مصر

خصخصة القطاع الصحي في مصر.. فوائد أم مخاوف وفجوات اجتماعية؟!


أثير جدل واسع في الأوساط المصرية بسبب قرار البرلمان بالموافقة على “قانون تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الطبية في مصر”.

ويعتبر هذا القرار خطوة جديدة في سياسة الحكومة المصرية نحو تحويل جزء كبير من القطاع الصحي إلى القطاع الخاص،

مما أثار تساؤلات وانتقادات حول تأثيره على حقوق المواطنين في الحصول على خدمات صحية جيدة ومتاحة.

لذلك توجهنا بالحوار لمناقشة هذا الموضوع، مع الدكتور مصطفى جاويش، وكيل وزارة الصحة الأسبق، الذي قدم رؤية متعمقة حول الآثار المحتملة لتطبيق هذا القانون.

من حق المواطن الحصول على خدمات الرعاية الصحية بصورة كاملة ومتاحة وعادلة وبجودة عالية حسب جميع المواثيق والقوانين الدولية ،

ومن أهم توصيات منظمة الصحة العالمية أن تقوم الدولة بدورها في تقديم الجانب الأكبر والأساسي من خدمات الرعاية الصحية للمواطنين

من خلال اعتماد مبالغ مالية في الموازنة الحكومية للصحة لا تقل عن 11 % من إجمالي الناتج المحلى السنوي للدولة ،

مع اتاحة الفرصة للقطاع الخاص للمساهمة في تقديم الخدمات الصحية ومنحه تسهيلات إدارية وقانونية

لأداء دوره الداعم في جوانب معينة وكفالة الدولة لعدالة حصول المواطن على الخدمة ،

ولكن ما يحدث في مصر يأتي على خلاف توصيات منظمة الصحة العالمية ؛ حيث أن موازنة وزارة الصحة تتأرجح حول نسبة 1.2% فقط

من إجمالي الناتج المحلى لمصر رغم وجود زيادات رقمية مالية في الموازنة بالجنيه المصري سنويا ، ولكنها مجرد زيادات ظاهرية فقط ولاتحقق الهدف المطلوب منها ،

وفكرة الخصخصة تعنى بكل وضوح أن الدولة ترغب في حجب تلك النسبة الضئيلة من التمويل الحكومي

وهذا سوف يزيد من معاناة المواطنين خاصة وأن نسبة الفقر الرسمية في مصر هي 32% ؛

يعنى يوجد 35 مليون مواطن تحت خط الفقر ، منهم حوالى 7 مليون مواطن يعانون من الفقر المدقع .

تقوم فكرة الخصخصة على طرح المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص للاستثمار فيها ، وهذا يعنى تحويلها إلى مؤسسات ربحية وليست خدمية ،

وبالتالي سوف يتم رفع أسعار جميع خدمات الرعاية الصحية ، وهنا تنتشر التصريحات الحكومية

بأن نظام التأمين الصحي الشامل الجديد ونظام العلاج على نفقة الدولة سوف يحمى الفقراء ،

ولكن الواقع هو أن منظومة التأمين الصحي الجديدة مازالت متعثرة في محافظات المرحلة الأولى وبنسبة إنجاز 5% فقط رغم مرور 6 سنوات على اصدار القانون رقم 2 لسنة 2018 ،

وهذا يعنى وجود حالة من الفشل الواضح في الالتزام بالجدول الزمنى التشغيلي لتنفيذ القانون ،

ويعنى بالتالي غياب أية ضمانات حكومية لرعاية محدودي الدخل والفقراء صحيا ، ومن ناحية أخرى فإن التأمين الصحي القديم الحالي

والذى يغطى نسبة 58% فقط من الشعب قد أصدر لائحة جديدة في شهر أبريل 2024 ؛

رفعت أسعار 500 خدمة صحية مقدمة للمنتفعين وهم من فئة محدودي الدخل من أصحاب المعاشات والموظفين ،

وليس لديهم أية طاقة مالية للتعامل مع المستشفيات الحكومية بعد الخصخصة .

الفكرة الأساسية التي طرحها السيسى في جلسات مؤتمر حكاية وطن في بداية شهر أكتوبر 2023

وعند تناوله فكرة الخصخصة كانت في اقتناعه بفشل الحكومة في الإدارة،

وأن القطاع الخاص يمتلك قدرات ومهارات إدارية أفضل بكثير من الحكومة

وبالتالي فإن منح المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص تحقق نتيجة أفضل،

ولكن تلك التصريحات تحمل في طياتها اعتراف صريح بعدم مقدرة الحكومة على ضمان جودة الخدمات الصحية،

لأن الرقابة والمتابعة لضمان الجودة من إحدى جوانب الإدارة والتي سبق وأن أقر السيسى نفسه بفشلها.

فجوة في المجتمع

تناول تلك النقطة تحديدا يلزمه مراجعة تصريحات جميع المسئولين والتي تبدأ دائما بعبارة ” بناء على توجيهات الإدارة السياسية فقد تم الآتى ”

وهذا يعنى ببساطة أن الحكومة مجرد منفذ وفقط دون وجود أية رؤية أو استراتيجية أو حتى خطة مسبقة ،

ومن ناحية أخرى فإن القيادة السياسية أعلنت مرارا وتكرارا عدم الاقتناع بفكرة دراسات الجدوى ،

وبناء عليه فإنه لا توجد أية دراسات مجتمعية حقيقية لتأثير ذلك على عموم المواطنين خاصة الطبقات الفقيرة منهم .

تعارض المشروع مع الدستور

“قانون تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الطبية في مصر”

والذى أقره البرلمان نهائيا اليوم 20مايو2024 يتعارض كليا وجزئيا مع المادة 18 من دستور 2014 ؛

ويوجد تشويه بمفهوم إعطاء الفرصة للقطاع الخاص والذى يعنى إنشاء مستشفيات جديدة وزيادة عدد الأسرة في توزيع جغرافي يشمل جميع مناطق البلاد ،

وليس كما قال السيسى بأنه يعطى المستشفى الحكومى للمستثمر ثم يشترى منه الخدمة ، وحتى نسبة الحصول على تلك الخدمة لم ترد في القانون

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى