مقالات ورأى

أدهم حسانين يكتب: يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ

في السنوات الأخيرة، حدثت تغييرات كبيرة في مواقف الدول والشعوب حول القضية الفلسطينية.

هذه التغييرات تبدو وكأنها مفارقة حيث أن بعض الحكومات العربية ركضت لتطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي.

بينما يبدو أن بعض الشعوب الغربية وحتى بعض حكوماتها أصبحت أكثر دعماً للفلسطينيين.

 1_تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل

وقعت بعض الدول المحسوبة على العالم العربي بإتفاقيات تطبيع مع الكيان المحتل في السنوات الأخيرة، فقامت مصر اولا فى عهد السادات سن هذه السنة السيئة ثم تبعها الاردن فانفرط العِقد  بالإمارات العربية المتحدة التى اصبحت عراب التطبيع فى المنطقة ، البحرين، السودان، والمغرب ، والأن هناك خطوات لتطبيع السعودية

 هذه الخطوات تأتي بدوافع متنوعة، منها الاقتصادية والأمنية والسياسية.

من الجانب الاقتصادي، ترى هذه الدول في إسرائيل شريكاً يمكنه المساعدة في التطوير التكنولوجي والنمو الاقتصادي.

ومن الجانب الأمني، تسعى هذه الدول للتحالف مع إسرائيل لمواجهة التهديدات المشتركة، وخاصة من إيران.

 2_التناقض بين الحكومات والشعوب العربية

رغم الخطوات الرسمية نحو التطبيع، تظل الكثير من الشعوب العربية متعاطفة مع القضية الفلسطينية.

فشاهدنا بعض المظاهرات والاحتجاجات في بعض الدول العربية تندد بالتطبيع وتدعو لدعم الفلسطينيين.

هذا التناقض يعكس أن قرارات التطبيع ليست دائماً معبرة عن رغبة الشعوب، بل تأتي كقرارات سياسية من الحكومات.

3_ الدعم الغربي للقضية الفلسطينية

وعلى الجانب الآخر، شهدت الدول الغربية تزايداً في دعم الشعوب الغربية للقضية الفلسطينية.

فخرجت تظاهرات واحتجاجات عديدة نظمتها منظمات المجتمع المدني، النقابات، والحركات الطلابية في الدول الغربية.

هذا الدعم لم يقتصر على الشعوب فحسب، بل شمل بعض الحكومات والبرلمانات الأوروبية التي انتقدت السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية ، وآخرها كانت اعترافات دول اسبانيا والنرويج وايرلندا بالدولة الفلسطينية. 

وهذا يجعلنا نثير التساؤلات عن أسباب تصاعد الدعم الغربي

وتظهر امامنا عدة أسباب وراء هذا التصاعد للدعم الغربي للقضية الفلسطينية

1. التوعية والإعلام

لعبت وسائل الإعلام الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في نشر الوعي حول معاناة الفلسطينيين.

هذه الوسائل تساهم في توثيق الأحداث ونقلها مباشرة إلى الجمهور العالمي وظهر هذا الدور الكبير عبر المؤثرين الفلسطينيين الذى اجادوا استخدام الأدوات الإعلامية واجادة البعض منهم للغة الإنجليزية التى ساعدت فى توصيل الصورة الوحشية للاحتلال .

2. الحركات الحقوقية والإنسانية

سلطت هذه الحركات الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين وتوثيقها امثال مجزرة مجمع الشفاء الطبي الذى عانى من مجازر حقيقية على مدار أكثر من 20 يوم.

ومجزرة أعضاء مؤسسة المطبخ العالمي وحصار المؤسسات الطبية واستهداف مدارس الاونروا المكتظة بالنازحين من المناطق المختلفة من القطاع.

مما يثير التعاطف الشعبي فى الدول العربية ودول العالم مما يؤدي إلى زيادة الدعم العالمي.

3. التغيرات السياسية في الغرب

صعود قوى سياسية جديدة في الغرب تعبر عن مواقف داعمة للفلسطينيين. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة هناك تغييرات داخل الحزب الديمقراطي حيث تزايد عدد الأعضاء الذين يدعمون حقوق الفلسطينيين.

وحكومات غربية ادانت ممارسات الاحتلال من الادانة اللفظية إلى الادانة العملية سواء كانت قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الاحتلال أو الاعتراف بدولة فلسطين

4. التحديات والآفاق المستقبلية

يواجه الفلسطينيون تحديات كبيرة رغم هذا الدعم المتزايد،  فتظل دولة الاحتلال تتمتع بدعم قوي من بعض الحكومات الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، مما يمنحها تفوقاً سياسياً وعسكرياً.

إضافة إلى ذلك، التطبيع وصمت الحكومات العربية والسلطة الفلسطينية التى يصح فيها (خيال مآتة) مما يعقد الأمور ويجعل من الصعب استثمار هذا الدعم الدولي بشكل فعال.

فبينما تركض بعض الحكومات العربية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، يظهر أن هناك دعماً متزايداً للفلسطينيين من الشعوب وبعض الحكومات في الغرب.

هذا التباين يعكس تحولات في المواقف السياسية الدولية ويبرز دور الشعوب والمنظمات المدنية في التأثير على السياسات الخارجية وتجاه بعض القضايا مثل قضية فلسطين.

فمن الضروري أن يعمل الفلسطينيون على تقوية علاقاتهم مع الداعمين لهم في الغرب وتعزيز وحدتهم الداخلية لتحقيق حقوقهم المشروعة .

وهذا يجعلنا نتأمل ونتعمق فى فهم رسائل رب العزة حينما قال فى كتابه الكريم:

 تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم (38) سورة محمد

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button