بعد أيام قليلة، يحتفل المصريون بعيد شم النسيم وقد قال الله تعالى على لسان فرعون مصر في سورة طه “قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)” عندما تحدى فرعون مصر نبي الله موسى عليه السلام وقال فرعون موعدكم يوم الزينة، وهو موعد مشهود لدى الفراعنة حيث كان يعتبر أحد الأعياد المصرية التي كان يحتفل بها المصريون القدماء.
ومن اللافت أن المصريين لا يزالون يحتفلون بهذا العيد بنفس الحماس والفرح كما كانوا يحتفلون به في الأزمان القديمة. والملاحظ هو أن هذا الاحتفال له مكانة كبيرة في قلوب المصريين بغض النظر عن الظروف السياسية والاجتماعية التي يمرون بها.
وبغض النظر عن الخلفية التاريخية لهذا اليوم وتقاليده، فإنه لا يجوز لنا تشبيه الإعلاميين والصحفيين والشعراء الموالين للحاكم بسحرة فرعون، فالسحرة كانوا كفرة في بداية النهار وشهداء بررة في نهايته عكس دين بعض الإعلاميين والشعراء، الذين يتنافسون في ميدان بلاط الحكام لنيل الهدايا والعطايا من قوت وحساب الشعب والفقراء ليعبث بها المنافقون
وقد وقف المتنبي في بلاط سيف الدولة ليعبر عن التنافس بين الشعراء، وفي عهد كافور الأخشيدي ضرب مصر المحروسة زلزال مدمر فقال المتنبي متملقاً كافور قصيدته المشهورة التي منها
مَا زَلْزَلَتْ مِصْرُ لِشَرّ يُرَاد بِهَا . . بَلْ رَقَصَتْ مِنْ عَدْلِكُمْ طَرَبًا
وبعد ذلك، هاجم المتنبي نفس حاكم مصر كافور الأخشيدي عندما لم يحقق ما تمناه ويتبادر إلى ذهني بيت هجاء للمتنبي
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها .. فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ
صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَ .. فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ .. إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ
وعلى مر العصور، كان للإعلاميين والصحفيين دور مهم في نقل الأحداث وتغطية الأخبار بشكل موضوعي وواقعي. ومع ذلك، يتغير هذا الدور تبعاً للظروف والأنظمة السياسية في بعض الأحيان فيجب علينا أن نتجنب استغلال السلطة وتضليل الجمهور، وأن نعمل لصالح المصلحة العامة بدلاً من استمرار تقديم الأكاذيب والتضليل من أجل مصالحنا الشخصية.
وتحت حكم الفرعون في مصر القديمة، كان السحرة والشعراء يعتبرون جزءاً مهماً من النخبة وكانوا يحظون بدعم الحاكم. ويرى البعض أنهم كانوا يساهمون في تشكيل الرأي العام ونشر الثقافة المؤيدة لحكم الفرعون.
وبغض النظر عن الظروف التاريخية والسياسية، يظل دور الإعلاميين والصحفيين في نقل الحقيقة وتوثيق الأحداث بمهنية ونزاهة أمراً حيوياً لصحة الديموقراطية والحرية.
وفي الوقت الحاضر، يواجه الإعلاميون والصحفيون الذين يناضلون من أجل حرية التعبير والصحافة المستقلة تحديات كبيرة. ففي بعض الدول تعاني من تضييق الحكومة على حرية الإعلام وتكميم أفواه الصحفيين، مما يعرض حياتهم وسلامتهم للخطر. على الرغم من التحديات، يظل الصحافيون والإعلاميون الشجعان يواصلون نشر الحقيقة وكشف الفساد، مما يعكس شجاعتهم وتفانيهم في خدمة المجتمع.
وفي البلاد التي يحكمها الطغاة ويمارسون القمع والاضطهاد ضد المعارضين والنشطاء وحتى الصحفيين والإعلاميين الذين يحاولون نقل الحقيقة وكشف الظلم، يكون دورهم مهماً وحيوياً. إنهم يواجهون تحديات كبيرة ويعرضون أنفسهم للخطر من خلال تأديتهم لعملهم بشكل حقيقي وصادق.
وربما يكون الإعلاميون والصحفيون وحتى الشعراء والكتّاب الذين يتبنون مواقف مخالفة للنظام هم الأكثر تأثيراً وتألقاً. فهم يحملون راية الحقيقة والعدالة ويكونون صوت الضعفاء والمظلومين. ولهذا السبب يتم استهدافهم ومحاولة تجريمهم وإسكاتهم بشتى الوسائل، سواء عبر الاعتقالات التعسفية أو التشهير العلني أو حتى الاغتيالات.
ومع ذلك، فإن الشجاعة والإصرار على متابعة الحقيقة والتعبير عنها من قبل تلك الفئة الباسلة والشجاعة لا تقوى أن تكبت وإنهم يستمرون في تقديم الدعم والشفقة والعدالة للذين يعيشون تحت الظلم والقهر.
وفي النهاية، فإن التضحية التي يقدمها الإعلاميون والصحفيون الشجعان تعزز الحقوق والحريات وتساهم في نشر الوعي والتغيير. إنهم يكبرون في عيون الناس ويبقون مصدر إلهام للجميع الذين يسعون للحرية والعدالة.
وأخيراً، يبقى عيد شم النسيم مناسبة مميزة بالنسبة للمصريين حيث يجتمعون للاحتفال والاستمتاع بالطبيعة والأجواء الربيعية، ويعبّرون عن ثقافتهم وتقاليدهم بطريقة ممتعة ومرحة وإنه يوم يجسد المحبة والتسامح والتقارب بين الناس، سواء كانوا مصريين أو غيرهم