مقالات ورأى

أدهم حسانين يكتب: غزة وانقلاب في المفاهيم العسكرية

عندما انتصر الرسول المجاهد الشهيد صلى الله عليه وسلم في بدر لم يكن في حسبان سدنة الجاهلية أو المقاييس الدنيوية حينها أن 300 من الصحابة وعلى رأسهم القائد الفذ محمد بن عبد الله النبي العدنان أن ينتصروا على جيش هو 3 أضعاف القوة العددية لجيش المسلمين.

كما كانت فكرة الفندق لم تكن معروفة في حروب العرب قديما، فأتى بها الصحابي سلمان الفارسي إلى القائد الأعظم رسول الله صل الله عليه وقام باستخدامها فهي الحرب والخديعة هكذا غزة بكل فصائلها المقاومة لاحتلال عمره 76 عاما قلبت كل المقاييس والاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية المتعارف عليها في الأكاديميات العسكرية.

فتغير مفهوم الصراع وتحول الصراع من مواجهة بين دول إلى مواجهة بين دولة وفصائل مقاومة لدولة احتلال يقال إنها متفوقة عدديا وعسكريا وتقنيا واستخباراتيا.

فعلى مستوى الاستراتيجيات

قامت المقاومة بأقوى استراتيجياتها ألا وهي استراتيجية الإنفاق أو (مترو أنفاق غزة) التي استفادت المقاومة من التجارب السابقة مثل أنفاق فيتنام وغيرها من التجارب المتشابهة فاستخدمت المقاومة الفلسطينية في غزة شبكة الأنفاق كأداة استراتيجية للتحدي والمناورة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

هذه الأنفاق، التي تمتد تحت الأرض، لعبت دورًا مهمًا في الصراع من خلال

التحرك الآمن: توفير ممرات آمنة لتحرك المقاتلين والمعدات بعيدا عن أعين الاحتلال الهجمات المفاجئة: إمكانية شن هجمات مباغتة وسريعة ضد القوات الإسرائيلية، مما يصعب على الاحتلال التنبؤ بها أو الاستعداد لها…

الحماية من القصف: استخدام الأنفاق كملاجئ للمقاتلين والمدنيين خلال القصف الإسرائيلي.

إخفاء الأسلحة والمعدات: تخزين الأسلحة والذخيرة بشكل يصعب على الاحتلال اكتشافها وتدميرها .

هذه الاستراتيجيات والتكتيكات المتعلقة بالأنفاق ساهمت في تعزيز قدرات المقاومة وأضافت عنصر المفاجأة والمرونة في تكتيكاتها العسكرية.

ويقول الباحث الفلسطيني سعيد زيادة إن المقاومة أبدعت وطورت في مفهوم الأنفاق فتنوعت هندسة الإنفاق وبنائها الداخلي من أنها إنفاق لها عمق رأسي وتسير في مستويات أفقية  مختلفة واستخدامات مختلفة وحسب تصريحات الاحتلال نفسه أن عمق الإنفاق قد يصل إلى 15طابقاق تحت الأرض.

فتنوعت ما بين أنفاق للكمائن وأنفاق لها بوابات تمنع من تسرب الغازات السامة وأنفاق تمنع تسرب المياه إلى داخلها -والدليل على ذلك- فشل سلطات الانقلاب في مصر من إغراق الإنفاق من الجانب المصري لانت مستويات الإنفاق ليست متساوية.

ومن أهم استراتيجيات التي استخدمتها المقاومة الفلسطينية على مدار 20 عاما من الحصار ألا وهي شبكة الاتصالات الأرضية التي فشلت أكثر من جهاز مخابرات في اختراقها وعلى رأسهم الموساد والشاباك.

وهناك أيضا الأجهزة الأمنية المختلفة التي أسستها المقاومة عبر تاريخها عبر العقود الماضية مثل جهاز مجد الأمني والذي أسسه القائد إبراهيم السونار بالإضافة إلى جهاز مخابرات المقاومة والذي يعد تطورا نوعيا في علم مخابرات.

التطور النوعي لكل الإمكانيات المتاحة

أظهرت المقاومة تطورًا لافتًا في الاستعداد والمقدرة العسكرية والتخطيط والتنفيذ.

ففي 7 من أكتوبر في الساعات من تحركت المقاومة لاقتحام غلاف غزة والقضاء على فرقة غزة واقتحام 9 مواقع عسكرية في توقيت واحد والقيام بعملية نوعية وأسر ما يقدر حتى الآن ب 250 أسيرا منهم رتب عسكرية كبيرة في جيش الاحتلال.

التطور النوعي لأسلحة المقاومة: استخدمت المقاومة كل الإمكانيات المتاحة لتطوير أسلحتها، فاستغلت المقاومة انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من غزة في عام 2005 لتطوير أسلحتها.

مستخدمة الذخائر الإسرائيلية المتروكة وتطوير صناعة الصواريخ.

فتمكنت المقاومة من تطوير ترسانتها الصاروخية لتشمل صواريخ قادرة على الوصول إلى أي نقطة داخل الخط الأخضر.

مما يعكس قدرة كبيرة على التكيف والابتكار رغم الحصار حتى استخدمت مواسير مياه مدفونة منذ فترة تواجد الاحتلال فى غزة.

وعثور المقاومة على احد السفن الغارقة فى المياه الإقليمية لغزة التابعة للجيش البريطاني وتمت الاستفادة من الأسلحة المتواجدة فى هذه السفينة العسكرية.

وهذا يعكس الإبداع والمرونة التي تميزت بها المقاومة الفلسطينية في تطوير قدراتها العسكرية في ظل كل هذه الظروف الصعبة.

ف-على سبيل المثال- صواريخ المقاومة بكافة أنواعها، قذيفة الياسين 105، عبوات شواظ، بندقية الغول القناصة ذات البعد 2000 متر، عبوات العمل النوعي والذخائر المضادة للدبابات والمسيرات دون طيار.

 فأعدت المقاومة بكل فصائلها تكتيكات جديدة وأكثر تطورًا، فحققت انتصارات استراتيجية رغم الفارق في ميزان القوى.

هذه التطورات تعكس إصرار الشعب الفلسطيني على مواصلة النضال من أجل حقوقهم وحريتهم وعلينا في هذا المقام إلا أن نحيي المقاومة على اختيار افراداها التي أحسنت تربيتها جهاديا وإيمانيا وبدنيا الذي حمل أعلى القيم الإنسانية ألا وهي التضحية والإقدام والاستشهاد في سبيل الله أولا ثم تحرير الأرض والعباد من براثن الاحتلال الصهيوني.

ولتحقيق المقاومة الفلسطينية هذه الاستراتيجيات وتغيير المفاهيم العسكرية النمطية استخدمت بعض الآليات تشمل:

على المستوى الفردي

التضحية والاستشهاد: المقاومة تعتمد على تضحية المقاتلين الفرديين واستعدادهم للتضحية بأرواحهم من أجل القضية.

التجنيد والتدريب: تجنيد الأفراد وتدريبهم على استخدام الأسلحة وتكتيكات القتال المختلفة ووضع خطط على غير المتوقعة.

على المستوى الجماعي

 التنظيم والتعاون: التعاون بين مجموعات المقاومة لتحقيق الأهداف المشتركة.

التوعية والتأثير الشعبي: نشر الوعي بالقضية الفلسطينية والتأثير على الرأي العام.

على المستوى العسكري

استخدام الأسلحة: تطوير واستخدام الأسلحة المتاحة لتحقيق الأهداف العسكرية.

 التكتيكات العسكرية: استخدام تكتيكات متنوعة في المعارك والهجمات.

على المستوى المجتمعي

 الدعم الشعبي: الحصول على دعم الشعب وتحفيزه للمشاركة في المقاومة عبر معسكرات طلائع التحرير التي نقلت القضية من مستوى الفصائل إلى الحاضنة الشعبية التي حملت السلاح جنب بجانب أفراد المقاومة النظاميين.

ولعل هذا هو التحدي الحقيقي للاحتلال الذي أصبح يواجه مداومين يريدون ملابس رياضية وأحيانا الشبشب أو الكفاية باللفظ الفلسطيني

المقاطعة والحملات الدولية: استخدام الحملات الدولية للضغط على دولة الاحتلال وتحقيق التغيير الذى ظهرت دلالاته فى الاوان الاخيرة .

هذه الآليات عكست التنوع والمرونة التي تميز المقاومة الفلسطينية في مواجهة التحديات العسكرية والسياسية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى