تظل قضية دمج الأحزاب السياسية مهمة ومحورية في النقاش السياسي في مصر. فمنذ نظام السابق للرئيس حسني مبارك، تعاني البلد من زيادة عدد الأحزاب دون الحصول على أثر كبير في الساحة السياسية.
وعلى الرغم من أن محاولات دمج الأحزاب تمت في السابق، إلا أن النتائج كانت محدودة ومتقطعة ويعود ذلك جزئياً إلى وجود أحزاب كارتونية تعتبر غير فعالة ولا تساهم بشكل كبير في الحياة السياسية. لذا، يبدو أنه من الضروري للأحزاب السياسية أن تدرس الوضع بجدية وتبحث عن الطرق لدمج تلك الأحزاب وتنظيمها في كيانات أقوى وأكثر فاعلية.
حقا تقف الحاجة لدمج الأحزاب السياسية كمسألة ملحة في مصر. ويمكن تعزيز فعالية الأحزاب عن طريق الدمج لتقليل الانقسامات الداخلية وتعزيز التأثير السياسي. وعندما يتم دمج عدد كبير من الأحزاب في كيانات أقل عدداً، يمكن تقوية أصواتها وتكوين معسكرات سياسية أكثر تأثيراً وقادرة على تحقيق التغيير وأطالب بدمج حوالي 100 حزب في كيانات أقل عدداً وأكبر تأثيراً
وعلى الرغم من أن حزب الوفد كان قوياً وشغل مكانة مهمة خلال ثورة 1919 وساهمت في تعزيز مكانته ككيان سياسي قوي إلا أن تشتته لاحقاً أدى إلى فقدانه لقوته وتأثيره ويعاني من الانشقاقات الداخلية وضعف الوجود في الساحة السياسية .. هذا يظهر حاجة وجدية لدمج الأحزاب بهدف تعزيز تكتلات سياسية قوية وفعالة قادرة على تحقيق تطلعات الشعب المصري وسيكون لدمج الأحزاب دور كبير في تحقيق الاستقرار السياسي وبناء مستقبل مصر المزدهر.
من الواضح أن هناك حاجة لتقييم دور وأداء الأحزاب السياسية الحالية لتحديد الأحزاب غير الفعالة والكارتونية. ويجب علينا أن نكون واقعيين ونعترف بأن هناك أحزاباً لا تلعب دوراً فاعلاً في الشارع السياسي ولا تمثل توجهات الشعب بشكل كافِ.
ومن الضروري أن نتعامل مع هذه القضية بحكمة وتوازن ويجب علينا البدء بتعزيز الأحزاب القائمة التي تتمتع بتأثير قوي وتمثل توجهات ومصالح الشعب بشكل واضح وجيد وقد يكون الدمج بين هذه الأحزاب القوية والمؤثرة مفيداً لتجاوز الأزمة التي تواجهها الأحزاب الحزبية.
ومع ذلك، يجب أيضاً الاهتمام بمبدأ التنوع والحرية السياسية ويجب أن يكون هناك مساحة لتشكيل حزب جديد وتعبر عن رؤية وأفكار جديدة لا تجد تمثيلاً كافياً في الأحزاب القائمة وقد يسهم دمج بعض الأحزاب الصغيرة وغير المؤثرة في تقليل الازدحام وتحسين كفاءة وتأثير الأحزاب الكبرى.
في النهاية، يجب أن يكون التدخل في عملية الدمج واضح المعالم ومستنيراً بالمعايير والمبادئ التي ستحكمها. يجب أن يكون هدفنا النهائي هو بناء نظام سياسي يحقق التوازن بين التعددية والتشدد، ويمثل بصورة فعالة وشاملة جميع فئات ومصالح الشعب.