من حين لآخر أقوم بتقديم وجه من مصر ..
وأعني به إنسان زي الفل صورة حلوة لمصر ، ويعطي الأمل للشباب اليائس الذي يريد الهجرة من بلده بعدما فشل في العثور على عمل يناسبه.
ومشكلة وجه من مصر أنني بصراحة لا أجده إلا بصعوبة ويمثل إستثناء !!
وهو البحث عن شاب يفكر بطريقة غير تقليدية أو خارج الصندوق بالتعبير العامي ..
والحمد لله وجدتها أخيراً وبالصدفة المحضة وأنا أتحدث مع صديقي “خالد الميقاتي” رجل الأعمال المحترم حيث أخبرني عما تفعله أبنته وعريسها ، قررت بعدها لقاءهم على الفور ..
وهذه الأبنة إسمها “ياسمين” وهي خريجة المدرسة الألماني بالقاهرة من أرقى المدارس في مصر ..
توقعت أن تكون قد أكملت دراستها بالجامعة الأمريكية أو إحدى الجامعات الأجنبية أو الخاصة ..
لكنها إختارت “سكة” أخرى لا تخطر لك على بال ..
بدلاً من أن تدرس البزنس لتكون مثل والدها أو سياحة وفنادق لتكون مثل ست الحبايب واسمها “خديجة لطفي” وهي مرشدة سياحية من الطراز الأول يعرفها كل من يعمل في هذا المجال ..
وتعالى معي علشان تشوف شطارة سيدتي “ياسمين” ..
عايزة تدرس حاجة جديدة وغير تقليدية ..
أخدت تبحث في الإنترنت عن “مبتغاها” ..
طبعاً هناك جامعات أجنبية كبيرة ومشهورة لكنها تريد كلية جديدة في تخصصها غير موجودة في أي مكان آخر ..
وأخيراً وصلت بعد بحث مكثف عما تريده ..
ففي جامعة “فالنسيا” بأسبانيا وهي من الجامعات العريقة كلية جديدة فريدة من نوعها أنشئت حديثاً متخصصة في الطبخ وإدارة المطاعم !!
وعلى الفور قررت تقديم أوراقها هناك وتم قبولها وكانت المصرية بل والعربية الوحيدة في الكلية كلها.
وأنا شخصياً أعلم أن هناك كليات عديدة يتخرج منها الطالب وهو حاصل على شهادة سياحة وفنادق ، ولكنني لا أعلم كلية تعطي بكالوريوس في إدارة المطاعم والطبخ ولا حضرتك كمان !!
وأظن أن هذه البنت الشاطرة اول من تحصل على شهادة في هذا المجال ..
قلت لها : المؤكد أنك كنت غاوية طبخ من صغرك ؟؟
أجابت بأبتسامة ثقة ونجاح .. هذا أمر متوارث في العائلة من أيام جدتي ووالدتي شاطرة جداً في تقديم أحلى وأشهى المأكولات من صنع يديها ، أما أنا قررت تحويل هوايتي تلك إلى عمل ومصدر للرزق بعد دراسته في كلية متخصصة نادراً ما تجد لها مثيل.
[وقد فوجئت وأنا أتحدث معها عن الدراسة بتلك الكلية فهي أربع سنوات مثل بقية الكليات الأخرى].
وبالطبع أعتبرت ذلك يدخل في دنيا العجائب ..
وهل دراسة إدارة المطاعم والطبخ تحتاج إلى كل هذا الوقت ..
ردت قائلة: نعم .. دراسة مكثفة في كل ما يتعلق بهذا الموضوع سواء من ناحية إدارة المطاعم أو الأكلات الموجودة في العالم كله وأنواعها وكيفية صنعها.
وبعد عودتها إلى مصر كان من أقدارها أن تلتقي لعريسها الذي يعمل في ذات مجالها وله قصة هو الآخر تدخل في دنيا العجائب فقد رفض أن يعمل في عمل تقليدي وقرر أن يتجه هو الآخر إلى الطبخ ..
أسمه “يوسف علاء الإبياري” من عائلة عريقة وابن ناس ، ولذلك أصابتني الدهشة بعدما علمت أنه تخرج من جامعة مرموقة في “برشلونة” تخصص مالية ..
وعاد ليعمل في أحد البنوك الكبرى، واللي زيه يكون مطلوب بشدة في البنوك والبزنس والشركات المالية ..
لكنه كما أخبرني لم يجد نفسه في هذا المجال وأنه أختار طريق غلط لابد من تصحيحه بسرعة ، وقرر تحويل هوايته في عمل المأكولات الحلوة إلى عمل فقد شجعته على أن يسلك هذا الطريق ..
مع أن العادي أن تعترض بحجة الخوف على مستقبله ، وإزاي تترك وظيفة مضمونة لتذهب إلى المجهول ..
لكن أسرته وهم أناس متحضرين شجعته ومنها أستمد قوته وانطلق وكان نجاحه في البداية متواضعاً حتى جاء ذلك الوباء الذي أجتاح العالم والمسمى “بالكورونا” فأصاب مجاله في الصميم !!
ولم ييأس هذا الشاب الرائع وصمم على السير في ذات الطريق ..
وبعد إنقضاء تلك المصيبة وتراجعها قام بإنشاء شركة توريدات الطعام بأنواع مختلفة للمطاعم والفنادق والشركات يشرف على إعدادها بنفسه ، وحالياً ما شاء الله شغله ماشي حلو قوي وله العديد من الزبائن وهو في توسع مستمر.
ومشروع المستقبل لابد أن يجمعه مع شريكة عمره وهي شاطرة مثله ومبدعة في عملها ..
وهكذا تجمعهم شراكة العمر في الشغل والبيت أيضاً ، وربنا يوفقهم