مقالات ورأى

جاسم المطوع يكتب: كيفية التعامل مع شخص كاذب يجيد التمثيل؟

بعض الأشخاص من حولنا يتقنون التمثيل أكثر من اتقان الممثلين المدربين في المسلسلات والأفلام، فالشخص الكاذب يتقن تمثيل دور الصادق،

والمخادع يتقن تمثيل دور المخلص، وحتى تكتشف الشخص الكاذب الذي يجيد التمثيل، عليك أولا أن تركز في المعلومات التي يقولها وتكتشف التناقضات فيها،

أو تركز في لغة الوجه، فبعض الكذابين عندما يكذبون تلاحظهم يتجنبون التواصل البصري، وبعضهم يتأخر بالكلام حتى يفكر بتأليف الكذبة،

وبعضهم ترتفع نبرة صوته ويزداد تنفسه وتلاحظ تغييرا سريعا في سلوكه، ولكن أقوى علامة هي وجود التناقضات في القصة التي يرويها،

وهذه العلامات ليست دليلا ثابتا مائة بالمائة لأن الصادقون أحيانا يعملون مثل هذه التصرفات

وهناك تصرفات لو فعلتها وأنت تتعامل مع الكاذب تجعل الوصول للحقيقة صعبا، مثل الصراخ عليه أو الغضب عند حواره،

لأنه في هذه الحالة سيأخذ موقف المدافع ويكون من الصعب عليك الوصول للحقيقة، والمفروض أن تكون هادئا ومتحكما بانفعالاتك مع استخدام بعض العبارات التي تساعدك في إعطائه الأمان حتى يتكلم ويخرج ما في نفسه،

فبدل أن تقول له (أنت كاذب) يمكنك أن تقول (أنا أشعر بأن الكلام الذي تقوله ليس حقيقيا)، فالعبارة الأولى تجعله ينفعل ويدافع عن كلامه، والثانية يكون مرتاحا فيتكلم ويمكنك اكتشاف الحقيقة،

فالإنسان يكذب إذا فقد الأمان، ولو أعطيته الأمان وأنت تحاوره فإنه سيعتزل التمثيل ويكون صادقا معك، ولهذا مهم جدا أن توضح له آثار الكذب،

وتبين له بأن علاقتك معه مستمرة وأنك ستقدر موقفه لو أعترف بخطئه وكان صادقا معك، ولو اكتشفت كذبه متأخرا فإنك ستتخذ موقفا تجاهه، لأن الكذب مثل كرة الثلج إذا تدحرجت فإنها تكبر،

وكذلك الرواية الكاذبة فالإنسان يكذب الكذبة الأولى ثم يكذب الثانية حتى يتم تصديق الأولى ثم يكذب الثالثة حتى تصدق الثانية وهكذا،

وهذا ما وصفه رسولنا الكريم عليه السلام عندما قال (….وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا……)

وأهم خطوة أنك لا تستخدم وسيلة غير شرعية أو غير قانونية مثل التجسس أو التفتيش، حتى ولو كنت تشك في كلام الشخص أو تعتقد أنه كاذب،

فالكذب حبله قصير والله يكشف الكاذب ولو بعد حين، ويمكنك التأكد من صحة الرواية من خلال جمع المعلومات بطريقة صحيحة أو بأي وسيلة أخرى بشرط أن تكون سليمة، ففي الغالب الكاذب يقدم تفاصيل غير ضرورية في القصة حتى يكون أكثر إقناعا

وإذا افترضنا أنك اكتشفت أن هذا الشخص كاذب ويجيد التمثيل فليس بالضرورة أن تواجهه حتى يعترف، مثلما فعل سيدنا يعقوب عليه السلام مع أبنائه وهم اخوة يوسف عليه السلام،

عندما كذبوا على أبيهم وقالوا أنه أكله الذئب، فلم يقل لهم أنتم كاذبون وإنما صبر عليهم حتى اعترفوا بكذبهم في نهاية القصة، فلابد أن نفرق بالمعاملة بين من يكذب مرة وهو شخص صادق وبين من يتقن فن التمثيل بالكذب

وأسوء شيء تفعله أنك تلاحق الكذاب في كل قصة يقولها عندما تكتشف أنه كذاب، فتدخل في دوامة الاعيبه وخداعه وتمثيله فتتعب نفسك وترهقها صحيا ونفسيا وعقليا،

ولكن الصحيح أن تركز على صحتك ونفسك، وتحاول أن تعالج المشكلة وأنت في خارجها لا أن تدخل في المشكلة وتغوص فيها حتى تكون متأثرا أكثر من صاحبها،

فالتعامل مع الشخص الكاذب متعب وقد يكون الكذب يسري في دمه وتربي عليه من صغره حتى صار محترفا بالكذب فتتعب في ملاحقته.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى