“هنا فنادق غزة”، عنوانها الوطن، أنفاسها مقاومة، قناديلها شهداء، الإقامة فيها مختلفة وتكلفتها عالية لا يقدر عليها إلا الأغنياء، ولكنه غنى من نوع خاص، تصنعه أرض القطاع برجالها وأبنائها ونسائها.
ففي أرضها وعليها فنادق ترد بقوة على الدعاية السوداء التي ملأ بها الاحتلال وأذنابه الدنيا في الفترة الأخيرة لضرب صفوف المقاومة وتأليب الشعب عليهم، فادعى أن قيادات المقاومة تركت الناس لتموت بينما هربت وأولادها للإقامة في قطر وتركيا.
وتأبى الأيام والأحداث إلا الرد بمنطقها وترتيبها، فتُعلن عن قائد من نوع خاص على أرض رفح التي تقصفها طائرات الاحتلال وآلياته ليل نهار محاولة اقتحامها، ومن وسط الانفجارات وعلى أصوات القصف والدمار تنقل لنا الأخبار فِعل ” محمد شبانة” قائد لواء رفح والذي اختار أن يكتب صفحة خاصة به في سجل الحرية والأحرار .
فقد اكتشف ثغرة في قوات الاحتلال المتقدمة للسيطرة على المدينة المزدحمة باللاجئين والنساء والأطفال والجرحى، يضع خطته لاختراق الثغرة وإحداث أكبر قدر من الخسائر داخل صفوف العدو، يختار فدائي للتقدم بينهم وإيقافهم، المفاجأة أنه اختار ابنه البكر أنس الذي تقدم ليرتقي شهيدًا ويلحق بأخويه وقد سبقاه في السابع من أكتوبر .
وعلى غير بعيد منهم تحتفظ ذاكرة الشعوب بمشهد تلقي رئيس المكتب السياسي ل”حماس” خبر ارتقاء ثلاثة من أبنائه واثنين من أحفاده باستهداف الاحتلال لهم في غزة، والذي يخرج بعدها ليؤكد على استشهاد ما يقارب الستين من أفراد عائلته.
فإن كان هذا حال القيادة فلا عجب من أن يتحول الجنود لأساطير في المقاومة تحارب أقوى الدول والجيوش وحدها على مدار أشهر فما لانت ولا انكسرت، بل اختارت الموت لتحيا فلسطين .