هشام جعفر: الحركة المدنية تحتاج لرؤية مشتركة..والحوار الوطني أعاد الجدل السياسي المفقود
قال الكاتب الصحفي هشام جعفر إن الحركة المدنية دخلت الحوار الوطنى بلا رؤية متفق عليها بسبب الانقسام المتباين والمشارب المختلفة، وأن الحوار الوطني أعاد إلى الواجه الجدل السياسي المفقود في مصر منذ سنوات. جاء ذلك في حوار صحفي بمناسبة مرور 60 عاما على ميلاده مع موقع “فكر تاني” أوضح فيه أن الترتيبات الحالية المتعلقة باستعادة السياسة في مصر ستكون ذات تأثير محدود في الأحداث؛ بسبب أن الأطراف التي تمثل تلك التشكيلات الجديدة لم تتخذ خطوتها هذه بعد انفتاح سياسي فرضته بإرادتها، بل دُعيت لانفتاح منشود من بعض الأطراف، وبالتالي لم تفرض نفسها لتكوين المسار السياسي.
وأضاف جعفر أن هذه الأطراف التي يدور حولها الحديث تفتقد إلى رؤية جادة مبنية على تقييم حقيقي لما شهدته السنوات العشر الماضية، وما حدث فيها من تطورات بالغة الأهمية، وهذا التقييم غير ممكن دون حوار داخلي بين هذه التشكيلات الجديدة.
كما رأى جعفر أن مشاركة القوى المدنية في الحوار الوطني يجب أن يسبقه حوار معمق داخليًا بين أطراف الحركة، لدراسة الواقع ومعرفة سُبل تحقيق مصالحها وأهدافها، متابعا أن الحوار الداخلي، كان يُمكن للحركة تحقيق مكاسب مهمة لها وللمجال السياسي في الحوار الوطني، ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا مع كل مفصل أساسي من مفاصل الحراك السياسي الذي مرت به الحركة كنا نرى خلافات داخل الحركة حول هذا الحدث مثل الانتخابات الرئاسية أو الحوار الوطني.
وأشار هشام جعفر في حديثه أن أهم إشكاليات الحركة المدنية أنها تضم انحيازات اجتماعية متعددة، جمعتها فقط في البداية مناهضة الإخوان، بينما لا يزال بعض هذه الأحزاب عالقًا في لحظة التأسيس الأولى، دون إدراك أهمية الانحياز الاجتماعي، لذلك كانت محاولة تدشين التيار الحر الذي تبناه الأستاذ هشام قاسم، بانحياز اجتماعي محدد، محاولة مميزة. ولكن، يبقي السؤال: هل سنشهد إعادة اصطفاف مرة أخرى على أساس انحيازات اجتماعية واضحة أما لا؟
وقال إن تحدي الذي يواجه الحركة المدنية في مصر هو أن لها أيضًا وظيفة مستمرة ومطلوبة بحكم السياسة، وهي محاولة الضغط على النظام لإعادة فتح المجال العام واستعادته. ولكن، السؤال أيضًا: كيف ستمارس الحركة هذه الوظيفة وعلى أساس أي رؤية؟
وحول تيار الإسلام السياسي في مصر والعالم العربي قال الكاتب الصحفي هشام جعفر إن زمن تيار الإسلام السياسي انتهى، وفشل الإسلاميون في المنطقة، وأنا مُصر على ما قلت، ولا يمكن أن يخرجني أحد عن هذا الإصرار، ولي منطقي، ومن يريد أن يتحاور معي فليتحاور وفق هذا المنطق.
وعدد عدة أسباب لذلك فقال:
أولا:
أنا أنفي صفة “الاستثناء” في الممارسة السياسية عن تيار الإسلام السياسي، وهي الفكرة التي يحاول البعض أن يروج لها حصرًا للإسلاميين، فهم يجب أن يمارسوا السياسة دون أي استثناء لهم، ولكنني أراهم كغيرهم يجري عليهم ما يجري على الجميع من نجاح وإخفاق وظهور وأفول.
وأوضح أنه يزعم أن خروج قطاع كبير من المصريين ضد الإخوان المسلمين بالتحديد في عام 2013، كان خروجًا عليهم باعتبارهم فاعلًا سياسيًا أخفق، وليس باعتبارهم فاعلًا دينيًا؛ فالدين لا يزال يلعب دورًا مهمًا في حياة المصريين.
ثانيًا:
ثبت إخفاق تيار الإسلام السياسي وانتهاء سرديتهم الأساسية، لأننا إزاء سياقات جديدة، تفرز فواعل سياسية جديدة، وإزاء تدين شبكي جديد يدور في شبكات التواصل الاجتماعي، وصراع شديد حول من يمثل الإسلام في المنطقة، وتطورات جذرية بالنظام الدولي.
ثالثا:
طوال تجربة الاسلاميين في الحكم في السنوات الماضية – وهم قد تبوأوا مراكز الحكم في بعض بلدان المنطقة – لم يستطيعوا أن يستوعبوا تطلعات المواطنين سواء في مصر أو في غيرها، في العيش الكريم، ولم يستطيعوا توفيره لهم.
وقال جعفر أنا متابع كبير لحركة الإسلاميين في المنطقة، في ظل ما يُطلق عليه “الربيع العربي” وما بعده، ويمكن أن أقول إن هناك مبادرات فردية للنقد الذاتي، ولكنها غير منظمة، ولم تُحدث أي نوع من التأثير على أحزابها وهيئاتها السياسية.
ويرى أن إشكالية التيار السياسي تكمن في عدم التجديد الفكري إلى الآن، بمعني أن السرديات الأساسية التي قام عليها تيار الإسلام السياسي في القرن العشرين انتهت، وليس هناك قدرة على تجاوز هذه الأساسيات إلى اليوم، بل حتى في ظل العدوان على غزة، استحضر البعض خطابات على أرضية إسلامية وقومية تطرح أفكارًا طواها الزمن، مثل: نحن والغرب، والحرب الصليبية، رغم أن هناك حراكًا في الغرب أقوى ألف من مرة مما يتواجد بين حين وآخر في المنطقة.