مقالات ورأى

أنور الغربي يكتب: راشد الغنوشي في مواجهة الاستحمار للشعب

بمناسبة فشل الانقلابات في أمريكا اللاتينية وتصدي الشعب لها يجب عدم نسيان من سارعوا بالنزول للدفاع عن الشرعية في تونس يوم 25 جويلية 2021 ولكن خذلان الأغلبية من الطبقة السياسية وممثلي المجتمع المدني جعل ردة الفعل المواطنية تلك غير كافية للتصدي للمشروع الانقلابي.

اليوم يقبع الأستاذ والرئيس راشد الغنوشي في السجن وهو متابع في عدد من القضايا السياسية ولكن من يحاكم من اليوم؟

فالتاريخ سيكتب أن رئيس البرلمان الشرعي في تونس أ. راشد الغنوشي كان تصدى للدبابة وجابت صورته الشهيرة في وجه الانقلاب العالم.

والاسبوع الماضي أمضى الرجل عيد ميلاده 83 في السجن على خلفية تصريح سياسي طالب فيه بالحوار بين كل مكونات المجتمع وباشراك الأحزاب والنقابات والهيئات الوطنية والمجتمع المدني.

وقد انتخب الرجل بشكل حر ومباشر وحصل على الأغلبية المطلقة ليفوز بمقعد رئيس البرلمان سنة 2019.

وللتذكير فقد شارك في تلك الانتخابات حوالي 200 حزب و 42 في المائة من الناخبين.

وبعد الهجوم على البرلمان وترذيله من طرف أدوات معلومة وقع غلق بابه بدبابة ومنع رئيسه من دخوله وحرص الرجل الثمانيني على ارسال رسالة مواطنية عميقة مشددا فيها التمسك بالمؤسسات وبالدستور وعلوية القانون.

وهي رسالة تدرس للأجيال لأنها تطبيق عملي للنصوص والقوانين في مواجهة منطق الدبابة والقوة العسكرية التي من دورها حماية المؤسسات ومسؤولي الدولة وممثلي الشعب وليس منعهم من القيام بواجبهم.

ويقبع الرجل اليوم في السجن وبقي اسمه يتردد في كل المناسبات باعتباره رجلا سياسيا كبيرا ومفكرا من الطراز الرفيع ورجلا حكيما يدعو للحوار والتعايش والاحترام بين الجميع على أرضية المواطنة في مقابل منظومة تخريبية ومهينة للشعب وللدولة ومؤسساتها.

وعلى بعد كيلومترات من سجنه تمكن بعض الموالين لقيس سعيد من الاستيلاء على البرلمان تحت حراسة الامن وهؤلاء ينتحلون اليوم صفة نواب وهم لا يمثلون 9 بالمائة من الناخبين ودون مشاركة الأحزاب ولا التونسيين بالخارج وبدون صلاحيات تشريعية أو رقابية.

ويقتصر دورهم على الموافقة على القروض التي يقررها قيس سعيد دون اشراكهم ودون تبيان الهدف منها.

وبعد مرو ر سنة ونصف على تنصيب البرلمان الصوري لازال عدد كبير من القادة والزعماء يتعاملون مع أ. راشد الغنوشي على أساس أنه رئيس البرلمان وبقي كرسي تونس في الاتحاد الدولي للبرلمانيين شبه شاغر بسبب عدم مشاركة ‘النواب الحاليين’ في أشغال الجمعية العامة للاتحاد أو اجتماعات اللجان الدورية ولازالت قضية بعض النواب التونسيين المعتقلين والملاحقين قيد المراجعة من طرف لجنة حقوق الانسان التابعة للاتحاد الدولي للبرلمانيين.

وإن التكتم الشديد على الاتفاقيات التي أمضيت باسم تونس ووافق عليها البرلمان المنصب وتوريط الدولة والاجيال في قروض وديون بدون أي مردودية على التنمية وعلى الخدمات المقدمة تجعل من القرار الذي اتخذه أ. راشد الغنوشي والبرلمان الشرعي في مارس 2022 غاية في الأهمية لانه يعتبر أن كل الإجراءات الناتجة عن الانقلاب لا تلزم الدولة التونسية والشعب التونسي مستقبلا وهذا ما يحرج كثيرا الدبلوماسية الحالية العاجزة عن تقديم أي ضمانات مستقبلية وتقبل بالقليل في مقابل ما يقدم من خدمات أمنية ولوجستية للغرب.

وباعتقادي فان السلطة الحالية في أزمة كبيرة وتحتاج لدعم من الرئيس السجين للخروج من الورطة التي وقعت فيها ويدفع التونسيون ضريبتها غاليا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى