مقالات ورأى

معصوم مرزوق يكتب: نتنياهو يحاول الانتحار!

قالوا إن اسمه: “جندي/ عبد الله رمضان”.. شاب مصري جديد يزف إلى رمال سيناء.

إن قادة الكيان الصهيوني يرتكبون حماقة كبرى، إذا ظنوا أنهم سيفلتون بجرائمهم التي يتحرشون فيها عمداً بالجانب المصري، بل أزعم أن وضع ذلك الكيان عسكرياً واقتصادياً ونفسياً يجعله مكشوف بشكل قد يغري بعض الأطراف الإقليمية بالنظر في كسر ما تبقي من هيبته العسكرية.

ورغم قلة المعلومات المتاحة عن ظروف الجريمة، وتسليمي بأنه من المبكر التعجل بأي قراءة أو محاولة استنباط توجه معين، فإن هناك بعض الشواهد التي لا يمكن إغفال دلالاتها ومنها مثلاً:

  • تواتر التحذيرات الرسمية المصرية للحكومة الإسرائيلية، أو المنسوبة لمصادر رفيعة المستوى (!)، وهذا التواتر غير مسبوق في ظل تصاعد بعض تصريحات المسئولين الإسرائيليين التي كالت لمصر بعض الاتهامات مؤخراً.
  • أنه لأول مرة منذ فترة طويلة، يتم الإعلان عن مشروع كبير لإحدى وحدات الجيش الثاني بالذخيرة الحية، علماً بأن شمال سيناء يقع ضمن قطاع الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الذي يخضع للجيش الثاني الميداني.. ويجب ملاحظة أن ذلك لا يعني أن الجيش المصري لا يقوم بمشاريع ومناورات بالذخيرة الحية في مختلف الأوقات والمستويات، وعلى كل الاتجاهات الاستراتيجية، وإنما ربما يعني الإعلان هذه المرة بأن هناك ثمة رسالة ترغب القيادة المصرية توجيهها لمن تعلم أنه يراقب ويرصد.
  • أن نتنياهو يبدو كمن فقد أعصابه نتيجة لتوالي هزائمه العسكرية والسياسية والقانونية.. فهو مهزوم حتى الآن في ميادين القتال، سواء في غزة أو في الشمال أو حتى في الضفة الغربية.. وهو مجرم حرب بناء على اتهام مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، وهو متهم بارتكاب جريمة الإبادة وفقاً للاتجاه العام لمحكمة العدل الدولية، وما استقر عليه أغلب الفقه في القانون الدولي الإنساني.. وهو كذلك متهم بالفساد في إسرائيل ويخشى التعقب القضائي..
  • كل ما تقدم قد يدفع نتنياهو إلى احتمال لا يمكن استبعاده، بالاندفاع إلى ما يشبه الانتحار في محاولة للهروب إلى الأمام، عن طريق التحرش بمصر، ثم الصراخ فيما بعد مدعياً أن العرب يحاصرون إسرائيل الصغيرة المهيض جناحها، كي يبتز المجتمع الدولي، ويوحد جبهته الداخلية التي تسببت سياساته الفاشلة في تمزيقها.

ولست أدعي أنني ملم بما يدور في مراكز صنع وإعداد القرار المصري، ولكن بحكم خبرتي العسكرية والدبلوماسية السابقة أتصور أن صانع القرار المصري لديه أربعة خيارات ممكنة على الأقل:

  • إما التغاضي عن تلك التصرفات الاستفزازية، ومواصلة التصعيد الدبلوماسي والقانوني، وهي خطوة يمكن السير فيها لزمن محسوب بدقة، يتيح لمصر مزيداً من تعرية السلوك الإسرائيلي دولياً.
  • أو اتخاذ بعض الخطوات العقابية الدبلوماسية والقانونية التي لا ترقي إلى حد الصدام المباشر ، في محاولة لإرسال رسائل قوية إلى المجتمع الإسرائيلي والمجتمع الدولي بمدى خطورة ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية كتهديد للأمن والسلام الدوليين، مع طلب عرض مشروع قرار على مجلس الأمن يدين الاعتداءات الإسرائيلية وانتهاكها لالتزماتها وفق معاهدة السلام وقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وإلزامها بالتعويض.
  • أو التحرك الفعلي لصدام دبلوماسي من خلال الخطوات التالية:
    – تجميد العلاقات الدبلوماسية، وسحب البعثة الدبلوماسية المصرية، وإخطار البعثة الإسرائيلية بمغادرة البلاد.
    – تشكيل لجنة فنية لمراجعة كافة الاتفاقات مع الجانب الإسرائيلي بما في ذلك معاهدة السلام.
    – إصدار تعليمات لكل البعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج لطلب مقابلات عاجلة مع وزراء خارجية الدول المعتمدين لديها ، لتقديم مذكرة شارحة للموقف المصري.
  • ويبقى الخيار الرابع، كخيار أخير لا أميل إلى طرحه ومناقشته حالياً، وأظن أن محله هو مجلس الأمن القومي المصري.

منذ السابع من أكتوبر الماضي، وأنا أؤكد على النظرية التي آمنت بها، وكررت الدعاية لها كتابة وشفاهة على مر الأربعين عاماً الماضية، وهي أن السلام الدائم والعادل والشامل لن يتحقق في منطقة الشرق الأوسط،

إلا بتفكيك المفهوم الصهيوني والتخلص منه في فلسطين ( Dezionization of Palestine )، مثلما تم تفكيك نظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا، وأعتقد أننا اقتربنا جداً من ذلك الحل الذي سينقذ اليهود والمسلمين والمسيحيين في أرض فلسطين المباركة،

وتعود كما كانت وطناً لكل مواطنيها بلا تمييز أو تفرقة.. ولعل اندفاع نتينياهو إلى الانتحار السياسي، هو بشارة بانتحار ونهاية تلك النظرية الصهيونية العنصرية التي بذرت الدمار والموت منذ أن حلت في أرض فلسطين.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى