عادت استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي بمصر، المعروفة بـ”الأموال الساخنة”، إلى التدفق من جديد، محققة مستوى غير مسبوق بلغ أكثر من 30 مليار دولار في مارس الماضي.
وكشفت بيانات حديثة للبنك المركزي المصري عن ارتفاع أرصدة استثمارات الأجانب في أذون الخزانة إلى 32.7 مليار دولار في مارس، بزيادة 140 بالمئة عن شهر فبراير، حيث كانت قد سجلت نحو 13.6 مليار دولار.
تأتي هذه القفزة القياسية بعد أن سمح البنك المركزي المصري بانخفاض قيمة الجنيه بأكثر من 60 بالمئة في السادس من مارس الماضي، ورفع أسعار الفائدة بـ6 نقاط مئوية دفعة واحدة، لتصل إلى 27.25 بالمئة على الإيداع و28.25 بالمئة على الإقراض.
هذه الإجراءات، وفقًا للخبراء، أعادت الأجانب إلى الاستثمار في أدوات الدين الحكومي للاستفادة من العوائد المرتفعة.
الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب أشار إلى أن هذه التدفقات تعكس بعض الإيجابية حول الاقتصاد المصري، لكن لا يمكن الاعتماد على “الأموال الساخنة” في تمويل التنمية أو تحقيق معدلات نمو مرتفعة.
كما أضاف الخبير الاقتصادي محمد فؤاد أن “الأموال الساخنة” تعد بمثابة “اللعب بالنار” نظرًا لخطر خروجها السريع والمفاجئ من الاقتصاد، مما قد يشكل أزمة.
من المتوقع، مع استمرار أسعار الفائدة المرتفعة، أن تجذب أدوات الدين المصرية المزيد من التدفقات الدولارية من الخارج.
ويتوقع عبد المطلب أن تصل أرصدة استثمارات الأجانب في أذون الخزانة إلى مستوى يتراوح بين 40 و50 مليار دولار بنهاية العام الجاري.
يشير الخبراء إلى أن خطر “الأموال الساخنة” يكمن في خروجها المفاجئ من الاقتصاد، مما قد يؤثر على سعر الصرف واحتياطيات النقد الأجنبية.
ومع ذلك، يرون أن مصر لا يمكنها التحوط من هذا الخطر بشكل كامل، وأن القيود على حركة الأموال الساخنة قد تأتي بنتائج عكسية.
في ظل التطورات العالمية، هناك توقعات بأن يخفض الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة، مما قد يؤدي إلى تدفقات خارجة للأموال الساخنة من الاقتصادات الناشئة.
إذا حدث ذلك، قد تواجه مصر تحديات اقتصادية مشابهة لتلك التي عانت منها في الفترة الماضية.