في اوائل ستينيات القرن الماضي قطع شقيقي المرحوم اديب دراسته الجامعية في مدينة غرينوبل الفرنسية للتوجه الى مدينة تومبكتو في جمهورية مالي (حيث ولدنا ابناء خليل بشور جميعاً) ،
بعد ان هاجر المرحوم والدي مع شقيقه المرحوم مرشد البلاد الى السودان الفرنسي (مالي اليوم) للعمل كالعديد من المغتربين.
لم تكن غاية اخي اديب يومها العمل التجاري بل تلبية نداء اصدقاء والده وعمه من اركان الحكم الاستقلالي في مالي للإشراف على تأسيس المعهد العربي – الافريقي في توميكتو ،
التي كان يطلق عليها بوابة الاسلام في افريقيا ، من اجل تعليم شباب مالي اللغة العربية التي كانوا يعشقونها بأعتبارها لغة القرآن الكريم
كنت ، وانا الصغير سناً ، اسمع اخي اديب خلال زياراته لبيروت يشرح لاصدقائه عن مدى تعلق اهل مالي بالعربية وبقادة العرب ، وفي مقدمهم الخالد الذكر جمال عبد الناصر ، ورئيس جزائر ما بعد الاستقلال احمد بن بلة، رحمهما الله..
واذكر لاخي اديب كلمات منها .. اذا كانت العروبة هويتنا القومية كعرب…فان العربية هي هوية ثقافية لشعوب عدة في العالم ، لاسيما في افريقيا.. بل كان يدعو الى اقامة جامعة ثقافية عربية عالمية تضم كل الشعوب التي ترى في العربية هوية لغوية وثقافية …
كل هذه الذكريات الجميلة حضرت الى ذهني وانا اسمع ان السنغال توأم مالي في غرب افريقيا قد اعتمدت اللغة العربية لغة رسمية لها ،
كما سمعت من اخي وصديقي السوداني الدكتور محمد حسب الرسول ان رئيس وزراء اثيوبيا الواقعة في شرق افريقيا السيد ابي احمد قد اعلن في حديث له انه يطمح ان يرى بلده عضواً في جامعة الدول العربية ،
بل تذكرت احاديث عدة من الاستاذ الكبير محمد فائق (اطال الله في عمره) عن حجم اهتمام جمال عبد الناصر الكبير بافريقيا التي كان يرى فيها الدائرة الثالثة لمصر بعد الدائرتين العربية والاسلامية ، كما جاء في كتابه الاول بعد ثورة 23 يوليو”فلسفة الثورة” .
تلك الافكار جميعاً حملتها مع اخواتي واخوتي في المركز العريي والدولي للتواصل والتضامن الى الصديق العزيز قطبي المهدي في الخرطوم عام 2010 لنطلق مع جامعة افريقيا في العاصمة السودانية “مؤتمر التضامن العربي – الافريقي” الذي حضره اكثر من 500 طالبة وطالب افريقي بالاضافة الى نخبة من الشخصيات العريية والافريقية،
وكنا نطمح ان يكون مؤسسة دائمة للتفاعل والتواصل الشعبي العربي الافريقي لولا ما حل ببلادنا عموماً ، وبالسودان خصوصاً، من ازمات وعواصف…
فهل من يتولى اليوم بين العرب والافارقة اكمال المهمة، خصوصاً مع ما نراه من مواقف مشرفة للاتحاد الافريقي تجاه الصراع العربي الصهيوني.