مصر

الجارديان : مصر تلتزم الصمت بشأن سيطرة إسرائيل على المنطقة العازلة في غزة

قال الجارديان البريطانية أن القاهرة تسعى للسيطرة على الغضب الشعبي وتجنب التصعيد مع تحرك الجيش الإسرائيلي إلى ممر فيلادلفيا في انتهاك لاتفاق السلام لعام 1979

ردت مصر بصمت مطبق على استيلاء إسرائيل على منطقة عازلة في جنوب قطاع غزة، في تحد صارخ لاتفاق السلام المبرم منذ عقود، حيث سعت القاهرة للسيطرة على الغضب الشعبي المتنامي مع تفادي تصعيد التوترات مع إسرائيل.

يوم الأربعاء، أعلنت إسرائيل أن قواتها المسلحة تمكنت من تحقيق سيطرة “عملياتية” على الممر الحدودي المعروف باسم ممر فيلادلفيا، والذي يقع على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر.

وهو الاسم الرمزي الذي يطلقه الجيش الإسرائيلي على الشريط الممتد لمسافة 14 كيلومترًا على طول الحدود بين غزة ومصر. وبموجب بنود اتفاق السلام المصري الإسرائيلي لعام 1979، يُسمح لكل طرف بنشر عدد محدود فقط من القوات أو حرس الحدود في المنطقة المنزوعة السلاح الممتدة على طول كامل الحدود الإسرائيلية المصرية والتي تشمل الممر.

وبالرغم من تحذيرات المسؤولين المصريين منذ شهور بشأن مخاطر سيطرة القوات الإسرائيلية على الممر، إلا أن القاهرة لم تصدر أي تعليق رسمي.

زيارة السيسي لبكين

وخلال زيارة لبكين، دعا عبد الفتاح السيسي إلى تكثيف المساعدات الإنسانية لغزة، وأكد مجددًا معارضة بلاده الثابتة “لأي محاولة لإجبار الفلسطينيين على النزوح قسرًا عن أراضيهم”.

وقال محمد عبد السلام، اللواء السابق الذي امتدت مسيرته المهنية 40 عاماً وشملت رئاسة مركز للدراسات الإسرائيلية داخل الجيش المصري، إن التصرفات الإسرائيلية جعلت البلدين أقرب إلى “حرب لا نحتاج إليها، وهي حرب أحسنت مصر صنعاً لتجنبها”.

وأضاف: “هذا ليس في مصلحتنا، فنحن نعاني بالفعل اقتصاديًا؛ ولا حاجة لفتح جبهة جديدة. نحن لا نسعى لحرب كبرى أو المزيد من الصراع. أفضل خيار لنا الآن هو إنهاء هذا العنف واستئناف المفاوضات”.

سيطرة إسرائيل على الحدود بعد أيام من تبادل نادر لإطلاق النار بين القوات المصرية والإسرائيلية

وجاءت سيطرة إسرائيل على الحدود بعد أيام من تبادل نادر لإطلاق النار بين القوات المصرية والإسرائيلية عند معبر رفح جنوب قطاع غزة، مما أسفر عن استشهاد مجندين مصريين شابين. وأثارت الوفيات غضب الحشود في القرى الريفية حيث دفنا دون حضور أحد من الجيش.

وقالت إحدى قريبات عبد الله رمضان البالغ من العمر 22 عاماً، والذي دفن في مسقط رأسه بالفيوم جنوب القاهرة: “نريد العدالة، متى سيُنتقم لدمه؟ متى سنرى العدالة له؟”، مطالبةً بعدم الكشف عن هويتها خشية انتقاد الحكومة علناً.

وذكر محمد المصري، صديق رمضان وجاره البالغ من العمر 24 عاماً، أن قريتهم “غرقت في الحزن” لأن الجندي الشاب دُفن دون تكريم عسكري.

وأضاف: “في الجنازة، لم أر سوى رجال الدين والأشخاص الذين جاءوا من القاهرة لمواساة العائلة”. “مصر كلها غاضبة لاستشهاد عبد الله، وتحزن وتغضب أيضاً من المجازر في غزة”.

وقال إتش إيه هيلير، من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن: “تمر العلاقات الإسرائيلية المصرية بأسوأ فترة منذ زمن

بعيد. لكنني أعتقد أنه يجب على القاهرة والعواصم الأخرى إدراك أن النخبة السياسية في إسرائيل تتطور بشكل يجعل من المرجح مواجهة أزمات متعددة مماثلة في المستقبل”.

وأشار إلى أن مصر عبرت عن غضبها من خلال إجراءات مثل الانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في وقت سابق من الشهر الحالي.

وأضاف هيلير: “لا أظن أن القاهرة قادرة على تغيير السلوك الإسرائيلي، فالقدرة على ذلك موجودة في واشنطن، لكنها ترفض استخدامها”.

من جانبه، قال مهند صبري، الخبير في شؤون شبه جزيرة سيناء المصرية المتاخمة لإسرائيل، إن استيلاء إسرائيل على ممر فيلادلفيا ومعبر رفح أذل الحكومة المصرية.

وأضاف: “بالطبع هذه الأحداث محرجة، لكن مخاوف الجانب المصري لا تتعلق بالإسرائيليين بقدر ما تتعلق بقدرتهم على حكم مصر والسيطرة على الغضب الشعبي داخل البلاد”.

وقد أعرب بعض شخصيات المعارضة المصرية عن استيائهم، ومنهم حمدين صباحي الذي دعا في وقت سابق من مايو/أيار إلى إلغاء اتفاقيات كامب ديفيد التي أدت إلى معاهدة السلام مع إسرائيل وسحب السفير الإسرائيلي. لكن السلطات واجهت أي محاولة للاحتجاج العام بحملة قمع شرسة، شملت استخدام تهم الإرهاب بشكل متكرر ضد المتظاهرين.

ورصدت “المفوضية المصرية للحقوق والحريات”، ومقرها القاهرة، ما لا يقل عن 120 حالة اعتقال منذ أكتوبر/تشرين الأول على خلفية الاحتجاجات المتعلقة بغزة.

وقال محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية: “مشاعر الغضب هائلة، وقد رأينا ذلك في جنازات الجنود، لكن هناك فجوة بين المشاعر الشعبية والموقف الرسمي؛ فالنظام لا يرغب في التصعيد”.

وأضاف أن السلطات المصرية تخشى أن يؤدي السماح بالاحتجاجات حول هذه القضية إلى تظاهرات سريعة حول ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم المتزايد والفقر المتفاقم.

وتابع: “تخشى الحكومة أن يتظاهر الناس اليوم من أجل غزة، وغدًا سيحتجون على الوضع الاقتصادي. لدى الحكومة المصرية الكثير مما تخشاه من الغضب الشعبي حاليًا، ولا تريد أن يعتاد الناس على الاحتجاج”.

المصدر

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى