مصرمقالات ورأى

قطب العربي يكتب: فتنة القبائل في مصر… من سيطفئها؟

وكأن مصر ينقصها المزيد من المشاكل والفتن بينما هي تواجه فتنة كبرى على حدودها الشرقية باقتحام الكيان الصهيوني بمدرعاته لمحور فيلادلفيا(صلاح الدين)، الذي سبق أن حددته الحكومة المصرية خطا أحمرا، وبدلا من الانشغال بالمخاطر الحقيقية على الحدود الشرقية ما يستدعي تمتين الجبهة الداخلية إذ بالسلطات الرسمية تطلق عفريتا أو فتنة جديدة هو اتحاد القبائل العربية، لتفجر في المجتمع فتنة نائمة، وعنصرية بغيضة تجاوزها المجتمع المصري منذ قرون طويلة.

اتحاد القبائل العربية الجديد فكرة وتأسيسا، وعضوية وهيكلا تم تصميمه داخل أقبية الأجهزة الأمنية المفترض بها أكثر من غيرها إدراك مكامن الخطر على الأمن القومي المصري وعلى التماسك المجتمعي، فإذ بها هي التي تصنع لغما كبيرا قابلا للانفجار في وجه المجتمع كله، وقد بدأت نذر هذا الانفجار ببيانات متصاعدة من أطراف مجتمعية متنوعة رافضة للاتحاد الجديد، وللفلسلفة التي قام عليها، ولطريقة عمله والعقلية الميليشياوية التي تديره.

القبائل العربية، أو العائلات ذات الجذور العربية هي جزء من نسيج المجتمع المصري، وتنتشر في كل المحافظات المصرية، لكن تجمعات القبائل العربية البدوية تنتشر أساسا في مناطق الحدود الشرقية والغربية والجنوبية، وجزء كبير منها في محافظات الحضر المصرية وخصوصا الصعيد، وقد فجر تأسيس اتحاد القبائل العربية وترؤس رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني له (وترؤس السيسي له شرفيا) تقسيما جديدا للمجتمع بين مصريين أصليين ومصريين وافدين، أو حتى غزاة بتعبير بعض الرافضين للفتح الإسلامي لمصر.

حالة الرفض المجتمعي الواسع للاتحاد الجديد لم تقتصر على النخب السياسية اليسارية والليبرالية والإسلامية باعتباره تهديدا للوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي بل امتدت إلى رموز قبلية أيضا رأت هذا الاتحاد خطرا على القبائل ذاتها إضافة إلى كونه خطرا على الوطن، كما أن بعض الأصوات المعارضة تبني رفضها على قناعات قبلية، وترى نفسها الأحق بتمثيل القبائل العربية من إبراهيم العرجاني وهو ما وجدناه في بيان زعم تعبيره عن الأشراف والقبائل العربية في الصعيد والغرب.

من المواقف الرافضة أيضا نرصد أصواتا مسيحية مصرية ترى الاتحاد كيانا عنصريا يقتصر على جزء من المصريين فقط، ويشكل خطرا عليهم، وهو الموقف ذاته الذي تبنته أصوات نوبية مصرية لها تجربة مع اتحاد قبائل عربية محلي في أسوان، بخلاف اعتراض مجلس آخر للقبائل العربية والمصرية كان يعمل تحت رعاية رسمية أيضا من قبل لكن هذه الرعاية تخلت عنه الآن لصالح الكيان الجديد، واعتراض العديد من رموز القبائل البدوية في الوادي والمنطقة الغربية.

ربما نجد هرولة من البعض نحو هذا الاتحاد الجديد بدافع مصلحي، ووجاهي خاصة مع وجود السيسي على رأسه كرئيس شرفي، ما يذكرنا بهرولة أعضاء حزب مصر الحاكم منذ منتصف السبعينات إلى الحزب الوطني الذي أسسه السادات في العام 1980، حيث رأى المهرولون أن مصالحهم انتقلت إلى هذا الحزب الجديد الذي يرأسه رئيس الدولة!!، ولكن رغم هرولة البعض ستبقى الأغلبية بعيدا عن هذه الفتنة.

لا تستقيم المشروعات والتنظيمات القبلية مع الدولة الحديثة، لكنها تظهر خلال مراحل ضعف الدولة حيث يبحث البعض عن مظلات حماية أمنية واقتصادية واجتماعية من خلال القبيلة، والنسب الذي يجد فيه سلواه، ومن الواضح أن مصر تعيش حاليا حالة من الضعف البنيوي سمحت بظهور هذه الاتحادات القبلية، كما سمحت بظهور ظاهرة صبري نخنوخ،

وظاهرة التجرؤ على ثوابت الدين الإسلامي من خلال مؤسسة تكوين، ومنظمات أخرى ممولة من الخارج، وفي الوقت نفسه لم تعد الدولة قادرة على اتخاذ الموقف المناسب تجاه الكيان الصهيوني الذي حطم خطها الأحمر الذي رسمته وحددته بمحور فيلادلفييا (صلاح الدين) والذي لم يكتف جيش الاحتلال بانتهاكه بمدرعاته بل تجاوزه إلى بوابة معبر رفح من الجانب الفلسطيني ونزعه للعلم الفلسطيني وإحلال علم الكيان محله، وكل ذلك انتهاك إسرائيلي واضح لاتفاقية السلام وكذا لاتفاقية المعابر المكملة لها في 2005، وكان يستوجب ردا مصريا حاسما.

في ظل الدولة الضعيفة تنتشر ظاهرة السلاح في يد العصابات والبلطجية، ويضطر الأسوياء للتسلح أيضا لحماية أنفسهم وأسرهم وممتلكاتهم من تلك العصابات، التي سيجد بعضها غطاء رسميا تحت رعاية الدولة وقد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لبعض الشباب البدوي يستقلون سيارات ويحطمون حواجز شرطية رافعين صوتهم (نحن الحكومة)، وقد يتكرر هذا المشهد حين تنتشر فروه الاتحاد الجديد ويمنح بطاقات عضوية للكثيرين يستغلونها في أعمال البلطجة الخ.

نحن أمام فتنة تزداد اشتعالا يوما بعد يوم، وتنتظر من يتقدم لإخماد نيرانها سواء من مؤسسات الدولة، أو المجتمع المدني أو عقلاء العائلات والقبائل نفسها، وإذا لم ترفع السلطة دعمها ورعايتها لهذا الاتحاد فليتحرك أهل القانون لمنع تسجيله باعتباره مخالفا للدستور والقانون، وخطرا على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى