مكافأة الفساد: استمرار رئيس الوزراء في منصبه نتيجة المحسوبية والمحاباة السياسية
سادت حالة من الإحباط والغضب والحزن بين جموع المصريين بعد إعادة تكليف مصطفى مدبولي بتشكيل الحكومة الجديدة وذلك بسبب فشل الحكومة السابقة في السيطرة على ارتفاع الأسعار وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين. وقد دفع هذا البعض من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي إلى البحث عن سيرة مصطفى مدبولي…
وفقًا لمصادر، تم اختيار مدبولي مرة أخرى لكونه يتمتع بثقة السيسي الشخصية، وكذلك دوائر صناعة القرار داخل النظام الحاكم. يُعتبر مدبولى “سكرتيرًا تنفيذيًا بارعًا”، ويطيع الأوامر الصادرة من قيادته دون أي اعتراضات على جدواها. لم يُبد أي اعتراضات على سيطرة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على أعمال وزارته وتنفيذها للمشروعات والإنشاءات الكبرى، حيث كانت الوزارة في عهده تلعب دور “المقاول”.
الدكتور أيمن نور يكشف حقائق مذهلة عن فساد رئيس الوزراء مدبولي.
الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، نشر فيديو عبر صفحته الشخصية لمشاركته في مؤتمر عُقد في عام 2013 لمناقشة سبل إصلاح الاقتصاد المصري. اجتذبت هذه الفعالية انتباه العديد من النشطاء السياسيين والمهتمين بالشأن العام، حيث تم اختيار الدكتور نور ليشارك برؤيته حول الأوضاع الاقتصادية في مصر. كانت كلماته واضحة وملهمة، وأشار إلى حادثة تتعلق بدكتورة في كلية التجارة التي طلبت منه التدخل في موضوع اتهام كبير بالفساد موجه لابن أختها. وأكد نور أن هذا الشخص المتهم في قضية الفساد الكبرى هو “مصطفى مدبولي”، الذي أصبح فيما بعد رئيس وزراء مصر.
هنا بدأت التساؤلات تتزايد لدى المتابعين والمهتمين بالشأن المصري، لماذا الإصرار على تعيين مدبولي في المنصب رغم الاتهامات بالفساد التي وجهت له؟ هل هناك خلفيات سياسية تدفع بهذا الاتجاه؟ أم أن هناك أسباب أخرى تجعل من المستحيل استبعاده من الحكومة؟ هذه التساؤلات تستحق النظر الجاد والتفكير العميق، خاصة وأن الثقة في الحكومة تتضاءل يوماً بعد يوم في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.هناك حاجة ملحة لفهم الخلفيات والدوافع وراء استمرار تعيين مدبولي في منصبه وعدم إقالته
قد تكون هناك تفسيرات سياسية لهذا الأمر، أو ربما تكون هناك حماية من جهات معينة، ولكن مهما كانت الأسباب، فإن الشعب المصري يستحق الشفافية والنزاهة في أداء الحكومة وممارساتها. يجب أن يكون الاعتبار الأساسي هو مصلحة البلاد ورفاهية شعبها، وعلى القيادة الحكومية أن تثبت للجميع أنها ملتزمة بمبادئ العدالة والمساءلة.
تقلد منصب نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتخطيط العمراني للتخطيط الإقليمي والبحوث الدراسية (بالندب) من أكتوبر 2007 إلى أبريل 2008. مخالفة دستورية
في سبتمبر 2007، قرر رئيس مجلس إدارة مصرف التعمير والإسكان، فتحي السباعي، تعيين مصطفى مدبولي عضواً في مجلس إدارة المصرف باعتباره ذو خبرة، مخالفاً بذلك المادة 166 من الدستور المصري. وقد تم تبرير هذا القرار بضرورة التنسيق بين المصرف وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والتي تمثل أربعة من أعضاء مجلس إدارة المصرف.
وتعد عضوية مجلس إدارة مصرف “التعمير والإسكان” الحكومي باباً خلفياً للمجاملات، خاصة مع تجاوز بند “بدلات الانتقال” وحده حدود الحدّ الأقصى للأجور (42 ألف جنيه شهرياً)، إذ يتقاضى ممثلو هيئة المجتمعات العمرانية، ومعهم مدبولي، بدلات انتقال عن حضور الجلسة الواحدة بواقع عشرة آلاف جنيه، خلاف “بدل حضور” بقيمة ألفين أخرى، في غياب تام لدور الأجهزة الرقابية.
منظومة الفساد بعد تورط الشركة في حشو رقاب الأعمدة الخرسانية والكمرات بقوالب من الطوب
وعقب عام من توليه منصبه، تورط مدبولي، مع “شركة صبحي حسين للمقاولات”، المسؤولة عن تنفيذ 2088 بناية في مشروع الإسكان الاجتماعي بمدينة السادات، في تهديد حياة عشرات الآلاف من البسطاء، بعد تورط الشركة في حشو رقاب الأعمدة الخرسانية والكمرات بقوالب من الطوب، بدلاً من الحقن بالخرسانة، وعدم انتظام رأسية الأعمدة بنواصي العمارات، وترحيل أعمدة الأدوار في مناور العمارات، بما يؤثر على نقل الأحمال لأساسات العمارة، ويُهدد بانهيارها.
وأفاد موقع “إسكان مصر” المتخصص بشؤون الإسكان في مصر، بأن قيادات الجهاز المركزي للتعمير التابع لوزارة الإسكان، وعلى رأسهم رئيس الجهاز، اللواء محمد ناصر، متهمون بالتستر على تلك الجريمة، بدلاً من إحالة مرتكبيها للنيابة، خاصة مع تكرار كوارث المقاول المسؤول عن التنفيذ، والذي صنفته الوزارة فيما بعد ضمن “القائمة السوداء”.
وفي يونيو/حزيران 2015، كشفت صحيفة “التحرير” الخاصة، النقاب، عن مستندات وصفتها بـ”الخطيرة”، تكشف استيلاء مدبولي، وقيادات في الهيئة العامة للتخطيط العمراني التابعة لوزارته، وفي وزارة المالية، على ملايين الجنيهات، تحت مسميات مختلفة، وهو ما يضع وزير الإسكان آنذاك تحت طائلة القانون، بتهم الاختلاس والإضرار بالمال العام، بحسب المواد (112 و113 و115 و116) من قانون العقوبات.
وكانت العشرات من الأسر المصرية البسيطة، قد تقدمت ببلاغ جماعي إلى النائب العام، نبيل صادق، تحت رقم 5630 عرائض النائب العام، في 13 مايو/أيار الماضي، ضد مدبولي، والرئيس التنفيذي لمشروعات الإسكان الاجتماعي، ورئيس صندوق التمويل العقاري، ورئيس جهاز مدينة السادس من أكتوبر، بصفتهم، لمخالفتهم قرارات التخصيص، والمواصفات، المعلن عنها في مشروع “ابني بيتك”.
وأفاد الشاكون بأنهم تقدموا بأوراقهم للمشروع في شهري يوليو/تموز، وأغسطس/آب 2015، وتم التخصيص لهم بمنطقة “ابني بيتك 6″، وهي عبارة عن وحدات سكنية في أماكن متفرقة حول بيوت “ابني بيتك” القديمة، التي تعاني في الأصل من الإهمال، وعدم توفر الخدمات الأساسية، وانهيار البنية التحتية، منذ عشر سنوات في غياب تام من المسؤولين.
وأضاف الشاكون، في بلاغهم، أن مسؤولي وزارة الإسكان هدفوا من وراء إنشاء تلك الوحدات إخفاء المظهر الخارجي لمنطقة “ابني بيتك” القديمة، خاصة وأنها في الطريق المؤدي لمنطقة “دجلة بالمز” و”سكن مصر”، وغيرها من المناطق الاستثمارية التي تلقى اهتماماً خاصاً من الدولة، من دون النظر لحجم المعاناة التي سيواجهها هؤلاء، من جراء التخصيص لهم بمنطقة تواجه نقصاً في الخدمات، وبنية تحتية غير صالحة للمعيشة الآدمية.
كما تقدم هاني محمد خاطر، وسماح سيد متولي، في 10 مايو/أيار 2015، ببلاغين إلى النائب العام الراحل، هشام بركات، حملا رقمي 9188 و9187 عرائض النائب العام، ضد مدبولي، بصفته وشخصه، ورئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة السابق، نبيل عباس، بصفته وشخصه، لاتهامهما باستغلال نفوذهما الوظيفي.
وذكر مقدما البلاغ أن وزارة الإسكان، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، قد أعلنتا في أكتوبر/تشرين الأول 2014، عن تخصيص وحدات مشروع “دار مصر” للإسكان المتوسط بنظام القرعة العلنية، تحقيقاً للشفافية والمساواة، غير أن العمارتين 454 و455 بمنطقة “القرنفل” بضاحية القاهرة الجديدة جرى تخصيص وحداتهما السكنية بالأمر المباشر، من دون إجراء قرعة علنية، واللتان تقعان على ناصية ذات مساحات خضراء شاسعة.
استخدام النفوذ بشكل غير مشروع
وأظهرت المستندات تعرض الهيئة العامة للتخطيط العمراني، وقت أن كان يشغل رئاستها مدبولي، لعمليات واسعة من تبديد أموال الدولة، من جراء استغلال النفوذ، وهي المخالفات التي فتحت بشأنها النيابة الإدارية تحقيقات موسعة، وأرسلت عنها ملفاً كاملاً إلى مكتب رئيس الوزراء السابق، إبراهيم محلب، والذي غض الطرف عنها، كونه كان وزيراً للإسكان وقت شغل مدبولي لمنصبه.
وكشفت المستندات صرف سبعة من مسؤولي وزارة المالية 27 مليون جنيه “مكافآت وبدلات” نظير انعقاد لجان “وهمية” للعاملين بالهيئة، من بينها مليون و400 ألف جنيه صرفها مدبولي مكافآت لنفسه، بعدما أساء استخدام السلطة، وكون 26 لجنة، إلى جانب 20 لجنة مشكلة بقرارات وزارية، بمجموع 46 لجنة، لتوسيع قاعدة المستفيدين من تلك البدلات، من المقربين إليه، حسب تحقيقات النيابة الإدارية.
وعُين مدبولي رئيساً لمجلس إدارة الهيئة العامة للتخطيط العمراني بوزارة الإسكان، خلال حقبة وزير الإسكان السابق، أحمد المغربي، الذي واجه اتهامات بالفساد والتربح غير المشروع، وبيع أراضي الدولة في مدينة الغردقة السياحية بسعر دولار واحد للمتر المربع، قبل أن تقضي محكمة جنايات الجيزة المصرية ببراءته في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
كذلك، نشر موقع “إسكان نيوز” الإخباري حلقات عدة في وقت سابق، عن ملف فساد الشركات التابعة لوزارة الإسكان، والتي يستحوذ على مجلس إدارتها مجموعة من المقربين لمدبولي، وعلى رأسهم راندة المنشاوي، وخالد عباس، وعلي فياض، ومحمد الألفي، ويحصلون فيها على بدلات ومكافآت تعادل رواتب العشرات من قيادات الوزارة.
السيرة ذاتية لمصطفى مدبولى
وكلف مدبولي بحقيبة الإسكان والمرافق في فبراير/شباط 2014، في الحكومة التي ترأسها إبراهيم محلب، واستمر في منصبه خلال فترة تولي شريف إسماعيل لرئاسة الحكومة. ويبلغ من العمر 52 عاماً، وشغل منصب المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، في الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني 2012 إلى فبراير/شباط 2014، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتخطيط العمراني بوزارة الإسكان، في الفترة من سبتمبر/أيلول 2009 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
كما انتدب لمنصب رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمراني بوزارة الإسكان، خلال الفترة من أبريل/نيسان 2008 إلى سبتمبر/أيلول 2009، ونائباً لرئيس مجلس إدارة الهيئة، في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2007 إلى أبريل/نيسان 2008، فضلاً عن شغله منصب المدير التنفيذي لمعهد التدريب والدراسات الحضرية بالوزارة، في الفترة من يناير/كانون الثاني 2000 إلى يونيو/حزيران 2004.
وحصل مدبولي على درجة الدكتوراه في الهندسة المعمارية (تخصص تخطيط مدن) من كلية الهندسة -جامعة القاهرة في العام 1997، ودبلوم الدراسات المتقدمة في مجال التخطيط العمراني وإدارة العمران من معهد دراسات الإسكان والتنمية الحضرية (روتردام – هولندا) في العام 1993، وعمل كاستشاري للعديد من المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي، ومنظمة العمل الدولية، وهيئة التعاون الفني الكورية لوضع سياسات الإسكان والتخطيط.
ويعرف عن مدبولي العزوف عن الإعلام، والتبعية المطلقة لتعليمات السيسي، ويتفق في هذا مع شريف إسماعيل، الذي كان يزامله في الحكومة وزيراً للبترول قبل اختياره رئيساً للوزراء.
المصادر العربى الجديد