فتوى ودين

فتاوى الحج: ما الفرق بين التحلل الأصغر والتحلل الأكبر؟

تستعد المملكة العربية السعودية لاستقبال حجاج بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج في مكة المكرمة، حيث بدأت الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين رفع الجزء السفلي من كسوة الكعبة المشرفة استعداداً لموسم الحج لهذا العام، الذي يبدأ قبل منتصف يونيو الجاري.

من المتوقع أن يوافق يوم 7 من يونيو الجاري غرة شهر ذو الحجة لعام 1445 هجرياً، إذا ثبتت رؤية الهلال حسب كل بلد عربي.

وعليه، تبدأ الأيام العشرة الأولى من شهر ذو الحجة، حيث تبدأ مناسك الحج في اليوم الثامن وتنتهي في اليوم العاشر.

ومع اقتراب موسم الحج، تكثر تساؤلات المسلمين خلال شهر ذو الحجة حول العديد من الأحكام المتعلقة بالحج، وتزداد طلباتهم للفتاوى.

لذلك، في سلسلة “فتاوى الحج” تقدم “الشروق” إجابات وفتاوى عن الأسئلة التي تهم حجاج بيت الله الحرام.

الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر

ردت دار الإفتاء المصرية على هذا السؤال بأن التحلل يشير إلى خروج المُحرِم من الإحرام وحِلُّ ما كان محظورًا عليه بسببه.

اتفق الفقهاء على أنَّ للإحرام عدة محظورات يجب على المسلم اجتنابها إذا كان مُحرِمًا، مثل تغطية الرأس، وحَلْق الشَّعر أو شده من أي جزء من الجسد، وقَصِّ الأظافر، وعدم استخدام الطِّيب، وعدم مخالطة زوجته أو فعل أي شيء يؤدي إلى المخالطة مثل اللمس والتقبيل بشهوة، وعدم لبس المَخِيط المُحِيط -وهو المُفَصَّل على أيِّ عضوٍ من أعضاء الجسم-، وعدم التعرض لصيد البَرِّ الوَحْشِي أو شَجَرِ الحَرَم.

الفرق بين التحلل الأصغر والتحلل الأكبر

الحج عبادةٌ لها تحلُّلان: أول وثان، أو أصغر وأكبر، وفق عبارات الفقهاء.

وكلاهما متعلِّقٌ بأداء الحاجِّ لأعمال يوم النحر الثلاثة: رمي جمرة العقبة الكبرى، والحَلْق أو التقصير، وطواف الإفاضة متبوعًا بسعي الحج إن لَم يكن قد أدَّاه.

التحلل الأول أو الأصغر

يتم برمي جمرة العقبة الكبرى حسب مذهب المالكية، أو الحَلْق -ومثله التقصير- حسب مذهب الحنفية، أو بفعل اثنَيْن من أعمال يوم النحر الثلاثة المذكورة حسب مذهب الشافعية في المشهور والحنابلة في الصحيح، أو بفعل واحدٍ منها وهو وجهٌ عند الشافعية والرواية الثانية عن الإمام أحمد.

التحلل الثاني أو الأكبر

يتم بأداء أعمال يوم النحر الثلاثة كلها.

أحكام التحلل

بحصول التحلل الأول، يحلُّ للمُحرِم كلُّ ما كان قد حُرِّمَ عليه بسبب الإحرام إلا النساء وما يتعلق بهنَّ من عقد نكاحٍ أو جماعٍ أو مقدماتٍ لذلك من المباشرة ونحوها، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

أضاف المالكية تحريمَ الصيد، وكراهةَ استعمال الطيب حتى يتحلل المُحرِم التحلل الأكبر.

آراء الفقهاء
  • الحنفية: قال الإمام علاء الدين السَّمَرْقَنْدِي في “تحفة الفقهاء”: “إذا حَلَقَ حلَّ له كلُّ شيءٍ إلا النساء”.
  • المالكية: قال العلامة أبو البَرَكَات الدَّرْدِير في “الشرح الصغير”: “(وحَلَّ بها) أي: بالعقبة، أي: برمي جمرتها، كلُّ شيءٍ يَحرُم على المُحرِم (غير نساء وصَيْد، وكُرِهَ) له (الطِّيب) حتى يطوف طواف الإفاضة، وهذا هو التحلل الأصغر”.
  • الشافعية: قال الإمام النووي في “المجموع شرح المهذب”: “يَحِلُّ بالأول جميعُ المحظورات إلا الوطء، وبالثاني يَحِلُّ الوطء”.
  • الحنابلة: قال العلامة أبو السعادات البُهُوتِي في “شرح منتهى الإرادات”: “ثُمَّ بعدَ رَمْيٍ وحَلْقٍ أو تَقْصِيرٍ (قد حَلَّ لَهُ كلُّ شيءٍ) حُرِّمَ بِالْإِحْرَامِ (إلَّا النِّسَاءُ) نَصًّا، وَطْئًا وَمُبَاشَرَةً وَقُبْلَةً وَلَمْسًا لِشَهْوَةٍ وَعَقْدَ نِكَاحٍ”.

إذا أكمل المُحْرِمُ أفعال الحج بعد التحلل الأول ثم أتى بما بقي من الأعمال الثلاثة، يحصل له التحلل الثاني، ويَحِلُّ له بذلك التحلل ما بقي من المحظورات وهو النساء إجماعًا.

قال الإمام ابن حزم في “مراتب الإجماع”: “اتَّفَقُوا على أنَّ من طَاف طواف الإفاضة يَوْم النَّحْر أَو بعده، وكَانَ قد أكمل مَنَاسِك حجه وَرمى، فقد حَلَّ لَهُ الصَّيْد، وَالنِّسَاء، وَالطِّيب، والمخيط، وَالنِّكَاح، والإنكاح، وكلُّ مَا كَانَ امْتنع بالإحرام”.

وقال شيخ الإسلام ابن حَجَر الهَيْتَمِي في “تحفة المحتاج في شرح المنهاج”: “(وإذا فعل الثالث) الباقي من أسباب التحلل: (حصل التحلل الثاني، وحلَّ به باقي المحرمات) إجماعًا”.

بناءً على ذلك، يحلُّ للمحرم بالتحلل الأول كلُّ ما كان قد حَرُمَ عليه بسبب الإحرام إلا النساء وما يتعلق بهن من نكاح أو جماع أو مقدمات لذلك، كما ذهب إليه جمهور الفقهاء.

وزاد المالكية تحريم الصيد، وكراهة استعمال الطيب، ويحصل بالتحلل الثاني حِلُّ كلِّ ما كان محظورًا عليه أثناء إحرامه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى