مسؤولية السلع أم السياسة الخاطئة..مَن المتسبب في ارتفاع التضخم بمصر؟
مع الارتفاع المتزايد للتضخم في مصر وزيادة أسعار الكثير من السلع، تتخذ الحكومة المصرية مسارات حلولية لكبح جماح التضخم والسيطرة على الأسواق لا سيما بعد أن ظهرت مؤشرات أخيرة تفيد بأن التضخم في تصاعد مستمر وإن كانت بوتيرة أقل، وقد تجلى صدى هذا التصاعد في تراجع القوة الشرائية لكثير من السلع الأساسية، وذلك بحسب جهاز التعبئة العامة والإحصاء الذي أفاد بأن أسعار الطعام والمشروبات ارتفعت إلى 40.5% على أساس سنوي في الشهر الماضي، في حين زادت أسعار الملابس والأحذية إلى 25.7%، والسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود 10.2%.
تقارير أخرى تفيد بأن التضخم في مصر قد يشهد تراجعا في الأشهر المقبلة، فقد توقع بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس انخفاض معدل التضخم في مصر إلى نحو 22% على أساس سنوي بحلول نهاية العام الجاري، وذلك من تقديرات سابقة عند 20%.. وقال البنك في مذكرة بحثية إنه بعد ارتفاع مفاجئ للتضخم بمصر في فبراير/ شباط، فإنه عدل توقعاته للتضخم ويستمر في تقدير حدوث تباطؤ تدريجي في مسار التضخم في الأشهر المقبلة.
وارتفع المعدل السنوي لتضخم السلع غير الغذائية ليسجل 27.3 % خلال أبريل 2024 مقابل نحو 25.7 في المئة خلال مارس 2024، ويأتي الارتفاع في المعدل السنوي لتضخم السلع غير الغذائية تزامناً مع إعلان لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية عن رفع أسعار منتجات الوقود خلال اجتماعها في الـ22 من مارس 2024.
خطوات حكومية
وأرجع مسؤولون حكوميون أن سبب التضخم هو ارتفاع الأسعار عالميا وتأثير الحرب الروسية على أوكرانيا في سلاسل الإمداد والأمن الغذائي وحركة التجارة العالمية، كما أرجعوا ارتفاع الأسعار إلى أن جزءا كبيرا من التضخم في مصر مستورد والكثير منه بسبب مشاكل الإمداد، وعكس ما تقوله الحكومة يرى خبراء أن هناك عدة عوامل تؤثر في ارتفاع أسعار الغذاء في مصر، أولها سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ومدى توفر العملة الصعبة، والصعوبات التي تواجه الاستيراد، وتراجع المعروض من السلع وعدم وجود بدائل محلية لمواجهة النقص في البضائع المستوردة تتيح المنافسة وتتيح للمستهلك الاختيار من بين بدائل متعددة، إلى جانب ندرة مواد التصنيع لتوفير السلع وندرة السلع نفسها، وارتفاع التكلفة لدى التاجر والمنتج والمستورد.
وفي إطار توجيه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بالمتابعة المستمرة لهذا الملف من جانب مختلف جهات وأجهزة الدولة المعنية، للتأكد من توفير السلع والبضائع بكميات وأسعار مخفضة، ومتابعة الأسواق واتخاذ الإجراءات ضد أي مخالفات يتم رصدها تتجه الحكومة المصرية لحصر جميع السلع المسؤولة عن ارتفاع معدلات التضخم، وقال في اجتماع وزاري: إن الفترة المقبلة ستشهد عقد مزيد من الاجتماعات واللقاءات مع مسؤولي اتحاد الدواجن، بهدف الوصول إلى تخفيضات في هذا القطاع، ومسؤولي قطاع الخضراوات والفواكه، مؤكداً الاستمرار في جهود زيادة منافذ البيع لمختلف تلك المنتجات والسلع، حتى لا يتم رفع الأسعار من خلال السلاسل الوسيطة، ما طرح كثير من التساؤلات: هل التضخم يرتبط فقط بارتفاع أسعار سلع معينة أم بسياسات الحكومة والغرق في دوامة الديون الداخلية والخارجية بالتالي أثّر على الإنفاق العام وتوفير السلع للمواطنين؟
مسكنات اقتصادية
ويرى الباحث الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، أن هناك عوامل خارجية وداخلية أدت إلى ارتفاع معدل التضخم في مصر، مشيرًا إلى أن موجة التضخم باتت سائدة في جميع أنحاء العالم، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة في الأسواق الدولية جراء الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها أيضًا على أسعار السلع والشحن وغيرها.
أما محليًا، فأشار في حديثه إلى “موقع أخبار الغد” إلى أن الدولة المصرية تعتمد على “المسكنّات” في التعامل مع قضاياها الاقتصادية المهمة، من خلال اعتمادها على النقد الأجنبي بنسبة كبيرة والقروض من الخارج، لذلك ظهر الخلل مع بدء الأزمات العالمية، ما أدى إلى قيمة الجنيه المصري.
وأكد أن الحكومة المصرية عاجزة عن تقديم خطة لتخفيض قيمة الدين العام بشقيه المحلي والخارجي عن نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وبدونها فإن عمل الحكومة يقتصر على حلول شكلية وستستمر مصر في دوامة الديون وارتفاح التضخم.