زيادة أسعار الدولار بالمعاملات الآجلة ترفع تكلفة الاستيراد وتزيد التضخم المتوقع بالأسواق

أعلن مختصون في الشأن المالي أن استقرار سعر الدولار في السوق الرسمية خلال الأيام الأخيرة لا يعكس الحقيقة الكاملة لتحركات السوق المالية ولا يعكس الاتجاه العام لتقلبات أسعار العملات في الأسواق الأخرى
وأكدوا أن متوسط سعر صرف الدولار في البنوك بلغ 51.30 جنيها بينما تم تسجيل 51.15 جنيها في أسواق الذهب وارتفع في السوق الموازية إلى 52.01 جنيها مما يشير إلى تفاوت واضح في مستويات الأسعار الرسمية وغير الرسمية
أوضح محللون اقتصاديون أن السوق شهدت ارتفاعا لافتا لسعر الدولار في عقود المعاملات الآجلة التي وصلت إلى 62 جنيها خلال اليومين الماضيين مما يعكس اتجاها تصاعديا واضحا في توقعات السوق للفترة المقبلة
وأشاروا إلى أن هذا الارتفاع سيؤثر بشكل مباشر على التسعير في المعاملات الجارية بين الموردين حيث من المتوقع أن يصل سعر الدولار الفعلي في هذه العمليات إلى 54 جنيها في الفترة الممتدة من أبريل إلى يونيو المقبل مع احتمالية ارتفاعه إلى 57 جنيها في شهر يوليو لتقابل مستويات التسعير المستقبلية
أكد محللون أن تأثيرات هذه الزيادات لن تتوقف عند حدود المعاملات المالية بل ستنعكس بصورة مباشرة على أسعار كافة السلع المستوردة خلال الشهرين القادمين
ومن المتوقع أن تؤدي إلى ارتفاع يتراوح بين 7% إلى 8% في أسعار المستهلك النهائي مما يزيد من معدلات التضخم في السوق المحلي
ويضع مزيدا من الأعباء على السياسات المالية والنقدية ويحد من قدرة البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة في الجلسة القادمة للجنة السياسات النقدية
أوضح اقتصاديون أن تراجع سعر الدولار واليوان الصيني مقابل اليورو الأوروبي يضيف تحديا جديدا أمام الحكومة بسبب ارتباط جزء كبير من الدين الخارجي والتجارة الدولية المصرية بالدولار الأمريكي
وهو ما يعني أن أي زيادة في قيمة العملات الأجنبية الأخرى ستقود إلى ارتفاع مماثل في أعباء الدين وقيمة المشتريات الخارجية وبالتالي زيادة أسعار السلع وتضخم النفقات التجارية
لفت خبراء إلى أن هذه التحولات تؤدي إلى زيادة العجز التجاري واضطراب في توازن العلاقات الاقتصادية مع الشركاء التجاريين الأساسيين
مما يدفع الدولة إلى اتخاذ قرارات ضاغطة على سعر صرف الجنيه وتخفيض قيمته لمحاكاة التراجعات الحاصلة في سعر اليوان والدولار العالمي أو المخاطرة بمزيد من العجز الناتج عن الارتفاعات الجمركية الأمريكية
نوه محللون إلى أن ضعف الجنيه وتراجع قدرته الشرائية أمام الدولار في ظل الطلب المتزايد على العملة الأجنبية ونقص المعروض النقدي الأجنبي يضع الاقتصاد في موقف حرج
حيث تواجه الحكومة تحديات متزايدة في إدارة ميزان المدفوعات وسط تضاعف الاستيراد من الصين إلى نحو 13 مليار دولار ومن الاتحاد الأوروبي إلى 22.5 مليار دولار وهي قيم تقاس بالكامل بالدولار الأمريكي مما يزيد الضغط على الاحتياطات النقدية ويعمق عجز الميزان التجاري
أشار محللون إلى أن ارتفاع التضخم وزيادة الاستيراد وغياب التدفقات النقدية الكافية يؤدي إلى انخفاض في قدرة البنك المركزي على التحكم في معدلات الفائدة والسيطرة على نسب التضخم ويقلل من جاذبية أدوات الدين المحلية التي تعتمد عليها الحكومة لتوفير السيولة البنكية والتي تبلغ قيمتها نحو 38 مليار دولار
قال اقتصاديون إن السوق على وشك الدخول في موجة ضغط جديدة على الدولار تبدأ اعتبارا من اليوم الثلاثاء بالتزامن مع نية الحكومة إصدار سندات وأذون خزانة لتمويل عجز الموازنة العامة
مما سيزيد من الطلب المحلي على العملة الأجنبية سواء من قبل المواطنين أو الموردين لتأمين احتياجاتهم من مستلزمات الإنتاج والسلع اليومية وهو ما سيؤدي إلى تذبذب كبير في سعر الدولار في السوق المحلي
أضاف خبراء أن هذا التذبذب قد يبقي سعر الدولار عند متوسط 51.50 جنيها مع إمكانية التحرك بنسبة 5% صعودا أو هبوطا حسب تقلبات السوق والعوامل المؤثرة مؤكدين أن السياسات النقدية ستواجه ضغوطا كبيرة في التحكم بهذا النطاق السعري في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة
استدرك محللون أن البنك المركزي يعتمد على آلية تحريك تدريجي لسعر الدولار بمعدل جنيهين كل ثلاثة أشهر للحفاظ على وتيرة مستقرة في انخفاض قيمة الجنيه بحيث لا تتجاوز نسبة الهبوط الإجمالية المستهدفة إلى 56 جنيها بنهاية عام 2025 وهذه الاستراتيجية تهدف إلى إدارة التغيرات في السوق دون إحداث صدمة مفاجئة للمستهلكين أو الأسواق
لفت مراقبون إلى أن السياسات النقدية والمالية تواجه تحديات غير مسبوقة بسبب الوضع الاقتصادي الدولي الراهن وزيادة معدلات الفائدة في الأسواق العالمية وارتفاع تكلفة الاقتراض
مما يؤثر على تدفقات الاستثمار غير المباشر ويدفع المستثمرين إلى البحث عن أدوات استثمار أكثر أمانا خارج الأسواق الناشئة
أوضح محللون أن استمرار الفجوة بين سعر الدولار في البنوك والسوق الموازية يؤثر على قرارات المستثمرين والمستوردين في آن واحد
ويزيد من حالة الترقب في الأسواق مما يقلل من حجم التعاملات ويضعف من تدفقات النقد الأجنبي الضرورية لدعم استقرار السوق النقدي
أعلن محللون أن السوق بحاجة إلى إصلاحات جذرية تركز على زيادة الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على السلع المستوردة وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية التي تضمن تحقيق التوازن في الميزان التجاري وتدعم قدرة الدولة على التحكم في معدلات التضخم وتخفيض الضغط على الجنيه
أشار مختصون إلى ضرورة تنويع مصادر العملة الأجنبية عبر تشجيع التحويلات الخارجية والاستثمار المباشر وتعزيز السياحة كأدوات مهمة في تحسين ميزان المدفوعات وزيادة المعروض من الدولار في السوق المحلي مما يساهم في استقرار أسعار الصرف ويقلل من أثر ارتفاع أسعار العملات الأجنبية
أوضح اقتصاديون أن الوضع الحالي يتطلب مراجعة شاملة للسياسات التجارية والتصديرية بهدف فتح أسواق جديدة للصادرات المصرية وزيادة التدفقات النقدية من الخارج عبر بوابات جديدة تضمن عدم الاعتماد الكامل على السوق الأوروبي والصيني فقط
نوه محللون أن المستقبل القريب سيشهد مزيدا من التحديات في ظل التوترات الاقتصادية العالمية وارتفاع معدلات التضخم في كبرى الاقتصادات مما يتطلب استعدادا داخليا لمواجهة هذه المتغيرات بسياسات مرنة قادرة على التكيف مع الوضع الدولي سريع التغير
أكد محللون أن تحسين الوضع الاقتصادي يتطلب تركيزا على إدارة الموارد المالية بشكل أكثر كفاءة ومراقبة الإنفاق العام وتقليل الاعتماد على الاستيراد خاصة في السلع التي يمكن تصنيعها محليا بما يضمن تقليص العجز التجاري وتحقيق التوازن النقدي المطلوب
أشار خبراء إلى أن عودة الاستقرار إلى سوق الصرف يتطلب تنسيقا أكبر بين السياسات النقدية والمالية وزيادة الشفافية في المعاملات المصرفية بما يعزز من ثقة المستثمرين ويعيد الانضباط إلى سوق العملات ويقلل من الفجوة بين السوق الرسمية والموازية
أوضح محللون أن الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد مسار الاقتصاد المحلي خاصة مع احتمالات الزيادة المستمرة في أسعار السلع المستوردة نتيجة ارتفاع أسعار العملات الأجنبية مما يزيد من الأعباء على المواطنين ويتطلب تدخلات سريعة للحد من حدة هذه الارتفاعات ومساعدة الفئات المتضررة
استرسل الخبراء في شرح تداعيات الوضع الحالي مؤكدين أن إدارة المرحلة القادمة بنجاح تعتمد على اتخاذ قرارات جريئة تدعم الإنتاج المحلي وتقلل الاعتماد على الخارج وتفتح الباب أمام الاستثمار طويل الأجل في قطاعات ذات أولوية اقتصادية مثل الزراعة والصناعة والطاقة
أضاف محللون أن الضغط على سعر الدولار سيبقى مستمرا ما لم يتم إيجاد حلول واقعية لتعزيز موارد الدولة من العملات الأجنبية وتوسيع قاعدة الإنتاج والتصدير مما يتطلب خطة شاملة تتكامل فيها جهود الحكومة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان عبور الأزمة بأقل الخسائر الممكنة.