والشعوب:

إن تصحيح المسار قد يبدوا صعباً ،ولكنه ليس مستحيلاً. فالزعماء الذين خلدتهم أممهم ،هم أولئك الذين اعترفوا بأخطائهم ،وواجهوها بشجاعة، مثل :- زعيمي سعد زغلول و تيودور روزفلت ،وونستون تشرشل، ومهاتير محمد.

..فالإصلاح السياسي هو الأساس الوحيد للخروج من المأزق

نصيحة

إذا أراد أحد المخلصين أن يحسنوا للرجل ولا يدلسوا عليه، عليهم أن يسألوه كل صباح السؤال التالي: “قل لنا من بات معك اليوم، لنقول لك أين أنت الآن”؟؟؟؟.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى