لم يتوقف المحللون كثيرًا.. عند فكرة احتمال أن يعيش الإقليم العربي والشرق أوسطي، في حالة هدوء واستقرار، كثيراً، وطوال ستة أشهر، منذ أن بدأت عملية «طوفان الأقصى»، وذلك للعديد من الأسباب، وفي ضوء المعطيات وتطورات الأوضاع، طوال نصف عام. وفي ضوء ما سبق أن كتبت هنا، فإن على ما يبدو أن عملية «طوفان الأقصى»، بدأت ولن تنتهي، كما أن العدوان والحرب من الجانب الصهيوني ضد شعب غزة، لن يتوقف، والجانبان في حالة تصعيد مستمر، حتى يحقق كل طرف أهدافه أو يفشل، والأمر الحاسم أن من بدأ «طوفان الأقصى»، والتي استمرت ستة أشهر، حتى وصلت إلى مرحلة جديدة أطلق عليها «طوفان الأحرار»، وذلك بعد فتح الساحات العديدة، وزيادة التنسيق فيما بينها، حتى تم استكمال الهيكل الشامل لهذه الساحات، ووحدة عملها. فالمواجهة أصبحت على ما يبدو، أنها «صفرية».
ويمكن إيجاز دواعي انطلاق الإقليم نحو التصعيد الشامل، فيما يلي:
1- تركيبة الحكومة في الكيان الصهيوني: حيث أنها تتكون من اليمين الصهيوني المتوحش والمتطرف، والمتشدد تجاه الفلسطينيين، وكل طرف يضع شرطاً في مواجهة الآخرين، حول النتن/ياهو رئيسًا للحكومة، الذي يجد نفسه مضطراً على التجاوب مع الجميع، تفادياً لسقوط الحكومة، والبدء في محاكمته، ومصيره السجن. ولذلك يرى أن استمرار الحكومة، تعني استمرار الحرب على غزة، والتهديد بحرب شاملة، وخاصة جبهة الشمال الفلسطيني ضد الجنوب اللبناني وحزب الله، والتهديد باكتساح «رفح»، لإجبار أهل غزة على الترحيل، أو القتل العمدي، في إطار نهج الإبادة الجماعية الشاملة «Genocide»، التي يتبناها نتنياهو وحكومته، ضد شعب فلسطين في غزة منذ اليوم التالي لطوفان الأقصى، فدمر الحجر والبشر، بلا تمييز، وراح ضحية ذلك استشهاد نحو «35» ألف، وإصابة نحو «75» ألف مواطن فلسطين، وتشريد بقية الشعب، فضلاً عن سياسات الاغتيالات.. الخ ولذلك، فإن تركيبة الحكومة الصهيونية، وعلى قدر سلوكها وتصرفاتها خلال ستة أشخر كاملة، لا تقود إلى حالة تهدئة أو استقرار، بل وضع الإقليم على صفيح ساخن، وإلى تصعيد مستمر وبلا توقف.
2- الدعم الأمريكي الشامل والمطلق «عسكريًا وماديًا»، لحكومة نتنياهو، ومنذ اليوم الأول، وحتى الآن، ولا تخدعنا التصريحات المسربة، بأن هناك خلافات بين الرئيس الأمريكي وإدارته، وحكومة النتن/ياهو، وآخر مساعدات أمريكا رسمياً وعبر الكونجرس «13» مليار دولار، بأحدث أنواع الأسلحة والصواريخ والقنابل التي تدمر بصورة غير مسبوقة، وبالتالي فأمريكا شريكة في الحرب، وتساهم مباشرة وغير مباشرة في قتل الفلسطينيين وتدمير غزة!! وعلى العكس لو أرادت أمريكا وقف الحرب، كما يدعي رئيسها ومساعدوه، لاتخذ من الإجراءات ما يجبر حكومة نتنياهو على ذلك، ولكن لأمريكا حسابات أخرى، تسهم في التصعيد!!
3- الفشل في التوصل إلى أية اتفاقيات هدنة، بخلاف الاتفاقية الأولى، والتي بموجبها تم فك أسر وتبادل الأسرى «1: 3»، أي «80» أسير صهيوني، مقابل (240) أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، وتم الإفراج عن هؤلاء، وسرعان ما استمر العدوان الصهيوني، ولم يحقق أي تقدم على الأرض، وفي المقابل فالمقاومة الفلسطينية، مستمرة، والصمود مستمر في مواجهة العدوان، وشروط المقاومة «حماس والجهاد وشركاؤهم» حاسمة، الأمر الذي لم يسهم في التهدئة، بل أن التصعيد مستمر.
4- إصرار الكيان الصهيوني وحكومته، على توسيع دائرة الصراع، بالإصرار على ضرب مدن مدنية داخل لبنان مثل «بعلبك.. وبعض قرى بيروت..»، واغتيال شخصيات على الأرض اللبنانية، والعدوان على السفارة الإيرانية في دمشق، واغتيال «7» شخصيات إيرانية مهمة، ومن نتاج ذلك، فإن احتمالات التصعيد مستمرة، خاصة وأن إيران أكدت على الرد على الكيان الصهيوني بالطريقة التي تراها، وفي الزمن الذي تحدده، وبما يسهم في استمرار توتير الأجواء في الإقليم.
5- استمرار ساحة اليمن وتوسيع نطاقها من غلق باب المندب، إلى منع ومطاردة إلى حد الضرب والإغراق لمن تعترض من السفن التي تحمل علما صهيونياً ومتجهة إلى ميناء أم الرشراش «إيلات» على خليج العقبة، حتى وصل الأمر إلى إعاقة السفن المتجهة للكيان الصهيوني، عن الوصول إلى رأس الرجاء الصالح. وفي المقابل، قيام أمريكا وبريطانيا، بالعدوان على اليمن، واستهداف مدنها في صنعاء والحديدة، لإجبار اليمن «جماعة أنصار الله الحوثية»، على التراجع، ولم يحدث، الأمر الذي يقود إلى غلبة خيار التصعيد والتسخين الدائم في الإقليم. حيث أن اليمن اشترطت وقف العدوان على غزة، حتى يتم إيقاف كل الإجراءات التي اتخذتها ضد الكيان الصهيوني.
6- استمرار الساحة العراقية، وصعود جماعة «النجباء»، بالإضافة إلى «الحشد الشعبي»، ضد أهداف حيوية في الكيان الصهيوني، وكذلك الساحة السورية في القيام ببعض العمليات في الجولان المحتل، يسهم في تصعيد مستمر في حالة التوتر وعدم الاستقرار في الإقليم، وهو أمر داعم للطرف الفلسطيني حتى التحرير والاستقلال.
وفي ضوء هذه العوامل الستة السابقة، مع إضافة ضعف المجتمع الدولي، والتنظيمات الدولية «الأمم المتحدة»، والإقليمية «الجامعة العربية، الاتحاد الأفريقي» في الضغط على الكيان الصهيوني، فضلاً عن ضعف الأداء العربي في ممارسة وتوظيف أوراق الضغط، وهي كثر، الأمر الذي لا يسهم في إيقاف العدوان الصهيوني وإجباره وإجبار أمريكا وأوروبا على الزام الكيان بالتوقف عن العدوان، مما يقود إلى نتيجة مهمة وهي أن الإقليم في تصعيد وتصاعد ويعيش حالة التسخين المستمر، حتى وصل إلى مرحلة «طوفان الأحرار»، وهي إشارة استمرار الصراع في الإقليم بدون توقف، وحتى تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، والأيام القادمة حبلى بالمزيد من الأحداث.