مقالات ورأى

خيري عمر يكتب: من الشعبوية إلى النقاش الهادئ

وعطفاً على التدوينة السابقة بعنوان “ماذا تعني حملة الهجوم؟” تواصل معي بعض الأصدقاء لغرض توضيح أو نصحٍ، ودارت ملاحظاتهم خول نوعين، عدم تخيل أن أمريكا تهاجم الدولة في شخص رئيسها ،

و عدم جرأة الدولة على الوقوف في وجه إسرائيل…. وساق حجة على تحكم أمريكا تقنياً في استخدام أسلحتها، وكأن كل الدول التي تشتري السلاح الأمريكي هبلة وساذجة…. يقينا هناك جزء صحيح، لكنه ليس حاسما، ويعوضه تنويع مصادر السلاح.

لم أكن لأرغب في جدال، ولكن أحببت توضيح أن الكلام كان في سياق تكوين بيئة مضطربة على كامل حدود الجوار، وأن لهجوم على رئيسها واتهام أجهزتها بالتلاعب في المفاوضات، هو من أدوات الحرب، في مثل هذه الظروف،

وليس من باب التسالي…. وهو حال يقتضي استدعاء أدبيات النقد في حالة الحرب، وكيف تتصرف الشعوب مع تزايد احتمالية التهديد وتتضامن.

وكان جيداً، إدراك أحد قِسمي الإخوان أهمية التضامن مع الدولة في حماية الأمن القومي وإعلانهم، ديسمبر الماضي، تفهم المخاطر المحدقة بالجميع،

كان هذا نقطة إيجابية، يمكن البناء عليها. هذا الموقف لم يصمد كثيراً، ليتلاقى مع الفريق الأخر في العودة لنفس المفردات، وشخصنة خلافه مع السلطة دون الاهتمام أو النظر في أي تداعيات أخرى، ومن ثم،

شاع ترديد نفس مفردات الخطاب، حيث صارت البيانات والكوميكس، عبر تدوينات مقربين، المستلة منها أداة متكاملة مع مرامي الدعاية الغربية الداعمة لنشر الفوضى عبر الحدود….

سابقاً، كان هناك وعي بأن الدولة مظلة للجميع. في 2007، قبلت الجماعة اتفاقية كامب ديفيد، كالتزام على الدولة، وهي ملزمة للحكومة،

فيما تظل الجماعة محتفظة بموقفها… ودون خوض في الفروق الشكلية والموضوعية، كان ذلك موقفاً واعياً، تم التراجع عنه. في وقتها، أعلن عصام العريان، رحمه الله،

ما تم الاتفاق عليه، لكنه تحت ضغط مجموعات اليسار وقلة القناعة به، طوت الجماعة الكلام فيه، ووجهت اللوم لمن يصرح به. ورغم هذا التزموا بالاتفاقية في 2012.

لا يفضل الاستغراق في تفسير أسباب هذا التردد، ولكن يمكن الإشارة إلى نقطتين، الأولى، أن الالتزام بالمعاهدات والخروج منها وإعلان الحرب،

هي ضمن بدائل وعمليات كثيرة يصعب مناقشتها شعبوياً، بل البحث عن تهيئة المناخ للتضامن والخروج من وهم أن معارضة المنفى تعطي حرية الكلام دون خسائر جسيمة أو تحمل مسؤولية كلامها. أما الثانية، فإن التفكير بأريحية والهروب من المشكلات الذاتية دون البحث في حلها،

صار سمتاً شائعاً خرفا، تنتفي عنه القدرة على تقديم الحجج والبدائل غير الفوضوية، فما حالات المنفى سوى بحث عن إطالة المكوث ومناكفة خلق الله.

ربما تكونت هذه المظاهر لمرور الجماعة بانقسامات متتابعة، لكنها تثير في ذات الوقت السؤال عن تذبذب المواقف وغموضها تجاه تحديد العدو الحقيقي وتَوهم أن هناك مصلحة في بقاء مشكلاتها دون حل.

إن المسؤولية هي في فهم الأسباب والأحداث كخطوة لاتخاذ مواقف متناسبة، وليس السير بالقصور الذاتي دون بصيرة لمألات الأمور، والتعامل معها بحكمة والنقاش المفتوح.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى