منذ عام 2017 عندما بدأت تهتز الثوابت الديمقراطية التي اعتدنا عليها على وقع المخرجات الكارثية لتطبيق القوانين المُقيدة للحُريات أخذت على عاتقي مسؤولية أهمية المطالبة بتعديل تلك القوانين التي صدر معظمها أثناء مقاطعة المعارضة لانتخابات عام 2013 ذلك العام المشؤوم الذي أقرت به تلك القوانين والتي اليوم صحيو فجأة نواب المجلس الشبه مُعلق لاهم نواب كاملي الدسم لكي يمارسوا دورهم ولاهم قادرين على أن يمارسون مسؤوليتهم أمام توقعات ببطلان الانتخابات أي أن نوابنا مُعلقون وبالتالي مجلسنا مُعلق فعلياً وليس مجازياً.
على ما يبدو أن أسلوب حادثة اعتقال المرشح السابق القرينة ألقت حجراً في بحر حُرية نوابنا الأكارم وصحتهم من سباتهم قبل قسمهم الذي سيقسمونه بالذود عن حُريات الأمة هذا إذ لم يبطل بحكم محكمة كما يتوقع المراقبون، حادثة اعتقال السيد القرينة لعلها تكون حادثة تُصحي ضمائر نوابنا الذين استنكر جميعهم أسلوب اعتقاله وقالوا بأن الحُريات خط أحمر وهذا أمر جميل، فهل كنتم بحاجة لحادث مثل تلك لكي تعرفوا بأن الحُريات خط أحمر؟ وهل أنتم بحاجة لوصول الأحكام بالسجن لأكثر من عشرة قرون لكي تعرفوا بأن الحُريات خط أحمر!!!؟ وماذا عن توصيات مجلس حقوق الإنسان بتعديل القوانين المقيدة للحريات أين أنتم منها؟ ورغم ذلك ورغم أني شخصياً تحملت عبء إيصال تلك القوانين للمجالس المتعاقبة من عام 2017 وحتى وصل بي الأمر بأن أصل لقناعة بأن لديكم تعليمات بعدم فتح هذا الملف!!!
اليوم الكويت في منعطف تاريخي لا يقل خطورة عن مرحلة ما قبل الغزو العراقي للكويت على ما يبدو نتيجة لعناد ما بات يشكل خطورة على أمن واستقرار المجتمع في كل المجالات، لذلك ونحن أمام هذه المرحلة المرشحة للتصعيد وأمام توجه وإصرار لا يتناسب مع واقعنا اليوم وأمام تحد شعبي بعدم الرجوع لمربع ما قبل عام 90 فأعتقد بأن المرحلة باتت أكثر خطورة من السابق وذلك كنتيجة طبيعية لتغير الأجيال والظروف فما كان وممكن قبل عام 90 أمام أجيال الأمس التي تختلف إختلافاً كلياً عن أجيال اليوم ولا أعتقد بأنه ممكن أمام أجيال اليوم.
وأخيراً علينا جميعا أن نستفيد من حادثة السيد القرينة بغض النظر عن مضمون أسباب احتجازه أو أسلوب اعتقاله وعلينا أن نكون أكثر عمقاً بالتحليل والاستنتاج لما لذلك من أهمية قصوى لاستقرار الوطن في ظل محيط مُضطرب وعالم تكسوه الدماء في كل مكان وعيون شاخصة على وطن تحيط به وتتحين الفرصة للانقضاض عليه، لذلك الحكمة تقتضي التمسك بدولة القانون والدستور ومن يرفض ذلك فهو يعاند التاريخ ومعطياته وأجياله، وحتماً سيدخلنا في تاريخ لا يتناسب مع تاريخ أهل الكويت وتجاربهم لازالت ماثلة أمامنا وبتاريخنا…
فهل نستفيد من تجاربنا وتجارب الأخريين؟
هذا ما آمله فالخط الأحمر ليس الحُريات فقط وإنما هو أمن واستقرار الوطن، وهذا الذي يريده الجميع ويتطلع له اعداء الحُرية والديمقراطية بعيون شاخصةً نحوه…