بعد توفر الدولار .. لماذا تستمر أزمة السكر؟
كان لصفقة رأس الحكمة دور في زيادة تدفق النقد الأجنبي لوزارة التموين هذا العام، مما يساعد على استيراد كميات كبيرة من السكر لتلبية الطلب المحلي. يشعر المتعاملون في الأسواق بتحسن طفيف في توفر السكر حاليًا.
ومع ذلك، لا تزال أزمة ارتفاع أسعار السكر تظهر من خلال تجاوز السعر المحدد من قبل وزارة التموين بمعدلات تصل إلى 10 جنيهات. تواجه الحكومة تحديات مستمرة في التعامل مع هذه الأزمة، بما في ذلك زيادة الطلب على السكر من القطاعين الاستهلاكي والصناعي، والتخزين.
تأتي قرارات الحكومة بزيادة كميات السكر المستوردة في إطار توسيع دور الدولة في هذا المجال، نظرًا لعدم قدرة القطاع الخاص على تلبية الطلب بسبب نقص النقد الأجنبي. وتستمر الوزارة في دورها في تلبية الطلب المحلي، مع الإعلان عن صفقات استيراد كبيرة للسكر.
“بعد الانفراجة التي أعقبت صفقة رأس الحكمة، هناك تدفق كبير من العملة الصعبة لاستيراد السكر”، هذا ما صرح به عصام البديوي، رئيس شركة السكر والصناعات التكاملية، للمنصة.
وأشار البديوي إلى أن تراجع الأسعار العالمية للسكر بنسبة 27% يعد من الأسباب التي دفعت التموين للتوسع في الاستيراد هذا العام، حيث بلغ متوسط سعر السكر العالمي 580 دولارًا للطن، مقارنة بـ 800 دولار في نهاية العام الماضي.
من ناحية أخرى، لا يتوقع مسؤول في شركة النوبارية للسكر توسعًا قويًا في استيراد السكر من قبل القطاع الخاص هذا العام، مما يجعل دور الدولة أساسيًا في سد عجز السوق.
وبالإضافة إلى ذلك، يواجهت الحكومة تحديات أخرى مثل ضعف واردات القطاع الخاص وطلب السوق المحلية، بالإضافة إلى ممارسات بعض التجار في تخزين السكر، والتي قد تزيد من استمرارية الأزمة.
ما سبب زيادة الطلب على السكر؟
يتوقع زيادة الطلب على السكر في السوق المحلية هذا العام بمقدار 300 ألف طن مقارنة بالعام الماضي، حيث سيصل إجمالي الطلب إلى حوالي 3.5 مليون طن. هذا ما أفاد به مصدر في القابضة للصناعات الغذائية، التابعة لوزارة التموين، والذي يتابع ملف الاستيراد.
ويعزى هذا الزيادة في الاستهلاك إلى استقبال مصر لعدد كبير من اللاجئين، خاصة من السودان، بالإضافة إلى زيادة تصدير مصر للسلع الغذائية التي تحتوي على السكر بكميات كبيرة.
وأضاف المصدر أن سبب استمرار أزمة نقص السكر يعود إلى تصدير كميات كبيرة من السكر في صورة منتجات غذائية وعصائر إلى السودان واليمن وليبيا، بالإضافة إلى الكميات التي تم توريدها إلى قطاع غزة.
وتفرض وزارة التجارة والصناعة حظرًا على صادرات السكر الخام منذ عام 2023، وذلك بسبب زيادة الطلب على التصدير في ظل نقص النقد الأجنبي. وقد تم تمديد هذا الحظر في مارس/آذار الماضي.
وعلى الرغم من هذا الحظر، تراجعت صادرات السكر خلال الربع الثاني من العام الماضي، الذي شهد تنفيذ القرار، بنسبة قليلة تقدر بحوالي 8%، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. ولا يزال باب التصدير مفتوحًا تحت هذا القرار في حالة توفر السكر بكميات تفوق احتياجات السوق المحلية.
لم تفرض الحكومة حظرًا مماثلًا على صادرات الصناعات الغذائية التي شهدت زيادة بنسبة 14% خلال العام الماضي. وفقًا لرئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، حسن الفندي، تحتاج الصناعات الغذائية إلى ما يقرب من مليون طن من السكر سنويًا، حيث يتم تلبية غالبية هذه الاحتياجات من الإنتاج المحلي عبر شركات الحكومة التابعة لوزارة التموين، مع استيراد نحو 10% من الاحتياجات من الخارج.
ومع ذلك، يرى الفندي أن القطاع الصناعي ليس متورطًا في أزمة السكر التي وقعت العام الماضي، حيث كانت الأزمة نتيجة لتكدس المواطنين في شراء السكر في الربع الأخير من عام 2023 دون سبب مقنع.
مشكلة نقص إمدادات قصب السكر
تسبب تراجع إمدادات قصب السكر للمصانع العام الماضي في مشكلة كبيرة في مواجهة الطلب المحلي الزائد، وهذه المشكلة ما زالت تشكل تحديًا حتى الآن نظرًا لعدم الإعلان عن سعر توريد القصب للمصانع.
وقد شهدت المساحات المزروعة بقصب السكر انخفاضًا خلال موسم 2023 إلى 300 ألف فدان، مقارنة بـ 350 ألف فدان في الموسم السابق، وذلك بسبب انخفاض أسعار الشراء من المصانع التابعة لوزارة التموين، مما أدى إلى تراجع الإنتاج المحلي من السكر.
وتضم شركات السكر التابعة لوزارة التموين 8 شركات تمثل أكثر من 55% من إجمالي إنتاج السكر في مصر، وفقًا للمسؤول في شركة النوبارية.