أزمة الدعم التمويني تتفاقم وإيقاف 550 ألف بطاقة تموينية ينذر بكارثة غذائية

في خطوة مفاجئة وصادمة أعلن وزير التموين شريف فاروق عن إيقاف نحو 550 ألف بطاقة تموينية اعتبارا من أول أكتوبر الجاري مما ترك المواطنين في حالة من الذهول والقلق بشأن مستقبلهم الغذائي.
ويأتي هذا القرار في وقت حرج تشهد فيه البلاد مناقشات حول الانتقال من نظام الدعم العيني إلى الدعم النقدي وهو ما يضيف تعقيدات إضافية للوضع المتأزم.
القرار ينم عن أزمة حقيقية تتعلق بقاعدة بيانات مستحقي الدعم حيث تسعى وزارة التموين لتنقيتها في إطار التحول إلى النظام الجديد.
ولكن ما هو سبب هذا الإجراء الجذري؟ وفقًا للوزير، فإن السبب الرئيسي يعود إلى اكتشاف حالات سرقة للتيار الكهربائي بين المستفيدين، مما يعني أن آلاف الأسر أصبحت غير قادرة على الحصول على الخبز المدعم والسلع الأساسية.
المواطنون فوجئوا عند محاولة صرف الخبز بأن بطاقاتهم تم إيقافها، مما أدى إلى حالة من الفوضى والارتباك.
قائمة تضم حوالي 500 ألف مواطن أعدتها وزارة الكهرباء أرسلت إلى وزارة التموين، تضمنت محاضر بسرقة التيار الكهربائي، لتزيد الطين بلة بالنسبة للذين يعتمدون على هذه البطاقات في تأمين قوتهم اليومي.
لا تقتصر حالات إيقاف البطاقات التموينية على سرقة الكهرباء فقط، بل تشمل مجموعة من المعايير الصارمة، منها الحصول على راتب شهري يتجاوز 9600 جنيه أو امتلاك سيارات حديثة، بل إن حتى مصاريف التعليم التي تتجاوز 20 ألف جنيه سنويًا أصبحت مبررًا كافيًا لإيقاف الدعم.
كما تم رصد فواتير كهرباء مرتفعة تتجاوز 650 ك/وات شهريًا، مما يضيف عبئًا إضافيًا على كاهل الأسر ذات الدخل المحدود.
وزير التموين لم يكتف بإيقاف بطاقات الدعم بسبب سرقة التيار الكهربائي، بل تم وضع حالات أخرى مثل امتلاك أراضٍ زراعية تتجاوز 10 أفدنة، دفع ضرائب تتجاوز 100 ألف جنيه، وامتلاك شركات برأس مال يتجاوز 10 ملايين جنيه.
حتى أصحاب الصادرات والواردات الكبيرة لم ينجوا من هذا الإجراء، مما يعكس تجاهلًا تامًا للاحتياجات الأساسية للطبقات الأكثر فقراً.
ولم يكن الأمر مقتصرًا على حالات السرقة والثراء، بل إن حالات الوفاة أيضًا كانت سببًا لإيقاف نحو 50 ألف بطاقة تموينية.
حيث قررت الوزارة وقف الدعم لأسر المتوفين دون النظر إلى الظروف الإنسانية، مما يعكس قسوة النظام الذي أصبح يتعامل مع الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع بلا رحمة.
كل هذه القرارات تثير تساؤلات حقيقية حول كيفية إدارة الدعم وتمويله، وكيف ستتعامل الحكومة مع الأزمات الغذائية المحتملة الناتجة عن هذا التوجه الصارم.
فبينما تسعى الدولة لتحسين كفاءة الدعم، فإنها تترك فئات كبيرة من المواطنين بلا حماية، مما ينذر بكارثة إنسانية قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
تظهر هذه القرارات عدم وجود رؤية واضحة أو خطة فعالة للتعامل مع الأزمات المتراكمة. بل إن ما يحدث الآن يعكس عجزًا كبيرًا في إدارة الأمور الاقتصادية والاجتماعية.
فالاعتماد على إجراءات عقابية بدلاً من توفير الدعم الفعلي للأسر الفقيرة ليس حلاً، بل هو تشديد للضغوط على المواطنين الذين يعانون بالفعل.
بينما يُعتبر الانتقال إلى نظام الدعم النقدي خطوة ضرورية في بعض الأحيان، إلا أن الطريقة التي يتم بها تطبيق هذا النظام تُظهر غيابًا تامًا للرؤية الإنسانية.
هل من المقبول أن يُعاقب المواطنون الذين يعانون بالفعل بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم، مثل انقطاع الكهرباء أو ارتفاع الأسعار؟
وفي ظل هذه الظروف العصيبة، تبقى الأسئلة قائمة حول كيفية مواجهة المواطنين لهذه التحديات الجديدة. كيف سيتعامل أولئك الذين فقدوا بطاقاتهم التموينية مع غلاء الأسعار؟ كيف سيتدبرون أمورهم في ظل نقص السلع الأساسية؟
تتزايد المخاوف من أن تؤدي هذه الخطوات إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع بين الطبقات الفقيرة، مما ينذر بمزيد من الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي وقت كان من المفترض أن تسعى الحكومة لتقديم الدعم والمساعدة، نجد أنها تتجه نحو فرض المزيد من العقوبات التي ستزيد من معاناة الأسر المحتاجة.
وإذا كانت الحكومة جادة في إصلاح النظام الاقتصادي، فعليها أن تبدأ بمراجعة شاملة لسياساتها، وأن تتبنى نهجًا إنسانيًا يتماشى مع احتياجات المواطنين بدلاً من تضييق الخناق عليهم. فهل ستستجيب الحكومة لمطالب الناس، أم ستستمر في سياستها الصارمة التي لا تعرف الرحمة؟