مقالات ورأى

هلال عبدالحميد يكتب: متى يرحل الرئيس ؟!

” ارحل غور خلي بلدنا تشوف النور “، ” ارحل يا نحس يا وش البومة “، ” ارحل يا غتيت “

كانت تلك شعارات 30 يونيو 2013، وسواءً اعتبرتها وما بعدها ثورة شعبية، أو انقلابًا على رئيس منتخب – حضرتك حر ف تكييفك – لكن لا يستطيع أحد أن ينكر أن مصر كانت تعيش أزمة اجتماعية واقتصادية، وسياسية  طاحنة، أزمات كانت تحتاج لحلول سياسية، فلا كهرباء، ولا بنزين ، ولا سولار، ولا أمن، وسواء أكانت الأزمات حقيقية نتيجة فشل سياسي رهيب، أو مصطنعة لإزاحة نظام منتخب، ليعود نظام ما قبل ثورة يناير بشكل جديد. لك كل الحق في تحليلك، ومبرراته

المهم أن النتيجة كانت إزاحة هذا النظام المنتخب الفاشل، والذي جاء بالصندوق، ومن حق الناس أن تعارضه بكل طرق المعارضة المشروعة، ومن حقها إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ولكن ما حدث هو إزاحة هذا النظام بشكل عنيف، وتم حبس الرئيس المنتخب الفاشل، بدلًا من عرضه على هيئة الناخبين لتقرر عزله أو الإبقاء عليه في سدة الحكم.

رحل نظام الإخوان بشقه الشعبي والتنفيذي “وكلاهما منتخب”، وكانت هناك ملايين قد خرجت في الشوارع لتعارضه، ونسبة كبيرة من هذه الملايين كانت من فلول النظام السابق الذي تأكد من ان الخروج على الإخوان أصبح مؤمنًا بالقوات المسلحة فخرج الفلول من جحورهم وانضموا للثوار، أو شكلوا منصات خاصة بهم، فهم لا يعرفون الولاء إلا لمن غلب، وكانت أعداد كبيرة منهم قد اطلقوا لحاهم والتحقوا بركب الإخوان والسلفيين، ولكنهم عندما تيقنوا من تدخل القوات المسلحة لصالح الشعب – كما كان معظمنا  يعتقد – حتى التحق الفلول بميادين الثورة على الإخوان.

ما علينا فقد تخلص الشعب من حكم الاخوان الفاشل، الذي حرم الشعب من الكهرباء، والبنزين ، وتدهورت عملتنا الوطنية في عهد الرئيس مرسي ليقترب سعر الدولار من 7 جنيهات وغلت  بعض الأسعارفوصل سعر البنزين 80 لـ 90 قرشًا والسولاروبنزين 92 لـ 185 قرشًا ،واسطوانة البوتجاز لـ 7.5 جنيهًا والسولار لـ 105 قرشًا وهذه الأسعار لم تتحرك في عهد الرئيس مرسي بل ظلت  ثابتة من نهاية حكم مبارك وفترة حكم المجلس العسكري، وفي عهد الرئيس مرسي. ولكن كانت هناك أزمة طاحنة في توافر معظم مواد الوقود.

خرج الشعب محتجًا، وكانت هناك تمرد، وكانت هناك جبهة الإنقاذ، وتضافرت عوامل كثيرة، لعزل الرئيس، وإنهاء حكم الاخوان

( إخوان كاذبون )

خرج ملايين المصريين طوال حكم الإخوان، الذي لم يستمر لأكثر من عام  وحتى  30 يونيو 2013 وكان شعار ( إخوان كاذبون ) يملأ ميادين مصر.

وقبل 30 يوليو 2013 بأسبوع كان خطاب وزير الدفاع وقتها الفريق اول عبدالفتاح السيسي – خطابًا مموهًا: ( إن الجيش لن  يظل صامتًا، أمام انزلاق البلاد في صراع يصعب السيطرة عليه)

وخرج الفريق اول ببذته العسكرية ليقول : ( بيقولوا دا حكم عسكر ، لا والله ما حكم عسكر، ولا فيه أي رغبة ولا إرادة لحكم مصر ) .ولكنه تولى حكم مصر وعدًل الدستور ليمدد فترة حكمه.

وفي حواره مع عمرو أديب قال اللواء احمد وصفي في 2014 قبل الانتخابات الرئاسية مستنكروا على من يصف ما حدث بالانقلاب : ( شفتوا سيادة الفريق اول عبدالفتاح السيسي خد نجمة زيادة ؟! … شفتوا سيادة الفريق بقى رئيس وزراء ؟! ، بقى رئيس جمهورية ؟! عمل  مجلس رئاسي واشترك فيه ؟!، زي ما هو وزير دفاع … يا جماعة انقلاب يعني عسكريين تولوا مقاليد الأمور في الدولة .. )

وللأسف كل  ما قاله اللواء وصفي تحقق عكسه تمامًا، وتولى الفريق اول عبدالفتاح السيسي الذي اضحى مشيرًا رئاسة الجمهورية، وفي مقال لي،  لم اجد موقعًا  لنشره سوى موقع حزب المحافظين تحت عنوان ( اللواءات والمحليات ) وثَّقت فيه  وجود 20 عسكريًا محافظًا من بين ٢٧ محافظًا ، ناهيك عن نواب المحافظين وسكرتيري عموم المحافظات ورؤساء المراكز والأحياء.

أما انقطاع الكهرباء فلم نشهده لا في عهد مبارك الذي ثرنا عليه في 25 يناير 2011 ولم يكن قد وصل لكل هذه الساعات في عهد مرسي الذي تمردنا عليه

ولا وصلت أسعار الدولار لهذه المستويات المجنونة، ولا وصلت أسعار الأرز والعدس والفول والقمح لاسعار لم نتخيلها في أحلك  كوابيسنا.

لم يعد الشعب المصري قادرًا على شراء رغيف  الخبر، وأصبح ساندوتش الفول  فوق مستوى الناس، وبقت أعداد كبيرة من المصريين ( بتبات من غير عشا وأحيانًا من غير فطار ولا غدا )

أصبح الفشل المالي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي يحيط بمصر من كل جانب

انتخابات مزورة لم تصل انتخابات شعب ٢٠١٠ لعُشر تزويرها، حوار وطني مثلج، ومعلب  كالانتخابات تمامًا

وعدنا الرئيس السيسي بان (مصر أم الدنيا وهتبقى  قد الدنيا )، ولكننا وبعد أكثر من 10 سنوات على حكمه اصبحنا مش قادرين نولع  شمعة بدلًا من لعن الظلام !

فمتى يرحل الرئيس ؟!

ألا يشعر الرئيس بما وصلت له مصر وشعبها من تردٍ لا حدود لتدنيه ؟!

ألا يعرف الرئيس ومن حوله ما نحن منحدرون إليه سياسيًا واقتصاديا واجتماعيًا وامنيًا ؟!

والحقيقة أن المعارضة الشابة  في ٢٠١١ كانت فعالة وقوية وشجاعة وتمكنت من تجاوز المعارضة التقليدية الشائخة، وقد دفعت هذه المعارضة الشابة اثمانًا فادحة من حياتها وحريتها ورزقها.

كما أن الزخم الثوري بعد ثورة يناير مكَّن الشباب من مواصلة نضالهم الثوري، وتمكنت المعارضة المتدثرة بالعسكر من إزاحة الإخوان، فلماذا انكمشت المعارضة المصرية ؟!

ولماذا لم ترفع شعار ( ارحل ) وتركت المواطنين يرفعونه على صفحاتهم؟!

الحقيقة أننا -جميعًا -معارضة ( على ما تفرج )، ويتملكنا الخوف من السجن والقهر وغير مستعدين لدفع الثمن، إلا قليلًا

فهل سنحتفل هذا العام بـ٣٠ يونيو للمرة الـ ١١ دون أن نكرر ما رفعناه من شعارات في يونيو ٢٠١٣ ؟!

خريطة طريق

اعتقد أن ما وصلنا إليه بعد 13 سنة من 25 يناير 2011 و11 سنة على 30 يونيو يستدعي خريطة طريق تستدعي تنحي الرئيس السيسي، وحل مجلس النواب والشيوخ، وحل الهيئة الوطنية للانتخابات واجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية  تحت اشراف كامل للأمم المتحدة

واقترح أن :

 1. يعلن الرئيس السيسي تنحيه وأن يظل في تسيير شئون البلاد لمدة عام يبدأ من 30 يونيو 2024 وحتى 29 يونيو 2025

2. يتم تشكيل حكومة مدنية مؤقتة- تضم كافة الأطياف السياسية دون تمييز – تجري استفتاء على دستور جديد  توافقي يعود بمدد الرئاسة لما كانت عليه قبل تعديلات، 2019 ويضع نظامًا انتخابيًا عادلًا يقوم على التمثيل النسبي  تحت إشراف الأمم المتحدة.وتعود القوات المسلحة المصرية لوظيفتها الأصيلة في الدفاع عن الأمن القومي وترك الحكم للمدنيين، والاقتصاد للاقتصاديين والتجارة للتجار ورجال الأعمال

3. تشكيل لجنة وطنية للانتخابات.

4. اصدار عفو عام عن كل المتهمين أو المحبوسين في قضايا سياسية وقضايا رأي .

5. أن يشتمل الدستور الجديد على عفو عام عن كل من شارك في السلطة بعد ثورة يناير، وحتى تنحي الرئيس.

 6. وتقوم السلطات المنتخبة خلال عام من تنحي الرئيس الحالي بطرح كل الاتفاقيات التي عقدتها السلطات منذ  ثورة 25 يناير 2011 وحتى تنحي الرئيس الحالي، على المجالس النيابة المنتخبة لتقول رأيها فيها بما تراه مناسبًا للمصلحة القومية وللأمن القومي المصري ( بما فيها كل اتفاقيات القروض الخارجية سواء من البنك الدولي أو غيره، واتفاقية الإطار الخاصة بالسد الاثيوبي واتفاقية تيران وصنافير وغيرها )

قد يقول قائل : وما الذي يدعو الرئيس للتنحي ؟!

والإجابة:

  1. إنه بشكل دستوري وقبل التعديلات الغير دستورية  للمادة ( 140 ) من دستور  2014 التي أجريت في 2019 تنتهي  مدده الرئاسية  بشكل فعلي  لمدتين رئاستين مدة كل منهما 4 سنوات
  2. وبدأت المدة الرئاسية الثانية  والأخيرة في 7 يونيو 2018 وتنتهي في  6 يونيو 2022
  3. وبالتالي فتنحيه واجب دستوري خاصة إنه تجاوز مدة حكمه الدستورية بأكثر من عام، وسيظل عامًا آخر كرئيس مؤقت لإدارة شئون البلاد لحين انتخاب رئيس جديد.
  4. يأتي تنحي الرئيس كرجل وطني، ولكنه فشل  في إدارة شئون البلاد، وحفاظًا عليها من صدام مجتمعي قادم لا محالة، وسيجعل البلاد في مهب الريح ، إن لم نجد جميعًا مخرجًا لإعادة توازن  قطار البلاد فوق  قضبانه  قبل أن يخرج عن السيطرة تمامًا، فعلى الرئيس أن يبرهن على وطنيته وإيثاره للبلاد وسلامتها فوق حبه للسلطة، ولكرسي الرئاسة، فهل يفعلها ألرئيس ؟!
  5. القوات المسلحة المصرية هي قوات نظامية ووطنية ومهنية وقادرة على اتخاذ القرار السليم، وتمسكها بمهنيتها والابتعاد عن السياسة والحكم هو الطريق الأكثر أمانًا لمصر وللمصريين

 هذه أفكار قد تكون حالمة، ولكنها الأكثر  أمنًا وأمانًا واستقرارًا

فهل يفعلها الرئيس ؟!

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى