مصر تموت أمامكم .. وأنتم تنظرون . ما يحدث فى مصر فى ظل هذا النظام يفوق الخيال .. كل المحرمات أصبحت مباحة وكل المنكر أصبح معروفا وكل المعروف أصبح منكرا .. والعناوين كثيرة ومروعة : بيع مصر أصبح أمرا عاديا مادام يتم بالتقسيط وهى على الأقل مجرد وجهة نظر . إغراق مصر فى الديون والاستدانة لسد الديون أصبحت سياسة الاصلاح الاقتصادى ، الاستيراد بدلا من الانتاج هو السياسة الاقتصادية الرشيدة .. الخ ولكن هذا الركوع المذل أمام اسرائيل وأمريكا هو عنوان هذه المأساة الكبرى .
مرت سبعة شهور على مذابح غزة التى تجرى أمام عيون مصر وتحت أنفها وعلى حدودها ، وموقفنا يزداد سوءا .. انتفض العالم كله ما عدا مصر وهى المضارة أكثر من غيرها ، وهى المسئولة أكثر من غيرها بحكم الجوار . وأعلنت مصر الرسمية أنها عاجزة ليس عن القتال ولكن عن مجرد إرسال المساعدات الغذائية والطبية لغزة إلا بموافقة اسرائيل ، وصمت الناس وكأنهم استمعوا لحجة دامغة ، وبدأ الفلسطينيون يتساقطون موتا من الجوع ونقص العلاج ، ونحن ثابتون على موقفنا . وأصبحت مصر هى الشريك الأهم فى العدوان الاسرائيلى لأن الفلسطينيين لن يهزموا بالقصف ولكن يمكن أن يهزموا بالجوع والعطش وقلة العلاج حتى الكهرباء والمياه مقطوعة منذ 7 شهور ونحن نشعر بالضجر عند قطع الكهرباء لساعة أو ساعتين فى اليوم .
سمحوا للناس ببعض الكلام على الانترنت ولكن التظاهر ممنوع ويؤدى إلى السجن بل وصل الأمر لتحريم الأعلام والكوفية الفلسطينية التى انتشرت فى العالم بأسره عدا مصر . وأخيرا اعتقل 6 شباب لتعليق لافتة واحدة للتضامن مع فلسطين .
والآن جاءت الطامة الكبرى .. مساء أمس تسللت القوات الاسرائيلية واحتلت معبر رفح المصرى الفلسطينى وكل محور فيلادلفيا ورفعت العلم الاسرائيلى على الدبابات بالمخالفة الصريحة لكامب ديفيد التى طالما قدسها حكام مصر منذ عقود ، والآن عندما تخرقها اسرائيل نصدر بيان يقول : لا لايصح هذا أيها الأصدقاء .
بالاضافة لقدسية الدم الفلسطينى الذى ضحينا به ، فنحن الآن نضحى بكرامتنا وشرفنا كمصريين . ومن هانت عليه نفسه كان على الناس أهون . وشرف مصر والمصريين كلهم أصبح على المحك . فإما حياة تسر الصديق أو ممات يغيظ العدى .
أدعو كل المثقفين وأصحاب الرأى والشخصيات العامة إلى الاتفاق على أى مكان فى أى قاعة لتدارس الأمر الجلل .. وتحديد الموقف المصرى الوطنى من الغزو الاسرائيلى لحدود مصر فى إطار الحملة الدموية على الشعب الفلسطينى منذ 7 شهور .
