تراجع استهلاك المصريين للحوم بسبب غلاء الأسعار وارتفاع الاستيراد

أدى الارتفاع الحاد في أسعار اللحوم إلى تقليص استهلاك المصريين بشكل كبير، حيث أوضح تقرير أصدره المركز المصري لبحوث الرأي العام “بصيرة” أن استهلاك المصريين من اللحوم قد تراجع من 18 طن لكل ألف شخص في عام 2018 إلى 9 أطنان فقط لكل ألف شخص في عام 2022. كشف التقرير أن هذا الانخفاض الملحوظ يعكس صعوبة شراء اللحوم نتيجة الزيادات المتتالية في أسعارها.
شهدت أسعار اللحوم في مصر قفزة هائلة خلال العقدين الأخيرين. ارتفعت الأسعار من 35 جنيهاً للكيلوجرام في عام 2005 إلى 50 جنيهاً في 2010، ثم وصلت إلى مستوى 400 جنيه للكيلوجرام على الأقل في عام 2025.
تعود هذه الزيادة بنسبة 900% بين عامي 2010 و2025 إلى العديد من العوامل الاقتصادية والسياسية التي أثرت على السوق المحلي والعالمي.
اعتمدت مصر بشكل متزايد على استيراد اللحوم لتلبية الطلب المحلي، حيث يتم استيراد أكثر من 60% من احتياجات السوق من اللحوم من الخارج.
تستورد مصر اللحوم الحية من دول مثل البرازيل وإسبانيا، بينما يتم استيراد اللحوم المجمدة من الهند والبرازيل. أدى هذا الاعتماد الكبير على الاستيراد إلى تقلبات في الأسعار المحلية نتيجة لارتفاع تكاليف الشحن وأسعار العملات.
لم تتمكن الزيادة الكبيرة في أسعار اللحوم من التوافق مع دخل المواطنين، حيث أشارت البيانات الرسمية إلى أن متوسط نصيب الفرد من اللحوم على مستوى العالم بلغ 41.90 كيلوجرام سنوياً، بينما في مصر لم يتجاوز 9 كيلوجرامات في عام 2022.
يعكس هذا التفاوت الكبير الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه العديد من المواطنين المصريين، خصوصاً في ظل غياب بيانات رسمية عن حجم الاستهلاك خلال العامين الماضيين.
أدت الضغوط الاقتصادية إلى تقلص قدرة الأسر المصرية على شراء اللحوم، على الرغم من ادعاءات الحكومة بأن عام 2022 شهد نمواً اقتصادياً.
ورغم هذه الادعاءات، إلا أن ارتفاع أسعار اللحوم إلى مستويات غير مسبوقة لم ينعكس إيجابياً على حياة المواطنين، حيث كان سعر الكيلو جرام من اللحوم آنذاك لم يتجاوز 170 جنيهاً، في حين تضاعف السعر بشكل ملحوظ في السنوات التالية.
تحاول الأسر المصرية التكيف مع هذا الواقع الصعب عن طريق تقليل استهلاك اللحوم والبحث عن بدائل أخرى أقل تكلفة، مثل الدواجن والأسماك، لكن هذه البدائل أيضاً شهدت ارتفاعاً في أسعارها.
دفع هذا الوضع العديد من المواطنين إلى الاعتماد على الأغذية النباتية بشكل أكبر في وجباتهم اليومية، مع تراجع ملموس في استهلاك البروتينات الحيوانية.
تواجه مصر تحديات كبيرة في تلبية الطلب المحلي على اللحوم بأسعار مناسبة، نتيجة الاعتماد الكبير على الاستيراد وتأثر السوق العالمي بالأزمات الاقتصادية المتتالية.
تحتاج الحكومة إلى البحث عن حلول جذرية لدعم قطاع الإنتاج المحلي من اللحوم وتقليل الاعتماد على الاستيراد من أجل تحقيق استقرار اقتصادي ينعكس إيجابياً على حياة المواطنين.