البعد الجغرافي لا يلغي التاريخ مطلقا ، ثمة ارتباط وثيق بين منطقتنا و البلاد الروسية الشاسعة ،ما يحتم الربط بين ما جرى و يجري في اوكرانيا ، و ما استجد لاحقا في غزة عقب انطلاق عملية طوفان الأقصى .
لنعد الى البدايات ، تعددت أشكال الامبراطورية الروسية لكنها بقيت محافظة على هوية مشرقية مستمدة من قيم الأديان السماوية و تحديدا الإسلام و المسيحية ، و لا ينفصل الأمر عن انبعاث الارثوذكسية من نفس الأرض لاحقا ما صنع هوية وطنية ، هذا ما يعطي زخما حضاريا و ابعادا ثقافية تجعل من روسيا حاضرة في الشرق الاوسط ، كنما ينبغي القول بان الإسلام جزء من الهوية الروسية و التراث الروسي على مر العصور .
حتى في الزمن السوفيياتي ، كانت السياسة الخارجية ترتكز على تمتين العلاقة مع الدول العربية النائشة انطلاقا من شعار ” صداقة الشعوب ” التي رفعته الثورة البولشيفية و دفعت اثمانا باهظة فيما بعد ، فليس من قبيل الصدفة ان تندفع اميركا في نهاية القرن الماضي الى استقطاب انظمة بجوار روسيا مثل جورجيا و اوكرانيا ،كما تفجير حرب الشيشان الانفصالية الأولى و الثانية ،بعدما دعمت حرب افغنستان سابقا باسم الدفاع عن الإسلام و هذه خديعة مترابطة مع سردية حق إسرائيل في الوجود .
هذا لا يلغي ، اشكالية نشوء إسرائيل ككيان مصطنع و مسارعة الاتحاد السوفيياتي للاعتراف به ، كما اجتياح يهود الشرق الاوروبي صدارة الهجرة اليهودية الى أرض الميعاد و اغتصاب الأرض و تهجير الشعب الفلسطيني ، لكن لا بد من الاشارة أيضا الى ان مبادرة الاتحاد السوفياتي و المحور الاشتراكي الى اصدار قرار من الامم المتحدة يصنف الصهيونية بكونها شكل من اشكال العنصرية و التمييز العنصري و دعوة جميع دول العالم لمقاومة الايدولوجية الصهيونية .
بالعودة الى الواقع الراهن ، ما يجمع الحربين في غزة و اوكرانيا هو صراع الحق بوجه الباطل و ليس انقسام العالم بين الشرق الغرب ، فانتماء زيلنكسي الى فكر الصهيونية قولا و فعلا و تطبيقا كان من صلب وصوله الى سدة الرئاسة بعدما كان مجرد ممثل فكاهي و مهرج ، فبالتالي زيلنكسي ليس بطل التحرير بل نظامه المستبد من قام بتحريك الإرهاب وضرب العمق الروسي منذ شهور قليلة تحت ستار محاربة الكفر و هي نكتة سمجة من مهرج فاشل ، في حين ينبرى نفس الغرب الى ابشع تشويه خلقي و اخلاقي في عقل البشرية عبر تبني تغزيز افكار الشذوذ في شتى الميادين ، بما في ذلك حق الاطفال تحديدا جنسهم ، و هذا ما يعتبر تدميرا منهجيا لكل القيم الإنسانية .
لذلك ، تجد نفس المنطلقات الايدولوجية في عملية غسيل العقول عبر ازدواجية المعايير و المقاربات ، فاوكرانيا لا تخوض حرب التحرير و بالتأكيد هي لا تدعو للجهاد المقدس الكاثوليكي او الإسلامي وفق الدعاية الصهيونية ، اوكرانيا مجرد دمية اميركية تستدعي الآن عصابات العالم و مرتزقتها بهدف زعزعة استقرار روسيا ، و كذلك إسرائيل أيضا التي تعتدي على الشعب الفلسطيني باسم اساطير يهودية لا أساس لها من الصحة .
اوكرانيا الوجه الاميركي الاخر من إسرائيل في البلاد الروسية ، عصابات تقتل و تعتدي و تدمر ثم وليس ثوب الضحية، و مع يجمع النظامين هو منهجية العقل الاميركي الذي دأب على اشعال الحروب العبثية لتحقيق المكاسب الاقتصادية و مصادرة ثروات الشعوب و نهبها ، فالقاسم المشترك بين الشرق الاوسط و روسيا يمكن بوجودك ثروات النفط و الغاز .
و للحديث تتمة .