لم يكن الليبراليون والعلمانيون، ودعاة التنوير في مصر، يحلمون بشيء أكثر من مؤسسةٍ تشبِه مؤسسة تكوين هذه، لكنّ حلمهم هذا كان مشروطًا بضوابطَ متفقٍ عليها دون كتابةٍ أو إعلان.
كأن تكون مؤسسة وطنيةً، بتمويلٍ وطني محددٍ ومعروف، وأن تكون مخلِصةً لفكرتها الثقافية، وألا تحمل أجندة نظامٍ أو دولةٍ، وأن يكون ممثلوها محترَمين ثقافيًا وفكريًا، وذوي مصداقية، يجيدون جميعًا القراءة والكتابة!
لكن الصدمة الكبرى كانت في خلوّ المؤسسة -التي أعلنت عن نفسها في توقيتٍ غريبٍ ومريبٍ جدًا- من كل هذه الشروط!
ولم يكن مأزقها الوحيد في الرفض المجتمعي الذي قوبلت به، لكن المأزق أيضًا كان في إعراض معظم المثقفين عنها ونفورِهم منها، وكشفتْ منشورات الكثيرين من هؤلاء المثقفين على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مواقع بعض الصحف والمجلات عن انتقاداتٍ واسعة، وتساؤلاتٍ جادة عن هذا الغموض الذي يكتنف المؤسسةَ وتمويلها، ومصادرَ دعمِها، وعلاقتَها بالخارج (وبالدولة العربية إياها تحديدًا)
يمكنك بضغطة زر على محرك البحث أن تقرأ عن تورط هذه الدولة في دعم المؤسسة وتمويلها، وأن تتساءل ببراءة عن الأسباب التي تحول أن تنشئ وتدعم المؤسسةَ نفسَها على أراضيها!
فضلاً عن التحفظات على ممثلي المؤسسة الذين لم يكن بينهم مثقفٌ واحد ذو قيمةٍ ثقافية يجمِع الناس عليه وعليها.
وكانت الصدمة مروّعة بالفعل عندما ظهر بين ممثلي المؤسسة مَن يطلَق عليه أنه (باحثٌ إسلامي) وهو لا يجيد القراءةَ فعلاً وحقًا وصدقًا، وليس هذا مبالغةً ولا تشويهًا ولا طعنًا… لكننا ولأول مرة في تاريخ العلم والبحث والفكر نجِد باحثًا ومفكرًا في التراث والتاريخ العربييْن والإسلامييْن، مهمته قراءة النصوص وتفكيكها وتحليلها، وهو لا يجيد القراءةَ الصحيحة لِما يقرأ أو يبحث فيه!
ممثلٌ آخر مِن ممثلي المؤسسة يعتبَر واحدًا من أكثر الشخصيات كراهيةً في تاريخ العلاقات الثقافية والإنسانية، إذ لم يحدث أن أجمع 95% من مثقفي مصر ومبدعيها على شخصٍ مثلما أجمعوا على هذا الشخص مؤكدين أنه ثقيل الظل، متكبّر مغرور، نرجسي إلى أبعد حد، قد يكون كاتبًا جيدًا، لكنه متحدث رديء… معظم مَن التقوه أجمعوا على عدم قبولهم له بسبب صلفِه وكِبره، وكذبِه وادعائه، وسوء طباعه!
أمّا كبيرهم الإعلامي والصحفي، صاحب أهم مدرسة صحفية في مصر، والذي يبدو مثقفًا بالمعنى العام الخاص بالمعلومات والأفكار، لا بالمواقف ولا بالممارسات، فلسنا في حاجةٍ للوقوف عنده، فقد فضحته برامجه ومواقفه وتناقضاته، وإنْ كنا لا ننكر قيمته الصحفية.