ثقافة وفنونمصر

توت عنخ آمون.. الملك الفرعوني الذي أضاء سحر مصر بعد موته

توت عنخ آمون كان فرعونًا مصريًا شهيرًا من الأسرة المصرية الثامنة عشرة، حكم مصر في الفترة من 1334 ق.م إلى 1325 ق.م.

تم اكتشاف مقبرته في وادي الملوك عام 1922 بواسطة عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر، وهو اكتشاف استثنائي حيث وجدت المقبرة وهي محمية بالكامل وتحتوي على كميات هائلة من الكنوز الفريدة.

توت عنخ آمون ليس مشهورًا فقط بسبب اكتشاف مقبرته وكنوزه، بل أيضًا بسبب الألغاز والأسئلة التي تحيط بحياته ووفاته. توفي في سن صغيرة نسبيًا، وسبب وفاته كان موضوعًا للجدل لفترة طويلة.

توت عنخ آمون، الذي يُعتبر أحد أشهر الفراعنة في تاريخ مصر القديمة، وُلد كابن للملك أخناتون والملكة نفرتيتي. بعد وفاة أخيه سمنخ كا رع، تولى توت عنخ آمون العرش في سن مبكرة، وقد استمرت حكمه لفترة قصيرة خلال عصر الدولة الـ 18.

فترة الحكم

توت عنخ آمون يعتبر شخصية مثيرة للاهتمام في التاريخ المصري القديم، ورغم قصر حكمه، إلا أن آثاره ومقبرته الشهيرة في وادي الملوك لا تزال تثير الفضول والتساؤلات حتى اليوم.

توت عنخ آمون، وهو فرعون صغير حكم مصر في فترة مهمة من تاريخها، شهد حكمه العديد من الأحداث البارزة والمثيرة للاهتمام.

توت عنخ آمون تولى العرش وعمره حوالي 9 أو 10 سنوات فقط، وكان وزيره الرئيسي آي يلعب دورًا هامًا خلال فترة حكمه.

أثناء فترة حكم توت عنخ آمون، بدأت ثورة من تل العمارنة ضد النظام الذي فرضه الفرعون السابق أخناتون.

أخناتون كان قد نقل العاصمة من طيبة إلى مدينته الجديدة أخت أتون، وحاول توحيد آلهة مصر المتعددة في شكل إله واحد هو آتون.

بتأثير من آي، رفع الحظر المفروض على عبادة الآلهة التقليدية، مما يعكس تحولًا في السياسة الدينية تحت حكم توت عنخ آمون.

توت عنخ آمون توفي في ظروف غامضة ومحيرة. هناك اعتقادات واسعة بأن وفاته ربما لم تكن ناتجة عن أسباب طبيعية، بل قد تكون نتيجة عملية اغتيال.

يُشتبه أن وزيره السابق آي قد يكون وراء هذه العملية، بغرض السيطرة على العرش.

تقول بعض النظريات أن آي قد عقد زواجًا مع أرملة توت عنخ آمون، عنخ إسن أمون، وقد عثر على أدلة تدعم هذا الزواج، مثل ختم فرعوني يحمل أسماء كلاهما.

بعد وفاة توت عنخ آمون، تولى الحكم لفترة قصيرة وزيره الثاني حورمحب، الذي أقدم على إتلاف العديد من الأدلة على فترة حكم توت عنخ آمون وآي، مما أثار مزيدًا من التساؤلات حول ما حدث بالفعل خلال هذه الفترة المضطربة.

هذه النظريات والتفسيرات تظل قيد المناقشة في المجالات الأكاديمية والأثرية، ومعظمها يعتمد على التحليلات النصية والآثار المكتشفة، ولا يوجد دليل قاطع حتى الآن يثبت أي من الفرضيات بشكل قاطع.

وفاته و أسبابها

توت عنخ آمون، أحد أشهر الفراعنة في تاريخ مصر القديمة، وقد حكم في فترة صعبة تعتبر من أبرز الفترات التي شهدت تغيرات كبيرة في السياسة والدين.

بعد وفاته، أثارت أسباب وفاته جدلاً كبيرًا وتم عرض موميته للتحليلات العلمية المتقدمة لفهم سبب الوفاة.

عام 2005، أجرى علماء الآثار المصريون تحليلًا لمومياء توت عنخ آمون باستخدام التصوير الحاسوبي الشريحي ثلاثي الأبعاد (CT scans).

أعلن العالم المصري زاهي حواس أنه لم تُعثر على أية أدلة تدعم نظرية الاغتيال كسبب في وفاته.

تبين أن الفتحة الموجودة في جمجمته ليست ناتجة عن ضربة على الرأس كما كان يعتقد سابقًا، بل تم تحديدها على أنها نتيجة لعملية التحنيط بعد وفاته.

كان هناك كسر في عظم الفخذ الأيسر لتوت عنخ آمون، والذي كان يرتبط في السابق بنظريات الاغتيال.

وفقًا لزاهي حواس، فإن هذا الكسر تسبب في التهابات ومضاعفات خطيرة، مما أدى في النهاية إلى تسمم الدم (الغنغرينا) والوفاة.

كما أشار التقرير إلى وجود بعض الأمراض الوراثية التي قد تكون مساهمة في حالة صحته العامة، مثل متلازمة مارفان.

من التحاليل السابقة التي أجريت في جامعتي ليفربول وميشيغان في عامي 1968 و1978، تم اكتشاف بقعة داكنة تحت جمجمته يمكن تفسيرها على أنها نزيف في الدماغ، مما أثار فرضية تلقيه ضربة على الرأس تسببت في نزيف دماغي قبل وفاته.

باستناد إلى هذه التحاليل والدراسات، يمكن القول أن الأدلة العلمية تشير إلى أن وفاة توت عنخ آمون كانت ناتجة من مجموعة من العوامل، بما في ذلك الكسر في الفخذ الذي أدى إلى التهابات وتسمم الدم، مع احتمال وجود عوامل وراثية تساهم في حالته الصحية العامة.

مقبرة توت عنخ آمون أين؟ و كيف تم أكتشافها؟

وادي الملوك، الواقع على الضفة الغربية لنهر النيل بالقرب من طيبة، يُعتبر من أهم المقابر الملكية في مصر القديمة.

يغطي هذا الوادي مساحة تقدر بحوالي 20,000 متر مربع ويحتوي على العديد من القبور الملكية التي تعود لعدة أسر فرعونية، منها الأسرة الثامنة عشرة، الأسرة التاسعة عشرة، والأسرة العشرين.

بدأ بناء قبور الفراعنة في وادي الملوك عادةً بعد تنصيبهم كفراعنة، وكانت عمليات الحفر تستمر لعقود طويلة.

استخدم العمال أدوات بسيطة مثل الفؤوس لحفر الأنفاق وتشكيل الغرف داخل الصخور.

مع مرور الزمن، بُنيت القبور فوق بعضها البعض، وأدت عمليات الحفر الجديدة إلى انسداد بعض الممرات التي تؤدي إلى القبور الأقدم.

في عام 1922، اكتشف هوارد كارتر، عالم الآثار البريطاني، قبر توت عنخ آمون، أحد أشهر الاكتشافات في تاريخ علم المصريات.

بعد أن لاحظ وجود فجوة كبيرة أثناء حفرياته، استمر في التنقيب ووصل إلى الغرفة التي تحوي ضريح توت عنخ آمون. كانت الغرفة مزخرفة برسومات جدارية تحكي قصة رحيل توت عنخ آمون إلى عالم الأموات بشكل مذهل.

في 16 فبراير 1923، دخل كارتر إلى غرفة الضريح الرئيسي ورأى صندوقًا خشبيًا مزخرفًا بالذهب، وراءه صندوقًا آخر أيضًا مزخرف بالذهب، وثم صندوقًا ثالثًا.

قبل أن يصل إلى التابوت الحجري الذي كان يحتوي على التابوت الذهبي الرئيسي لتوت عنخ آمون. وجد كارتر المومياء ملفوفة بطبقات من الحرير وزينت بمجموعة كبيرة من القلائد والخواتم والتوابيت الذهبية.

لإزالة هذه الكنوز بدقة، قام فريق التنقيب بفصل الجمجمة والعظام الرئيسية من مفاصلها. وبعد إزالة الحلي، تم إعادة تركيب هيكل المومياء في تابوت خشبي.

اكتشاف توت عنخ آمون في وادي الملوك لم يكن فقط اكتشافًا علميًا، بل أثار حالة من الدهشة والإعجاب بالفن والثقافة المصرية القديمة، وبقيت هذه الاكتشافات تمثل مصدرًا هامًا لفهم تاريخ مصر وحضارتها العريقة.

الكشف عن المومياء

في فبراير 2010، قررت وزارة السياحة المصرية السماح بعرض مومياء الملك الفرعوني الشاب توت عنخ آمون أمام الجمهور لأول مرة منذ اكتشافها قبل 85 عامًا في مدينة الأقصر.

كان هذا القرار بمثابة فرصة نادرة للعالم لرؤية مومياء توت عنخ آمون بعد إخراجها لفترة وجيزة من تابوتها الحجري.

وفيما يخص حالة المومياء، قال مدير هيئة الآثار المصرية، زاهي حواس، أن عمليات الترميم بدأت قبل أكثر من عامين نتيجة الأضرار البالغة التي تعرضت لها المومياء عند إخراجها للتصوير الطبقي المحوري.

تعرض الجزء الأكبر من جسم المومياء إلى التفتت إلى 18 قطعة، مما استدعى جهودًا كبيرة لإعادة تجميعها.

اكتشف عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر موقع مومياء توت عنخ آمون في 4 نوفمبر 1922، وكانت الكنوز التي اكتشفها في القبر تشمل مجموعة هائلة من الذهب والأحجار الكريمة.

وعلى الرغم من محاولاته لإزالة القناع الذهبي الذي كان يغطي وجه توت عنخ آمون، إلا أن كارتر واجه صعوبات كبيرة واضطر في النهاية إلى قطع الكفن الذهبي للوصول إلى المومياء.

في عام 2005، تم إخراج مومياء توت عنخ آمون من قبرها ووضعها على طاولة التصوير الطبقي المحوري لمدة ربع ساعة، بهدف الحصول على صور ثلاثية الأبعاد لها.

كشفت هذه الصور عن تفاصيل غير مسبوقة حول حياة توت عنخ آمون، بما في ذلك كسر في فخذه الأيسر نتيجة حادث أدى إلى إصابته وبعد ذلك إلى إصابته بمرض قاتل.

ويظل اكتشاف مومياء توت عنخ آمون وضريحها الذهبي في وادي الملوك من أهم الاكتشافات في علم المصريات، حيث لا يزال يثير الفضول والإعجاب بتراث مصر القديم وحضارتها الرائعة.

محتويات المقبرة

تمثل مجموعة الملك توت عنخ آمون إحدى أهم الاكتشافات في مجال علم المصريات، وتوجد أهميتها في عدة جوانب:

  1. الكنز الملكي الفريد: كنز الملك توت عنخ آمون يُعتبر أكمل كنز ملكي عُثر عليه في تاريخ المصريات. يتألف من 350 قطعة تشمل القناع الذهبي الشهير وثلاث توابيت ذهبية، بالإضافة إلى العديد من الأواني والمجوهرات والمعدات العسكرية والأثاث والأدوات اليومية.
  2. العصر الذهبي للأسرة الثامنة عشرة: يعود تاريخ تلك المجموعة إلى فترة الأسرة الثامنة عشرة من الدولة الحديثة في مصر، وهي فترة مميزة من النقلة النوعية في التقنيات والثقافة والفنون والعلاقات الدولية، حيث شهدت مصر نشوء حضارة فريدة ونمو اقتصادي كبير.
  3. التوضيح لطقوس الدفن الملكي: توضح المجموعة كيفية إعداد وتجهيز القبور الملكية، بما في ذلك أدوات الحياة اليومية والأثاث والمجسمات التي تستخدم في الشعائر الدينية والدفنية.
  4. فهم حياة الملك توت عنخ آمون وملكته: تساعدنا القطع الموجودة في المجموعة على فهم حياة الملك توت عنخ آمون وعلاقته بزوجته عنخ أسان آمون، وتكشف عن مهنته وأعماله واهتماماته، مما يساهم في إعطاء صورة أكثر وضوحًا عن حياة الفراعنة القديمة.
  5. الأثر التاريخي والثقافي: تعتبر هذه المجموعة أحد الشواهد القليلة المتبقية التي تحكي قصة حضارة مصر القديمة بأبعادها المختلفة، مما يساهم في إثراء المعرفة العالمية بتاريخ وثقافة الحضارة المصرية.
المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى